Sunday 19th September,200411679العددالأحد 5 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الفتاة الإلكترونية الفتاة الإلكترونية
الشيخ سلمان العودة

الإنترنت عالم واسع غريب عجيب، وقد أخذت جولة واسعة على مواقعه، وخصوصاً ما يتعلَّق بالمرأة، فوجدت ما يلي:
أولاً: هناك عشرات المواقع العربية النسائية منها قدر جيد يمتلك محافظة وروحاً إيمانية، وبعضها ذو طابع شرعي إسلامي أو دعوي، والكثير منها جاد ومتميز، حتى إن بعض المواقع النسائية العادية لا تخلو من روح إيمانية وتذكير، ومعان طيبة، وموضوعات جديدة مفيدة، وهذا لا شك إثر دخول بعض الفتيات الصالحات العاقلات في فضاء الإنترنت، من هذه المواقع: موقع بنات ، صبايا بنات الخليج 4بنات فتيات لها أون لاين نادي الفتيات، بنت net المرأة واحة المرأة إلى غير ذلك من العناوين المختلفة، وهناك مواقع للدفاع، عما يسمى ب(الدفاع عن حقوق المرأة) المرأة العراقية، المرأة الفلسطينية المرأة اليمنية المرأة المصرية المرأة المغربية، وغالب هذه المواقع تقف وراءها إما جهات رسمية كوزارات الثقافة والتنمية، أو بعض المؤسسات، والجمعيات النسائية.
ثانياً: يوجد في غالب المواقع مواد متكررة ومشتركة مثل التعارف والصداقة بين البنات، الزواج، البطاقات، الموضة، الديكور، ملتقى الأطفال، وبطبيعة الحال في كل هذه المواقع وغيرها يوجد محادثات ودردشة، يوجد صور طبيعية، ومناظر وسيارات، يوجد حلول للمشكلات النفسية والاجتماعية، يوجد الأدب والشعر باللغة العربية وباللهجة المحلية أيضاً، وهناك الفتاوى والتوجيهات والمقالات المفيدة، هذه أشياء كثيرة مشتركة في غالب هذه المواقع.
ثالثاً: هناك مواد تتعلَّق بالفن والغزل والعلاقات المنفلتة والرقص والرياضة وعروض الجمال، وكثير مما هو موجود في الإنترنت هو صدى لما يوجد في القنوات الفضائية.
رابعاً: يغلب على هذه المواقع - وهذا مفهوم تماماً - روح العاطفة الجيَّاشة، فكلمات الحب والحنان والوجد والتعلُّق والهوى هي اللغة الرائجة في الشعر والنثر والمحادثات، وغيرها.
خامساً: في تقرير لإحدى المجلات السعودية ذكرت أن 58% من السعوديات يستخدمن الإنترنت، و28% منهن متزوجات، وفي تقديري أن هذه الإحصائية غير صحيحة ربما يصدق هذا على مكان خاص، أو على جامعة أجري عليها الاستطلاع، وليس على صعيد النساء السعوديات تماماً.
سادساً: هناك جرائم أخلاقية قاتلة على الإنترنت، المحادثة تبدأ بالتعارف، ثم الإعجاب، ثم التواصل وبناء العلاقات.
مركز في الإنترنت اسمه مركز (الجريمة) يتكلم عن عربيات وخليجيات يعرضن أجسادهن مباشرة في برنامج البالتوك أو أي برنامج آخر، ويقمن بحركات منافية للآداب والحشمة، من خلال الكاميرات الحيَّة المفتوحة، يقول أصحاب الموقع: لقد صعقنا لما شاهدناه بأعيننا، وسمعناه بآذاننا، فتيات مراهقات في عمر الزهور يعرضن أجسادهن على الشباب من أجل المتعة الحرام.
سألوا واحدة: كيف لها أن تغلق الباب على نفسها، مثل هذه المدة الطويلة؟ فقالت: إن أهلي يثقون بي، ولا يمكن أن يتخيلوا أن أعمل مثل هذا. وهذا يذكِّرني بقصة لفتاة أخرى: كانت تمارس ما تمارس، وتقول لي: إن والدها إذا دخل غرفتها يقول: إنه يشعر بالتقوى والإيمان.
رسائل:
أولاً: رسالة للأهل بأن يقدِّموا التربية قبل الخبز لبناتهم، الرقابة لا بد منها، ولكنها لا تكفي، فالتي تريد الشر تحصل عليه، ومع هذا قد يتطلب الموقف فصل الاشتراك عن الإنترنت نهائياً، ويجب أن يكون الإنترنت في مكان مشترك، وعلى مرأى ومسمع من الجميع، وأن يتم توجيه الأولاد والبنات، إلى طرق الاستخدام الصحيحة، وتعريفهم بالمواقع الجادة، وتحذيرهم من المزالق والمنعطفات، وأن يوضع على الحاسب أجهزة الفلترة التي تمنع الصور الخليعة.
ثانياً: رسالة للفتيات بمراقبة الله جلَّ جلاله، والخوف من عقابه، وتذكِّري أن الله يراك أنت تغلقين الباب عن أهلك، ولو رآك أحد منهم تتسللين إلى موقع إباحي، أو تندمجين في حديث ناعم وجداني زائف، مع شاب لا تعرفينه لربما شعرت بالحرج فلا يكن الله جلَّ جلاله أهون الناظرين إليك، {ِمَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، سورة المجادلة من الآية 7.
أختي الغالية إن الحياة إذا خلت من هدف نبيل؛ فالموت خير منها، وإن الإنسان الحق هو من ينهى نفسه عن الهوى، أما الحيوان فكلما راقه شيء فعله، فاجلسي مع نفسك جلسة مصارحة، ولا تندفعي بغير بصيرة، كوني صريحة مع أمك وضعيها في الصورة، فإن لم يكن فمع إحدى المعلمات، أو القريبات التي تثقين بدينها، وأمانتها، ومحافظتها على السرية، وما زلت أذكر تلك الفتاة، بنت ستة عشر ربيعاً حين قالت لي بالصدفة وقعت عيني على أحد اللاعبين، فتعلقت به، فأول عمل قمت به أن ذهبت إلى والدتي، وأخبرتها بالأمر؛ لأنني لا أضمن نفسي إلى أين ينتهي بي المطاف. إن مثل هذا الموقف الرائع النبيل يستحق الثناء والإكبار، وحين تحتاجين إلى الحديث مع رجل آخر أجنبي، فعليك مراعاة ما يلي:
أولاً: عدم استخدام الصورة في الإنترنت بأي حال من الأحوال، وقد يقول البعض: هناك أصلاً مجال أو تفسير في الصورة، فأقول: جميل ألا يكون هناك مجال، ولا تفسير في الصورة، لكن الشيطان ذكي، وصاحب تجربة، فربما يطرح عليه فكرة الزواج والخطبة والرؤية الشرعية، ونحن كثيراً ما نخدع أنفسنا، ونلبس الخطأ الصريح لبوس الخير والقصد الحسن.
ثانياً: يكفي الخط والكتابة، فإذا احتجت إلى مكالمة، أو محادثة شفوية فالتزمي بالأمر الرباني:
{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً}، (الأحزاب:32)، إذا كان هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكيف بغيرهن، {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، وإذا كان هذا في عهد النبوة؛ فكيف بعصر الإنترنت، والقنوات الفضائية، {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفا}ً.
ثالثاً: الجدية في التناول، وعدم الاسترسال، فيما لا طائلة وراءه. إن الكثير من الشباب، يهمه أن يسمع صوت أنثى، وهكذا المرأة، فهي شقيقة الرجل، فلا تجعلي للشيطان مدخلاً إلى نفسك.
رابعاً: الحذر، واليقظة، وعدم الغفلة، فالذين تحادثينهم أشباح، غير معروفين، قد يدخل الرجل باسم امرأة أو العكس، ما المذهب ما المشرب ما البلد ما الدين ما الملة ما النحلة ما النيَّة ما المقصد؟ وبالتجربة فإنني أقول: المرأة شفافة، وسرعان ما تصدق ما يقوله الرجل، وكثيراً ما تقول الفتاة - إذا قلنا لها هذا الكلام - قالت: كلامك صحيح، لكن الرجل الذي أتعامل معه غير، ثم يتبيَّن بعد ذلك أنه ليس غيراً ولا خيراً، وربما كان عيراً، الرجل الذي يتسلَّل إليك في الإنترنت، أو في الهاتف، مرة ناصح أمين، ربما متدين، ومرة ضحية تئن وتطلب الإنقاذ، ومرة أعزب يبحث عن شريكة حياته، ومرة مريض يريد الشفاء، وفي كل مرة فهو رجل يُعجب بالأنثى، فخذي فأسك، وكوني على حذر، فأنت الضحية.
خامساً: يجب أن تكوني على علاقة جيدة مع أخواتك العاملات في مجال الإنترنت، تعاوناً على البر والتقوى، وتواصياً بالحق والصبر، وحفاظاً على النفس، واجعلي دعوتك ومحادثتك مع البنات، وصُمّي أذنيك عن عواء الذئاب، وإن خُيل إليك أنه هادئ، وجميل، وأخاذ، وما يقال في الإنترنت، يُقال في الهاتف، والهاتف الجوال.
المحادثة عبر الهاتف كم تأخذ من وقت الفتاة، استقبال مكالمات غير معروفة المصدر، التسلية في البداية، ثم التعلُّق والإدمان، وكثرة الاتصال، وتعاطي رسائل عبر الجوال، سخيفة وذات إيحاءات جنسية، فضلاً عن الكم الهائل من الرسائل العاطفية، لا تظني أن هذه الرسائل التي تأتيك هي من إنشائه مثلاً، كلا.فضلاً عن أن تكون تعبيراً صادقاً عن شعوره نحوك، إنها رسالة وصلت إليه فقام بإعادة إرسالها، أو قام باقتباسها من مواقع في الإنترنت إلكترونية متخصصة في رسائل الجوال، فكوني أهلاً للثقة.
وللفتيات الراغبات، في التخلّص من آثام المكالمات الهاتفية - خصوصاً عبر الجوال - ما يلي: تخلَّصي من الهاتف، ولو بشكل مؤقت، غيِّري رقم الجوال الذي يعرفه، اجعليه عائلياً، لا تردي على أي رقم، أو مكالمات لا تعرفينها، برمجي جهازك على تصريف أي رقم آخر غير مخزن لديك، وأولاً وأخيراً تذكري رقابة الله جلَّ جلاله، وتسجيله لكل شيء {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (الأنعام:59)، {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} (يس:12)، {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (الكهف:49).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved