أطلعت على ما كتبه الأخ عبد الرحمن السماري في زاويته اليومية - مستعجل - بتاريخ 16 رجب الحالي معقباً على ما كان قد كتبه أحد الإخوة في صفحة الرأي حول المساجد التي تنتشر بشكل واسع في بعض أحياء المدن والمحافظات. وهي فكرة لا تخلو من الوجاهة من حيث أن هناك بالفعل حاجة لترشيد بناء المساجد بما يلبي الحاجة الفعلية للأحياء دون نقص أو زيادة لا مبرر لها إلا رغبة بعض الناس في الصلاة في مسجد قريب من منزله، حيث نجم عن التوسع في بناء المساجد الكثير من السلبيات التي في مقدمتها زيادة تكاليف صيانة وتشغيل المساجد على الدولة وهي أعباء تزداد بشكل كبير، ومن السلبيات تفرق الجيران، حيث يصلي كل عشرة أو عشرين شخصاً في مسجد إضافة إلى سلبية تتعلق بالعمارة الفعلية للمساجد وأعني بها عمارتها بالعبادة والصلاة، حيث تبدو بعض المساجد شبه مهجورة اللهم إلا من أفراد يعدون على الأصابع. صحيح أن الكاتب أخطأ التقدير عندما اقترح الاكتفاء بوجود مسجد كبير في وسط كل حي وهو اقتراح لا يلبي الاحتياج الفعلي لبعض الأحياء الكبيرة أو المتوسطة، وقد تصدى الأخ السماري لهذه الفكرة وأنكر على هذا الكاتب بشدة قائلاً: ماذا يضيرك لو يكون في الحي الواحد خمسون أو مائة مسجد وهو رد يفتقر إلى الواقعية والموضوعية، فحتى لو كان إنشاء المساجد على حساب الدولة أو حساب أهل الخير فإن المواطن الغيور لا يرضى بأن تتحمل الدولة نفقات تشغيل وصيانة مساجد زائدة عن الحد لأن هذا من إنفاق الأموال العامة في غير وجوهها الصحيحة، ثم لماذا يكون الكلام حول المساجد مدعاة لسوء الظن بمن يتحدثون عنها من مثل قول الأخ السماري في موضوع آخر من تعقيبه: إن بعض من يكتبون عن المساجد لا يعرفون طريق الصلاة فيها. وعلى العموم ففي كل قطاع من القطاعات مآخذه الخاصة التي ليس من المصلحة التغاضي عنها، وفي قطاع المساجد على وجه التحديد يوجد العديد من المآخذ ومنها:
1 - تدخل المواطنين وتهاون بعض المسئولين تسبب في إنشاء مساجد في أماكن غير مستحقة وخاصة في بعض المناطق وهي سلبية تحتاج إلى المعالجة بضوابط غير قابلة للتجاوز.
2 - الغالبية العظمى من القائمين على المساجد من أئمة ومؤذنين وخدم لهم أعمال رسمية أخرى وقد كان ذلك مقبولاً في سنوات مضت، أما الآن ومع وجود ما يربو على 60 ألفاً من العاطلين عن العمل فإن هذا الوضع يحتاج إلى إعادة النظر لأنه من غير العدل أن يستأثر بعض المواطنين بأكثر من عمل من أعمال الدولة بينما غيرهم من المواطنين محرومون من أي عمل من هذه الأعمال.
3 - بيوت الأئمة والمؤذنين مفروض أن تخصص للأئمة والمؤذنين الذين ليس لهم أعمال رسمية حتى تساعدهم على الاستمرار في القيام بأعمال المساجد قليلة الرواتب.
4 - إدارة المساجد والمشاريع في المناطق مفروض أن يتولاها مسئولون تابعون لوزارة الشؤون الإسلامية.
5 - إنشاء المساجد ينبغي أن يكون وفق مخططات معتمدة من الوزارة يراعى فيها البساطة وقلة التكاليف لأن الحاصل الآن أن بعض المساجد وبخاصة الجوامع أصبحت تكاليفها تعد بالملايين بسبب المباهاة في تصميم مخططات باهظة التكاليف على أيدي أفراد غير خاضعين لإشراف الوزارة.
6 - عدم اهتمام المسؤولين في بعض المساجد وكذا المسؤولون في إدارات الأوقاف بترشيد استخدامات الكهرباء سواء من حيث تركيب أجهزة تكييف ووسائل إنارة زائدة عن الحد أو تشغيل كامل الإنارة والتكييف حتى في غير أوقات الحاجة كما في بعض الجوامع. وأعرف بنفسي جامعاً يتم فيه تشغيل كامل أجهزة التكييف التي تقدر بنحو 40 مكيفاً اسبلت إضافة إلى عشرات المراوح واللمبات والثريات حتى في عز النهار وفي أوقات الصلوات العادية التي لا يزيد فيها عدد المصلين في هذا الجامع عن الصف الواحد.
7 - من المآخذ المألوفة أن بعض المتبرعين - هداهم الله - يتدخل في تعيين الإمام والمؤذن والخادم للمسجد الذي قام ببنائه ويكونون في الغالب من أقاربه أو معارفه ويصر على ذلك وكأن المسجد ملك له يعيِّن فيه من يشاء ويبعد عنه من يشاء.
وأخيراً يلاحظ عدم وجود متطوعين محتسبين للصلاة والأذان وخدمة المساجد مع أن هذه الأعمال من أفضل ما يتقرَّب به إلى الله، كما أن أكثر القائمين عليها هم ممن أغناهم الله بمصادر رزق وفيرة أخرى.
محمد حزاب الغفيلي- الرس |