السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد :
لقد اطلعت على الخبر المنشور في جريدة الجزيرة عدد 11669 ، حول مطاردة سيارة البلدية لبائع (الحبحب) ، وحينما لم يتمكن قائد سيارة البلدية من إيقاف البائع ، قام بصدم سيارته من الخلف.. ثم قام بعد ذلك بضربه ضربا مبرحا في وسط الطريق ، وأمام مرأى الجميع من المارة.فأوحى لي هذا الخبر بهذه الوقفات :
الوقفة الأولى : يفترض فيمن يعهد لهم ممارسة مهام أعمالهم ميدانيا ، أن يكونوا ممن يتميزون بالحلم والأناة وحسن التصرف ، فهم لا يمثلون أنفسهم ، بل الجهة التي ينتمون إليها.
الوقفة الثانية : إن الحاجة الماسة ، هي التي دفعت هؤلاء الباعة لنهج هذا السبيل ، فمن أين سيطعمون أسرهم وينفقون على أنفسهم؟ هل الحل في استجداء المصلين عقب كل صلاة ؟
الوقفة الثالثة : هؤلاء الذين يمضون جل وقتهم ، في مكابدة حر الصيف وزمهرير الشتاء ، ونظرات بعض الناس الساخرة ، يستحقون أعلى درجات التقدير والاحترام ، فبون شاسع بين من يمضي جل يومه وليله في طلب الرزق ، وبين من يذرع الشوارع والتسكع في الأسواق ذهابا وإيابا من غير حاجة.. فهؤلاء المكافحون ، هم الرجال الذين شعروا بعظم بالمسئولية وتحملوا تبعاتها.
الوقفة الرابعة : علاج أي مشكلة يتطلب معرفة الأسباب الداعية لها ، ومن ثم وضع خطط العلاج المناسبة ، أما اختزال الحل في مطاردتهم ، فتوجُّه في غير محله ، فالبلدية منذ سنين طويلة وهي في كر وفر معهم ، والحالة في ازدياد.
الوقفة الخامسة : لو أخرج كل من ملك النصاب زكاته ، لن تجد فقيرا أو محتاجا.
الوقفة السادسة : يجب أن لا يقتصر دور جمعيات البر الخيرية ، على الاهتمام بالنواحي المادية للمحتاجين فقط ، بل عليهم مسئولية تسوية أوضاع هؤلاء المحتاجين مع الجهات المعنية ، لتكون ممارستهم لهذه الأعمال نظامية ، فجمعيات البر الخيرية يفترض أن يكون لديها علم بأحوال هؤلاء المحتاجين ، وفي حال قيام جمعيات البر الخيرية بهذه المسئولية ، تكون قد ضربت عصفورين بحجر واحد ، حيث يتولى مثل هؤلاء المحتاجين الإنفاق على أنفسهم ومن يعولون ، ويتاح للجمعيات الخيرية مد يد المساعدة لأكبر عدد من المحتاجين.الوقفة السابعة : بدأت تظهر في المجتمع ملامح فئتين متضادتين ، فئة بلغت قمة عالية من الثراء والبذخ والترف ، وفئة معدمة تكابد من أجل سد رمق الجوع ، لذا يجب على الغيورين على بلادهم ومجتمعهم مضاعفة الاهتمام بهذا الجانب ، حتى لا يؤدي ذلك إلى استشراء داء الحقد والحسد بين أفراد المجتمع الواحد ، وهذا أمر له ما بعده ، فمَن الذي أخرج إبليس اللعين من الجنة ، وهون على ابن آدم قتله أخيه ، ومنع أبا جهل واليهود من الدخول في الإسلام ، غير الحقد والحسد ، والتاريخ مليء بالأمثلة المشابهة.الوقفة الثامنة : المغرضون يتربصون بنا من كل جانب ، ومما ييسر عليهم تحقيق مآربهم الخبيثة ، استغلال مثل هذه المواقف ، فلابد من قطع الطريق عليهم.
وفق الله الجميع لما فيه الخير.
محمد بن فيصل الفيصل- المجمعة |