Sunday 19th September,200411679العددالأحد 5 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

مثقفونا بين الهزيمة والتشنج!! مثقفونا بين الهزيمة والتشنج!!
محمد أبو حمرا

جاءت فسحة من الضوء للصحافة السعودية، وهي فسحة ما زالت إلى الآن تتمدد، وفي مقابلها جاء هجوم من أعداء السعودية بالذات متمدداً بشكل مدروس ومحسوس ومقنن بعناية، ابتداءً من الفضائيات وانتهاءً بما يقرؤه القارئ في الصحف التي تملأ الآفاق في كل مكان، ولم يكن المقصود هو المملكة العربية السعودية كحكومة أو نظام إداري له قواعده وقوة مشاركاته داخلياً وخارجياً فقط، بل المقصود هو السعودية المسلمة لأن هذا الوطن هو قلب العالم الإسلامي النابض، وهو قبلته التي تعلّق بها، ولا يمكن أن يموت الجسد إلا إذا مرض أو انتهى قلبه النابض لا قدر الله، فلابد والحالة هكذا أن تتكالب الأمم على هذه الأمة عن طريق الوسط والقوة والمتانة لها وهو السعودية.
والسبب الآخر للهجوم المنتظم على السعودية هو أنها بلدٌ تحكّم شريعة الله في كل شيء، وهي قامت على هذا الأساس، فإذا ما حاولت أن تتراخى أو أن تنهي علاقتها مع ذلك المفهوم والتطبيق فقد كسب الأعداء الجولة من القلب النابض وجعلوه بؤرة الهجوم حتى يضعف غيره من باب أولى.
ولا أعتقد أن النجاح سوف يحالف المتحالفين أو المراهنين على السعودية، لأن خبرة 300 سنة من الحكم التي اكتسبتها أسرة آل سعود على هذه الأرض ومع هذا الشعب كافية لأن تعطيهم الزخم والقوة والتنبؤ بما يجب أن يفعلوه وما يجب أن يكونوا عليه كشعبٍ وحكومة ودولة، إذن فلا يخاف المواطن السعودي من تلك الحملات المسعورة التي تنطلق من لندن أو واشنطن أو غيرهما من أصقاع الدنيا، لأن الأساس متين والخبرة لحل الأزمات كافية ووافية وقادرة، هذا ما أظن أن يكون بالرغم من الجعجعة والصياح الإعلامي الذي يمثل الضغوط كاختبار لقدرة التحمل والمواجهة والهدوء.
وحيال ذلك المنهج الذي يروع قلب الرعديد، فقد انقسم مثقفونا إلى قسمين رئيسيين وبالرغم أن ثالثهما هو قسم يوارب الباب ويمد يده وقلمه على خجل.
شطح وابتعد من في قلوبهم مرض إلى آفاق بعيدة عن الوطن وعن الأمة وعن الفكر الصائب، وهم يستغلون حرية الصحافة، فصاروا معول ضغط على الأمة والوطن أكثر من الأعداء أنفسهم، وهؤلاء هم من بهرتهم أضواء لا يفيقون أمامها حتى تذهب عنهم وتتركهم في ظلام دامس فلا يجدون سبيلاً، فتجدهم يخلطون معادلات كثيرة قد استقامت ويحاولون أن يهدموا أصولها لتوافق مرضاً في أنفسهم، وغلاً في قلوبهم دفنه العدل والاستقامة هنا، فجاء باب الحرية الصحفية لينفثوا سماً زعافاً تحت مسمى حرية الفكر أو الحوار من الطرف الآخر، وأغلب أولئك يريدون منا أن ننسلخ فجأة من ديننا وعاداتنا الحميدة وأخلاقنا الفاضلة تحت عباءة حرية التعبير أو حرية الرأي أو سماع الطرف الآخر، وهذا ما أظن أنه إنما هو من عوامل الفرقة والتشتت لا جمع الأمة المسلمة الصابرة في سبيل الله من أجل وطن متماسك وأمة كريمة.
ويقابل هؤلاء من هم جامدون في فكر لم يطرأ عليه التجديد ولم يعرف إلا أن يفرض رأيه هو ولا يستمع إلى رأي الآخر، وهؤلاء من الكلاسيكيين الذين أعتقد أن لا مكان لهم في عالم متطوّر ومتحرك نحو آفاق جيدة تخيف أولئك الجامدين، هؤلاء لا يقلون خطراً من أولئك المتحللين من كل شيء، فالمعادلة هنا صعبة جداً، ومخيفة النهاية فيما يتعلق بقولبة الفكر المتجدد، مع أن هناك مسلمات وثوابت لا نوافق على أن تزاح أبداً.أما القسم الثالث من مثقفينا فهم المواربون من خلف شفقة الباب، وهؤلاء هم من ينتفعون من أقلامهم ويحاولون أن يمسكوا العصا من النصف في صراعٍ فكري له آثار لا ينفع فيها المواربة ولا الابتسام الأصفر أو الأخضر الذابل، بل تريد كلمة حق وصدق في حق وصدق أمة لها وزنها وقيمتها الدينية والاقتصادية والسياسية والفكرية، وفي حق وطن لابد أن يتحد ويتماسك، فالمسألة مسألة أمة لا أشخاص.
نحن بين قائمتين من المثقفين، قائمة انهزمت من الصفير فصارت تصفّر وتزمر مع المزمرين من خارج الحي، وفئة جامدة لا حراك فيها سوى ترديد الجمود فقط، أما الفئة الخاسرة (وان انتفعت مادياً) فهي المواربة للباب التي تنظر من خلف الزاوية على حذر، فهل يكون هناك وسطية صادقة ومخلصة عن قناعة لا عن الاصطياد في الماء العكر مثل الوسطيات التي نسمعها تطنطن في كل محطة تلفزيونية؟!!!! ثم مَن المسؤول عن إبراز رموز لم نكن نعرفها لتكون هي وجهنا أمام العالم فكرياً؟ لا أدري!!!
* صدق المصطفى حينما قال (آخر الزمان تتكالب عليكم الأمم.. الحديث) وحينما قال (القابض على دينه كالقابض على جمرة).

فاكس 2372911


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved