Sunday 19th September,200411679العددالأحد 5 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

تجار الجَمَال! تجار الجَمَال!
سلوى أبو مدين

قد يكون المعنى بعيد أو عميق المدى وأنا أبحر في خضم هذه الكلمة، وأتوقف وأضع خطا عريضا تحت كلمة تجارة.. فقد أصبح كل شيء في حياتنا يخضع لفروض وقوانين بحتة من صناع الحرف وأولها الجمال.!
نعم ما نراه ونسمعه يؤكد العنوان الذي أرمي إليه، فالجمال أصبح تجارة لمن أراد ذلك.!
حيث أخذت مراكز التجميل تتمركز في كبرى المدن وتتميز بسمعة وموقع، وتستقبل أفضل الأطباء في تجميل البشرة والشعر والقوام إلى آخر القائمة التي لا تعد ولا تحصى!
وليس هذا مربط الفرس، فإن ما ترمي إليه هذه المراكز، أنها وضعت بنودا غير المتعارف عليه، فقيمة الكشف باهظة، ثم يلي ذلك جلسات من العلاج متتالية بل متكررة، وينتهي المطاف عند مبلغ يقدر بالآلاف، وهذه الخطة المتبعة عند كبرى مراكز التجميل.!
وما من سيدة إلا وتبحث عن نضارة شكلها وجمال قوامها وحسن مظهرها، ولكنها تصدم عند أول زيارة بكلمات مقتضبة من الطبيب المعالج، بأن العلاج سوف يكلف مبلغا قدره (....) ، وبذلك يخلي ذمته حتى يضعها في الصورة أو لتتضح لها أكثر، بعد أن يقدم لها شرحا مطولا لحالتها وكيف ستصبح بلمسة سحرية في أيام معدودة، يتبدل حالها وتبدو بملامح تفوق الخيال.!
وتقع السيدة في مأزق ويضعها في خيار أحلاهما مر، بعد أن تبدأ استعدادها لخوض تلك التجربة باهظة التكاليف، التي ستكلفها الكثير الكثير من المال وليس لديها خيار من أجل أن تحظى بجمال أخاذ يرضي نفسها.!
وتبقى رهينة ذاك الهاجس الذي حصرها فيه الطبيب.. وقد تستاء حالتها، وتجد نفسها منساقة وراء أحلام واهية صنعها تاجر، ليس طبيبا يعرض بضاعة مغلفة بأسلوب مبتدع يرغب فيها الزبون.!
نعم فالمريضة زبون والتجارة حرة.!
هذا الأسلوب المتبع في جميع مراكز التجميل أو الجمال، ومنذ الوهلة الأولى ترحاب واستضافة والجميع في الخدمة أشبه بخلية حتى الوصول إلى (روشتة) العلاج التي يصفها الطبيب. عندها تصدم بالحائط الذي يعترض ذلك الحلم وهاجس البحث عن الجمال.. وتتوقف الرغبة بالخذلان والألم.!
فوصفة العلاج، لا يصرفها إلا المركز، بحجة أنها مصنعة وتخضع لتقنية عالية، ولا يوجد العلاج عند الصيدليات المختلفة. بل هو (احتكار) بالمعنى الصحيح..!
وكم من سيدة أصابها إحباط من جراء تلك المراكز، بعد أن تعيش أحلاما وردية، ثم ما تلبث أن تستيقظ وقد هوت أحلامها من أعلى برج.!
وإنني أبعث بنداء عاجل إلى وزارة الصحة: لماذا لا تضع تسعيرة معينة يتناولها الجميع بدءا من قيمة الكشف حتى وصفة العلاج، وتخضع لبنود وشروط ومراقبة.
ولماذا تحتكر هذه المراكز العلاج ولا يعمم عند كبرى الصيدليات، ويصبح لها نسبة من الأرباح!؟
الموضوع بحاجة لوقفة حاسمة من وزارة الصحة في هذا الأمر والجمال أصبح سلعة عند البعض، والسيدة المقتدرة تستطيع أن تبدل سحنتها دون أن تتحمل أي نوع من العذاب؛ بعكس المسكينة التي تحاول أن تفعل شيئا.. ولكن محاولاتها تذهب عبثا.!
ولا زلت أحتاج إلى نظرة ثاقبة من وزارة الصحة لتعالج هذا الأمر!
مرفأ
كل شيء أصبح في الحياة يخضع للمادة إلا المعاني السامية!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved