تعليم 21
نعمة الوسط
د. عبدالعزيز سعود العمر (*)

لو علم المسؤول ما في غربلة آراء اليمين وآراء اليسار من خير لمؤسسته لسعى إليها ولو حبواً. فليس هناك ما هو أضر على المؤسسة - أي مؤسسة - من أن يجتمع منسوبوها على رأي بعينه لمجرد أن ذلك الرأي أعجب (كبيرهم). رأي المسؤول على أهميته يبقى في النهاية رأياً فردياً. الرأي الصحيح الذي يحقق أعظم المكاسب بأقل الخسائر هو غالباً الرأي الوسط. لكن الوصول إلى الرأي الوسط سيصبح مستحيلاً إن نحن لم نفسح المجال لظهور كل الآراء في مناخ من الحرية والاحترام، صحيح أن الآراء التي تأتي من أقصى اليمين أو أقصى اليسار قد لا يؤخذ بها إلا أنها تشكل رؤيتنا للرأي الوسط وتحدد موقعه وتزيدنا به قناعة. دعوني أضرب مثلاً، لن أتمكن من تحديد موقع وسط المسطرة إلا إذا حددت بداية ونهاية تدريجها على أقصى طرفيها، عندئذ فقط سأخبرك بكل ثقة أين يقع الوسط.
تحل الكارثة بالمؤسسة عندما يتعامى منسوبوها أو منتفعوها عن كل الآراء الأخرى ويتهافتون حول رأي المسؤول وينافحون عنه ليختل عندئذ توازان مؤسستهم. ما أجملك أيها الوسط، فأنت أنفس خرز القلادة، وعندك يجلس أعظم الرجال، وأنت الرقم الذي يعبِّر عن الحقيقة، وأنت نقطة توازن الأجسام بل (وموضع جمالها)، لقد غبت عن عقول فئة منا فصار لنا ما صار، أنت نعمة.