هل بإمكان الأمم المتحدة، ممثلةً في مجلس الأمن، إصلاح الوضع في العراق بعد إعلان الأمين العام كوفي عنان أن الحرب الأمريكية في العراق غير شرعية؟
هذا الإعلان الذي اعتبر - على نطاق واسع - أنه جاء متأخراً، هل يعتبر، من جانب آخر، تعبيراً عن ضيق المسؤول الدولي بما يجري في الوقت الراهن في العراق من مذابح تقترب من الإبادة الجماعية؟
وإذا كان الأمر كذلك فهل بإمكان الأمين العام - وفقاً لأية آلية من آليات مجلس الأمن - التدخل لتغيير ما يحدث، أم هل تبادر دولة ما للبناء على ما قاله عنان، وتدفع بمشروع قرار لإصلاح هذا الخلل؟
الأسئلة في هذه المقام عديدة، وهي تتناول - ضمن أشياء أخرى - نوعية الإصلاح المطلوبة، فهل سيتم بإخراج القوات الأجنبية؟ ومدى توافق ذلك مع ما يجري على الأرض من خطط باتجاه الانتقال الدستوري في العراق، بما في ذلك الدور الذي تؤديه قوات الاحتلال أو ما يعرف بالقوات متعددة الجنسيات.
وبصرف النظر عما يمكن أن يثار من جدل حول تصريحات عنان وتداعياتها فإن في العراق وضعاً يحتاج فعلاً إلى إصلاح أو ضبط لهذا الانفلات في العنف، سواء من المسلحين أو من القوات الأمريكية التي تقتل العشرات تحت عنوان محاربة الإرهاب، لكن القتلى في كلّ مرة كانوا من النساء والأطفال، وما زال هناك حتى هذه اللحظة أناس ربما تحولوا إلى موتى تحت أنقاض المنازل التي قصفتها الطائرات الأمريكية في الفلوجة وفي زوبا إلى الغرب منها.
وإذا كانت القوات الأمريكية تلقى كلّ هذه المقاومة، أليس من الأحرى بها أن تتفكر في وضعها؛ من خلال تغيير أسلوبها في التعامل مع هؤلاء الناس أو في طريقة تعاطيها من الناحية العسكرية مع من تعتقد أنهم إرهابيون؛ لنجد في كلّ مرة أن قتلاها هم من النساء والأطفال ورجال لا علاقة لهم بالإرهاب الذي تتحدث عنه؟
ويُخشى مع تواتر هذا القتل بهذه الطريقة البشعة أن يتحول فعلاً هؤلاء الآمنون الذين تستهدفهم أمريكا دون ذنب إلى أناس يحملون السلاح ضدّها؛ فالمرارة التي يتحدث بها أقارب الضحايا تظهر دون شك غضباً عارماً لا يفصل بينه وبين حمل السلاح إلا خيط رفيع.
|