* لندن - اليستر ليون - رويترز:
تتلاشى بسرعة فرص العراق في اجراء انتخابات عامة لها مصداقية في يناير المقبل حيث يبدد العنف سلطة الحكومة العراقية المؤقتة التي تساندها الولايات المتحدة.
رغم المشهد اليومي للتفجيرات والاشتباكات والخطف في بغداد وفي مساحات كبيرة في وسط العراق وشمال غربه يصر إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي المؤقت والحكومة الأمريكية على أن غالبية العراقيين سيذهبون إلى صناديق الاقتراع في الموعد المقرر.
لكن كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة يقول إن الانتخابات ستكون مستحيلة إذا استمرت إراقة الدماء التي لا يرى أحد أنها ستتوقف.
وللأمم المتحدة المكلفة بمساعدة الحكومة العراقية المؤقتة على اجراء الانتخابات 35 موظفا فقط في العراق متحصنين في منطقة تحظى بحراسة مشددة تضم مكاتب علاوي والسفارتين الأمريكية والبريطانية في بغداد.
وهذا أمر بعد كل البعد عن الآلاف الذين تم نشرهم لمراقبة الانتخابات والإشراف عليها في البوسنة وكوسوفو وغيرهما لكن عنان يخشى المخاطرة بحياة موظفي الأمم المتحدة في العراق بعد مقتل 22 موظفا في تفجير في مقر الأمم المتحدة هناك قبل عام تقريبا.
قال تيموثي جاردن خبير الدفاع البريطاني (إذا كنا نتحدث عن اجراء انتخابات في ارجاء البلاد فإن الاحتمالات مخيبة تماما).
ومضى يقول (لا بد ان يكون هناك تغيير حقيقي في الأمن من الآن وحتى يناير). وتتفق المخابرات الأمريكية مع هذا الرأي على ما يبدو.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن تقريرا سريا للمخابرات القومية الأمريكية أعد للرئيس الأمريكي جورج بوش في أواخر يوليو تموز الماضي يقول إن أفضل ما يمكن أن يأمل فيه العراق في العام القادم هو أمن متوتر والأسوأ حرب أهلية.
وقال الرئيس العراقي المؤقت غازي الياور الخميس إنه من السابق لأوانه القول بما اذا كانت الانتخابات ستجرى في موعدها.
ووعد العراقيون بالاستقرار والديمقراطية وبحياة أفضل بعد الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين العام الماضي وبعد مرور 18 شهرا توقفت تقريبا اعادة الإعمار.
وقالت المجموعة الدولية لإدارة الأزمات ومقرها بروكسل هذا الشهر (ينظر إلى مشكلات العراق الاقتصادية على أنها أمر ثانوي وسط عدم الاستقرار السياسي والعنف. لكنها ليست هكذا).
وقالت مجموعة الأبحاث (المصاعب الاقتصادية والعنف... يغذيان بعضهما بعضا. فالسخط الشعبي المتزايد والبطالة يؤديان إلى تزايد المشاركين في العنف المسلح كما أن تزايد العنف المسلح يعوق التنمية).
ولإجراء الانتخابات في الموعد الذي حددته في يناير القادم تطلب الولايات المتحدة من قادة الجيش الأمريكيين في العراق اعادة الاستيلاء على بلدات في المنطقة السنية العربية الثائرة بالعراق وتهدئة معاقل الشيعة المتشددين مثل مدينة الصدر ببغداد.
فهل يمكن أن ينجحوا اليوم فيما فشلوا في تحقيقه بالأمس. يجيب تيم ريبلي خبير الدفاع في جامعة لانكستر ببريطانيا على هذا السؤال قائلا: (إذا كنت تقصد توغل الدبابات في وسط البلدة ورفع العلم ثم الخروج في الليلة التالية فيمكنهم عمل ذلك).
لكنه استطرد قائلا: (لكن جعل الجميع مواطنين موالين ومخلصين للعراق الجديد فإن ذلك أمر آخر. يمكنهم شن غارات بالمدرعات في اراض معادية لكن التأثير لا يستمر).
وقال توبي دودج محلل الشؤون العراقية في جامعة كوين ماري بلندن لا توجد قوات أمريكية تكفي للسيطرة على مدن مثل الفلوجة والرمادي بينما تفتقر القوات العراقية للقدرة. ويستخدم قادة الجيش الأمريكي بدلا من ذلك المدفعية والطائرات (لقتل الأشرار) بدلا من القوات البرية للسيطرة على الأرض.
وقال دودج (لكنك لا تستطيع محاربة مقاومة عن بعد). ومضى يقول (المقاومة المسلحة هي الواقع في بغداد وشمال غرب (العراق) والميليشيا في بقية العراق).
وأضاف: (الحكومة لا تشكل الواقع في أي مكان في العراق). وفي مثل هذه الظروف قد يبدو من الحكمة تأجيل الانتخابات لكن ذلك أيضا محفوف بالمخاطر. ويطالب الزعيم الشيعي القوي علي السيستاني بالانتخابات منذ فترة طويلة باعتبارها أفضل وسيلة كي يفوز الشيعة الذين يشكلون الغالبية في العراق بالسلطة التي حرموا منها في عهد صدام حسين.
وبعد أن اذعن لقرار الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام بأن الانتخابات المبكرة غير عملية فإنه قد يرد على أي محاولة أخرى لتأجيلها بإطلاق قوة الشارع التي يكبحها إلى الآن.
قال دودج (إنها مشكلة سياسية كبيرة. والخطر هو ان يتمسك علاوي والأمريكيون بالانتخابات حتى آخر لحظة ممكنة ثم يتراجعان).
وأضاف (وبدلا من التقليل من شأن السيستاني أو تجاهله يتعين عليهما استخدام الدبلوماسية العامة والمفاوضات الخاصة لإشراكه في عملية صنع القرار... وإقناعه بأنه لا يمكن استعادة الوضع الأمني في الأجل القصير).
|