Sunday 19th September,200411679العددالأحد 5 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "فـن"

صوت القارئ صوت القارئ
الأغاني المصوَّرة يجب أن تُعامل معاملة الأفلام المحظورة

إن ما يُعرض هذه الأيام في القنوات الفضائية من أغانٍ عربية مصوَّرة أمر مؤسف ومحزن لحال الفن العربي العريق الذي تميَّز منذ القدم بالكلمة المعبرة، وحسن الأداء، وجمال الصوت. أما ما يُشاهد حالياً فهو عبارة عن أعمال عرضٍ بعيدة كل البعد عن الفن الغنائي، وشبيهة إلى حدٍّ قريب بالأفلام الفاحشة والخليعة، لا يجد فيها المشاهد سوى مشاهدة الحسناوات وهن يعرضن أنفسهن على الشاشات مُظهِرات لزينتهن، وكلهن إغراء وفتن.
وحقيقة إن الأغنية كلمة وصوت ولحن، وجميع هذه العناصر سمعية، ولا أجد ضرورة لعرض الأزياء أو مسابقة الجمال فيها، بل إن وجودها يُقلِّل من شهرتها!! فمثلاً ليس من الضروري أن يكون الاستماع لهذه الأغاني من خلال التلفزيونات، فهناك الكثير يستمع لها عبر الراديو أو المُسجِّل، وفي هذه الحالة لن يكون من الممكن مشاهدة تلك الحسناء أو الراقصة، فهل يمكن الاستماع لهذه الأغنية؟ الجواب طبعاً لا!! وتعليل ذلك هو أن الاستماع لم يكن إعجاباً وتذوقاً لكلمات هذه الأغنية، ولكن لمشاهدة من فيها!! أما وقد ذهبت تلك العارضات فلن يبقى أمام المستمع سوى الاستماع لهذه الكلمات، وللأسف سيجد نفسه عاجزاً عن فهمها، ونافراً من صوت ذلك المغني الذي كانت أغانيه بالأمس القريب قد صُنِّفت في المقدمة!!
عموماً أقول لكل مَنْ لا يشاطرني فيما قلتُ أن يتسور لو أن هذه الأغاني عُرضت لنا أول مرة على الشاشات الفضائية بدون موضة الرقص والإغراء وإظهار الفتن، وبدون عمل يظهر فيه براعة المخرج والمنتج في الفبركة واختيار تلك الأجسام البشرية التي أنعم عليها الخالق عز وجل بنعمة الجمال الساحر والتي تصيب المشاهد بنوبات مغناطيسية تجعله يفقد الإحساس والتحكم في عقله، ويعيش تلك الأغاني دون أن يعرف أو يسمع صوتاً أو حرفاً من كلماتها!! فهل ستجد هذا القبول الهائل لدى المستمعين؟! وهل ستُصنَّف من أفضل الأغاني؟! الجواب متروك لك يا مَنْ لا توافقني الرأي، مع أنني أُؤمن بمقولة: (الاختلاف في الرأي لا يُفسد للودِّ قضية)، فلكل إنسان حريته في الاختيار في هذه الحياة، ومن طبع البشر تباين (الأذواق والمشارب والشهوات)، وعلى قول المثل القديم: (كل ساقط وله لاقط). أما الحكمة التي تقول: (لا يصح إلا الصحيح)، فلم يعد لها في زمننا هذا مكان؛ فالأجدر بها هو الاختفاء وطمس نفسها والتمني، وعلى الله الأماني، أن يرجع زمان فات؛ حيث لا يُوجد تطاول الراقصات المفلسات من موهبة الغناء على هذه المهنة الفنية التي تحتاج إلى الصوت وأداء الفنان وحسن اختياره للكلمات، وليس لهز الخصر والتغنج ورفع الملابس عما سُتر من أجسامهن إن وُجدتْ أصلاً لدى البعض منهن، وابتزاز المشاهد وإشغاله؛ لكي لا يستمع إلى كلمات هذه الأغاني التي أستغرب أن يُسمح بعرضها؛ لما فيها من فساد خلقي وتشويه لاسم الفن الغنائي الذي ينتسب إليه فنانون كبار أَثْرَوا الساحة الفنية بأعمالهم الجيدة والمقتبسة من موروثنا الفني الأصيل، ويحظون باحترام الجميع لما يتمتَّعون به من سمعة جيدة وتربية حسنة بعيدة عن محاكاة الغرب والمجتمعات الفاسدة خلقياً. ومثالنا في ذلك فنان العرب الذي كان -ولا زال- يتربع على عرش الأغنية العربية الأصيلة، ولم يجرفه تيار (الفيديو كليب)؛ لأنه واثق كل الثقة بما يقدمه من اختيار الكلمة وحسن الأداء واحترام ذوق المستمع لفنه، وقد استحق على ذلك لقب (فنان العرب) بشهادة الجميع بما فيهم منافسوه.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved