تصر الولايات المتحدة الأمريكية مدعومة بموقف الاتحاد الأوروبي على تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي اليوم لفرض عقوبات اقتصادية ضد السودان بسبب تداعي مشكلة دارفور.
مشروع القرار الأمريكي الأوروبي يواجه معارضة حقيقية وواضحة من قِبل الصين الشعبية التي هدد مندوبها باستعمال حق النقض (الفيتو) لإفشال القرار الذي تعتبره الصين بأنه يزيد الوضع تعقيداً ولا يساعد على حل المشكلة ويضر بجهود الحكومة السودانية والدول والمنظمات الإنسانية التي تنشط لمعالجة المشكلة التي شهدت انفراجاً خاصة على الوضع الإنساني والإغاثي.
القرار الأمريكي يعيد للأذهان ما قامت به أمريكا من تحركاتٍ لفرض قرارات معاقبة العراق إبان حكم الرئيس السابق وكيف أدت تلك العقوبات إلى تدمير العراق اقتصادياً وصحياً؟ ورغم أن الظروف والأسباب مختلفة عما كان يحصل في العراق آنذاك ودارفور حالياً، إلا أن المجتمع الدولي يرى في العقوبات الاقتصادية أسلوباً غير إنساني ولا يجوز أن تفرض على أي دولة لما تفرزه من اثار وتداعيات سلبية تطال شعب الدولة التي تتعرض للحصار.
أما بالنسبة لقضية دارفور فإن الوضع أكثر تعقيداً بالنسبة للساعين إلى محاصرة الدول الإسلامية والعربية، إذ إن الدول الإفريقية ودول عدم الانحياز ومعهم الدول العربية يرون أن التدخلات الأمريكية والأوروبية بالتحديد في مسألة دارفور هي التي زادت القضية تعقيداً.
وهذه لا تبرئ الحكومة المركزية في السودان مما حصل، وان الأخطاء التي يرتكبها الموظفون المدنيون والعسكريون في الأماكن البعيدة عن العاصمة تزيد وتكبر إن لم تعالج بحزمٍ وبسرعة وهو ما حصل في دارفور، إلا أن حكومة الخرطوم وبعد تفجّر المشكلة أبدت تعاوناً مع الجهود الدولية وتحسنت الأوضاع كثيراً، في حين تواصلت التدخلات الخارجية خاصة في مد المتمردين بالأسلحة وبالدعم السياسي، وحتى ما يجري الآن في مجلس الأمن الدولي يعد دعماً سياسياً للمتمردين الذين أفشلوا مفاوضات أبوجا بعد معرفتهم بالتحرك الأمريكي لإصدار قرار لمعاقبة حكومة الخرطوم.. التي ومهما كانت الأخطاء السابقة التي تتهم بها، إلا أن تعاونها الأخير يظهر جديتها في معالجة المسألة.. أما المتمردون ومن يدفعونهم فهم خارج دائرة المساءلة والعقاب لأن أمريكا وأوروبا تحتضنهم وتقدم لهم الدعم
السياسي والمادي.
|