Sunday 19th September,200411679العددالأحد 5 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

إعلامنا العربي والانتخابات الأمريكية إعلامنا العربي والانتخابات الأمريكية
د. محمد بن علي آل خريف

ما إن يحين موسم انتخابات الرئاسة الأمريكية إلا وتجد الإعلام العربي بكافة أشكاله المرئية والمسموعة والمقروءة يسخر جميع إمكاناته وبرامجه الاخبارية والتحليلية لهذا الحدث ومآلاته ونتائجه، حتى يخيل للمواطن العربي المسكين من فرط حمى هذه التغطية الساخنة، أن مصير العالم مرهون بنتائج هذه الانتخابات، وقد غفل إعلامنا العربي أو تغافل عن خطورة هذا المنهج الموجه في ترسيخ قوة السيطرة على ذهنية المواطن العربي حتى يكون ومع تتابع هذه الحملات الإعلامية أسيراً من حيث لا يشعر لأوهام طالما سعى الأمريكان ومن لف لفهم لترسيخها في أذهاننا بأن العالم الغربي والأمريكي على وجه الخصوص هو قائد البشرية والمسيطر عليها وهو في نفس الوقت القدوة المثلى لمن ينشد الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن مصيرنا مرهون برضا أو سخط هذه القوة، وان منهج وتوجه الرئيس القادم لهذه القوة له الأثر البالغ - زعموا - في تعاملهم معنا، حتى أثر ذلك على عوام الناس ومن ليس له أدنى اهتمام بهذه القضايا فتجده يتمنى فوز هذا الشخص أو ذاك بفعل تأثير هذا الإعلام الذي وللأسف يسير دون منهج قويم يلبي تطلعات الأمة ويوجه قناعاتها لمزيد من الثقة والتطلع للانعتاق من هذا الضعف المتواصل، مما أوقعه في سياسات لا تخدم في طرحها إلا أهداف القوم بشكل لا يحلمون به. وإلا فإن العارفين بأحوال السياسة الأمريكية يدركون انه مهما كانت سياسات من يرأس هذه القوة ذات منحى إيجابي تجاه قضايا بلد أو شعب بعينه فإنه محكوم ومقيد بخطط وقواعد تعد وترسم من جهات ومراكز ذات نفوذ وسيطرة على سياسة الدولة وبما يحقق المصالح العليا لها بعيدا عن القرارات الفردية والارتجالية المتفشية في العالم الثالث. لا يعني كلامنا ان نوقف أي متابعة للأحداث العالمية بما فيها الانتخابات الأمريكية ولكن المرفوض من وجهة نظرنا هو المبالغة المتميزة لدى إعلامنا العربي في اعطاء هذا الحدث من الهيلمان والإثارة ما لا يخدم توجهات وقناعات العقل العربي على المدى البعيد خاصة في هذا الزمن الذي أصبح كل شيء يمت بصلة للهوية الأمريكية ممقوتاً بفعل السياسات الأمريكية العدائية تجاه هذه الامة والتي زاد سعارها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حتى غدت منهجا يتزايد غلوه تجاه كل ما يمت للعرب والمسلمين بصلة. مما يحتم ان تكون سياسات إعلامنا العربي مستشعرة لسياقات الأحداث العالمية ومراعية لمشاعر المواطن العربي بما يخدم مصالح أمتنا العليا. خاصة وأن الإعلام قد أصبح المحور الأساسي في توجيه الشعوب وصياغة رؤاها مما يعطيه أهمية مضاعفة. فهل يعي ربان إعلامنا هذه الحقائق ويسخروا إمكاناتهم الإعلامية نحو خدمة قضاياهم بدل أن تكون مجرد أبواق للإلهاء ومسخ العقول أو تمارس أدوار خطيرة تكرس هيمنة العدو على عقول أبنائنا بعد ما سيطر علينا بقوته المادية الكاسحة وخسارة عقول أجيال الأمة وفقدانها للثقة في مشروعها الحضاري وقدرتها على النهوض من جديد خسارة لا توازيها أي خسارة مادية بالإمكان تداركها، أما إذا دب فينا الوهن وفقدان الثقة والشعور بالدونية تجاه الآخر فإن ذلك داء يحتاج علاجه إلى جهود مضنية ومكابدات قاهرة. واسبر أخي الموفق أحداث التاريخ الماضية والحاضرة ينبؤك خير خبير بما آلت إليه الأمم والشعوب التي أصابتها الهزيمة النفسية والتبعية الفكرية قبل الهزيمة العسكرية والمادية فاعتبروا يا أولي الألباب.
والله الموفق..

ص.ب: 31886 الرياض 11418
فاكس: 4272675


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved