Sunday 19th September,200411679العددالأحد 5 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

بمناسبة ملتقى المثقفين السعوديين بمناسبة ملتقى المثقفين السعوديين
واقع الثقافة غير مطمئن.. إنما الأمل كبير

المتشائم.. والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الحياة شيئاً جميلاً.. لكن في المقابل فإن المتفائل - خصوصاً المثقف المغمور بالجمال والحب - لا يرى في واقع الثقافة شيئاً جميلاً يغريه بالدخول إلى عوالمها الرحبة اللامتناهية.
الثقافة العامة من المحيط إلى الخليج تبدو عالماً مهمَّشاً.. أو بناءً متهدِّما يقف على أطلاله شعراء بائسون.. وأدباء مساكين.. ومفكرون مغتربون.
لا البناء قابل للاصلاح.. ولا الواقفون قادرون على بناء ما انهدم ولا حتى ترميمه..
والمشكلة أعقد من ذلك بكثير.. بل هي غير قابلة للحل.. والخلل يبدأ أولاً من الفهم المغلوط المتداول لمعنى الثقافة.
فالفنانة - مثلاً - التي تهز وسطها وتلعب بعقول وغرائز البشر صارت بين عشية وضحاها مثقفة.. وصارت الصحف والقنوات الفضائية تتسابق إلى لقائها وسؤالها فلا تخجل من الإجابة والإدلاء برأيها الخاص في السياسة والأدب والاجتماع وما وراء الطبيعة.. وفي كل شيء! وغير هذه الفقاعة المنطفئة دخل في زمرة المثقفين من يلحن في القول ويعقّ لغته الأم ومن صيّرته شهاداته العليا مثقفاً بينما الثقافة تتبرأ منه وتجرأ إلى الله بالشكوى!.. وصار الوصول إلى لقب مثقف لا يستلزم مزيد جهد أو عناء.. بل لا يلزم قراءة كتاب واحد.. وإنما فقط إلمام عام ب(المانشيتات) العريضة التي تتصدر أغلفة المجلات الرخيصة ليصبح صاحبها ملماً بكل شيء وكأنه يعيد صياغة التعريف المتداول للأديب (الذي أخذ من كل علم بطرف) ليصير بعد التحريف (الأخذ من كل غلاف مطبوعة بمعلومة!!).. أليس المثقف هو ذلك المتابع للواقع بكافة جوانبه ومعضلاته؟ أليس المثقف الحقيقي هو ذلك الراهب في مكتبته بين أوراقه وكتبه.. الزاهد في مظاهر الحياة الجوفاء المدافع عن إنسانية الإنسان وقضاياه المصيرية؟.
نعم.. والله.. هذا هو المثقف الحقيقي.. لكنه نَدُرَ بيننا هذه الأيام حين وَجَدَ آخرون - لا مثقفون ولا هم يحزنون - الطريق أمامهم مفروشاً بالورود.. ليظهروا في غفلة من الرقيب والزمن.. دون أن يحدثوا أي أثر.. فضلاً عن أن يتركوا دويّاً يصم الآذان ويفجّر الراكد والعادي والمألوف. إن القلة القليلة من المثقفين الأصلاء ليتحرّجون في تقديم أنفسهم إلى الملأ بصفتهم حاملي مشاعل للفكر ومصابيح للوعي والتقدم لما يرون أمامهم من ظلام يندسّ من خلاله أدعياء الثقافة ومهرجو الكلمة..
هذه خواطر جاءت من وحي عقد اللقاء المرتقب للمثقفين السعوديين في الرياض بإشراف وزارة الثقافة والإعلام في الحادي عشر من شهر شعبان الحالي والذي يعتبر الأول من نوعه في تاريخ الثقافة السعودية وكل ما أخشاه.. ويخشاه غيري من الغيورين على مستقبل الثقافة المتحسرين على واقعها أن تكثر أوراق العمل وتخرج عشرات التوصيات في نهاية الأمر.. ثم لا يتحقق منها أي شيء.

بدر عمر المطيري
شاعر وكاتب سعودي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved