سليمان الشعيبي وتاريخ الرواد
علي الشدي

فقدت بلادنا يوم أمس الأول واحداً من جيل الرواد الذين بفضل الله ثم بفضل عطائهم، كل في مجال اختصاصه، ننعم بما نحن فيه الآن.
هذا الفقيد هو الشيخ سليمان بن عبد العزيز الشعيبي الذي عُرف بالصلاح والتقوى والزهد والتواضع وحب المساكين.. وأنعم بها من صفات عرفناها في الآباء والأجداد.. رحمهم الله رحمة واسعة.
كان سليمان الشعيبي مشرفاً على مزارع للحكومة (تدعى المحطة) وتقع على وادي حنيفة في البديعة وكانت تعتبر أقصى غرب الرياض وهي الآن في وسط المدينة التي كبرت ونمت بشكل فاق جميع التصورات والخطط وعلى هذه المزارع.. كان يعيش البسطاء من الناس المحيطين بها، عن طريق العمل فيها والتزود من الماء والتمر والحطب منها.. ومن القصص المعروفة لدى أهل الرياض أن سليمان الشعيبي -رحمه الله- ضبط أحدهم يسرق تمراً من نخلة في زاوية نائية من المرزعة.. فما كان منه إلا أن تلثم وساعد الشخص على حمل التمر الذي معه قائلاً: (أسرع قبل أن يراك الشعيبي) وحفظ بذلك هيبته وحذّر اللص المسكين وأقول المسكين لأنه يسرق ليأكل فقط.. حذّره حتى لا يعود لمثلها.. وهذه صورة من صور الحكمة التي يفتقدها بعض الناس في مثل هذه المواقف.
وكدليل على حب فقيدنا للبسطاء والمساكين.. لاحظ الجميع عند الصلاة على جثمانه يوم السبت الماضي كثرة المصلين من هذه الشريحة ممن كانوا يعملون تحت إشرافه في المزارع.. وكان يحنو عليهم ويعاملهم كأبنائه تماماً.
ومن جميل المصادفات أن يعمل ابنه عبدالله في قطاع خدمة المزارعين ليكمل مسيرة والده.. الذي قدم خدمات جليلة لقطاع الزراعة منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز.. رحمه الله.
وأخيراً: تاريخ جيل الرواد من سيتولى كتابته؟! سؤال يوجه أولاً إلى دارة الملك عبد العزيز التي فرحنا كثيراً حينما جمعت معلومات مختصرة عنهم.. ولم تصدر حسب علمي حتى الآن. ثم إلى كل مؤرخ مهتم بفترة التأسيس.. ورجالها الذين تحملوا الكثير من شظف العيش وقسوة الحياة لوضع الأساس القوي لرغد العيش الذي يتمتع به الأبناء وربما لا يعرف بعضهم ولا يتصور حجم المعاناة ومقدار الجهد المبذول في صمت من جيل لا يعرف الشكوى أو الضجر، بل كان يعمل بصمت وصبر وجلد واحتساب.
رحم الله - أبا صالح - وأدخله فسيح جناته وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان.