بادئ ذي بدئ أسيل العبارات وأشجيها، وأخطها بأنامل المحبة والتقدير، للكاتب المتألق والضيف الخفيف المطل علينا عبر زاويته المشعة في صفحات المحبوبة الجزيرة الأستاذ جاسر الجاسر، والذي أبدع كعادته في تناول الموضوعات التي يطرحها وحسن صياغتها بطريقة مشوقة تجذب القارئ وتجبره على مواصلة المقالة بأكملها، وإن كان الموضوعات الأخيرة للأيام الفائتة قد نالت استحساناً كبيراً لأهميته وواقعيته الشديدة والمحتمة والتي لا يمكننا أن نغفل عنها بأي حال من الأحوال، وهي التي عنون لها كاتبنا ب ( أنت سعودي..ادفع ). وقد ناولها بشواهد وقصص أكدت تناسق هذا المعنى وملازمته للفرد السعودي أينما يحط رحاله في أي بلاد.
وما أحببت أن أدلو به في هذه المشاركة أن هذا التلازم العجيب منطبق حتى ونحن بين أهلينا وأراضينا، ولا غرابة من ذلك ولا عجب، ولا أظن أن أحداً لم يجابه إحدى محاولات الابتزاز التي نعاني منها في كثير من المرات، فأنت وأنت تستقل سيارتك تجد من يطرق عليك النافذة ويطلب منك نقوداً، ولكونك سعودياً فلا بد أن تدفع، ولو تمنعت عن إكرامه بها فسوف تجد من الكلمات ما لا تحبها تلاحقك، وكذلك يجابهك ذات الموقف وأنت في خير البقاع وفي رحاب المسجد الطاهرة بين يدي الله تعالى، تجد من يقطع ذلك الشعور البديع بصراخ مزعج يطلب المال من الجيوب، وليحاول بأسلوبه أن يبتزها ابتزازاً فاضحاً، فتلك المواقف من محاولات النصب والخداع فرضت نفسها فرضاً على أنظار المواطن السعودي فبات يرقبها في لحظات كثيرة ومرات عديدة، لدرجة أنه ليزفر زفرة حارة يبث معها حرقة صدره المكبوتة.فهذه حالات خديعة تحصل في بلادنا فضلاً عنها في الخارج، والتي أسهب فيها كاتبنا الجاسر بكل اقتدار وتمكن.
ولعله أشار إلى هذا الابتزاز الداخلي في مقالة سابقة ولكني غفلت عن قراءتها، وفقدت ركب مطالعتها، وما نرجو إلا عقولاً مدركة ونفوساً عزيزة تأبى النزول لمستوى النصب والخداع، ومن ملك عزة شامخة فهي هائمة على السحاب تأبى تلطيخ أياديها بأوحال التذلل، وتربأ بنفسها عن مزالق التسول الممجوج بالخداع والمكر، واستغلال العقول الذكية وطمرها تحت الرمال فيغيب عنها النور والبصيرة النافذة، ويحل سواد وعتمة مقفرة، فلا تظل سوى تواصل أعمال المكر والخداع والنصب وهو ما نرجو اضمحلاله، وعلى المستوى القريب زواله.
أحمد بن خالد العبد القادر
Ahmed-khaled@maktoob.co |