Saturday 18th September,200411678العددالسبت 4 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

المنشود المنشود
معالي الوزير.. طرفاً من شماغك.. لو سمحت!!
رقية الهويريني

فصل دراسي حافل بالأحداث...
أول فصل دراسي تكتظ به المدرسة الابتدائية بالطالبات.. الصف الأول يزيد على تسعين طالبة، مقابل عدد بسيط من طالبات الصف السادس اللاتي غادرن المدرسة إلى المرحلة المتوسطة. هذا مستودع يُفرَّغ من محتوياته ليكون - فجأة - فصلا دراسيا تشرح فيه معلمة الرياضيات المعادلات الرياضية، ومعلمة اللغة العربية تعرب فيه مقطعا من بيت الشعر (إذا كانت النفوس كبارا!!).. وإذا أمعنت النظر في هذا الفصل وجدت أنه كان مطبخا لعائلة ميسورة الحال قامت بتأجيره لتعليم البنات مشاركة منها في دفع عجلة التعليم!! ولن أحدثكم عن المردود النفسي لطالبات حفظن عن ظهر قلب عدد قطع (السيراميك)!! أو مروحة (الشفط) التي شاركت بدورها بالعملية التعليمية، وقامت بنفس الدور المناط بها ولكن بسحب المعلومات من عقول الطالبات! وإذا حدثتكم عن الإضاءة أو مكان غسل الأطباق والقدور - رفع الله قدركم - فلن تكون الرواية كالمشاهدة!! وهذه المدرسة عالجت كثرة أعداد الطالبات بهذه الطريقة، فكيف بمن ليس لديهم قدرة على المعالجة؟! في هذه المدرسة الوادعة إيجابيات تفوق سلبياتها، إلا أن وجود عقول واعية، ونوايا طيبة، وخبايا سليمة يحتم أن يطالبها المرء بالمزيد والمزيد الذي لا ينتهي.. (فهم القادرون على التمام!!).. وهي بصدق، قامت بتفعيل دور الأسرة لإيمانها بقيمة التعاون بين البيت و المدرسة، وقد بذلت في هذا السبيل شتى الوسائل، وغالبا ما يكون لآراء الأسرة اعتبار في مرونة تطبيق بعض الأنظمة التي تعود بالصالح العام على الطالبات.. في الفصل السادس.. توزع المرشدة رقاع الدعوة على الطالبات وتحثهن على حضور أمهاتهن لمجلس الأمهات، وتؤكد ضرورة الحضور وأهميته، والأم التي لا تستطيع.. تكتب اعتذارها خلف ورقة الدعوة. وفي صباح الغد.. تجتمع الأمهات في الصالة المعدة لذلك.. وتتبادل الأمهات التحيات والقبلات التي تحمل المجاملة أكثر من الاشتياق.. وأخبار المجتمع تدور بين الحاضرات!!
تحضر المعلمات والمرشدة للقاء الأمهات، ويبدأ الحديث عن المذاكرة وسجل الواجبات وأهميته، وضرورة الحضور الباكر للمدرسة والانصراف كذلك، والاهتمام بالتغذية السليمة والنوم المبكر، وكل واحدة تبدي رأيها حول الموضوعات المطروحة، والجميع يشارك ما عدا إحدى الأمهات التي تلزم جانب الصمت.. ترمقها المرشدة بين حين وآخر وتستحثها لإبداء رأيها إلا أنها لا تعير الاجتماع أدنى اهتمام!! وفي نهاية اللقاء فتح المجال للمناقشة الفردية لكل أم طالبة، إلا أن تلك الأم لم تشارك في تلك المناقشة!! شعرت المرشدة بانسحاب تلك الأم عن النقاش.. اقتربت منها وسألتها: والدة الطالبة حنان؟! لم تشاركي في المناقشة، ولم نستمع لرأيك!! واستدركت: وابنتك كثيرة الغياب. رفعت الأم رأسها وسحابة من الدموع تغطي سماء عينيها وقالت: إني مثقلة بالهموم، ولست أدري لمن أشتكي؟ وقد ترون أن الأمر لا يرقى للشكوى، ولكن - يعلم الله - أن تكراره بشكل دائم يضفي على نفسي الألم، وعلى منزلنا الرعب والخوف!! أنا أم لطالبة في الصف السادس، وفي أغلب الأيام من كل أسبوع، تطلب طلبات منوعة كثيرا ما لا تتوافر لدينا، وزوجي يعمل طوال النهار وطرفا من الليل ولا يعود إلا حوالي العاشرة ليلا، ويكون بحالة من التعب والإنهاك لا يعلمها إلا الله، إضافة إلى مسؤولياته المتعددة وقلة الدخل وكثرة عدد الأطفال، فتبادره حنان بطلباتها التي لا تجملها المعلمة في طلب واحد في بداية العام! فينفجر والدها في وجهها رافضا إحضارها! وترتمي على صدري باكية ورافضة الذهاب للمدرسة!! وحين أحاول إقناعه بضرورة إحضارها يستشيط غضبا وينهال عليّ وعليها بالضرب وهو في حالة هياج! انظري يا أختي إلى آثار الضرب!! هل كل الأسر تستطيع إحضار هذه الطلبات؟! لِمَ أصبح التعليم لديكم (عذابا)؟! أين المتعة في التعليم التي ما فتئت تتحدثين عنها في اجتماعاتك؟! وهل فكرتِ في المعاناة التي تتحملها الأسرة حين تلقي المعلمة بأوامرها على بناتنا وتهدد وتتوعد كل من تتأخر بحسم الدرجات! وكأن الذهاب إلى المدرسة من أجل تحصيل درجات! وهل تصدقين أن التعليم ارتبط ذهنيا لدي بذلك العذاب! وانهمرت في بكاء عجيب.. بينما داخل المرشدة إحساس يصرخ: (هل حقيقة لا متعة في التعليم؟ لا متعة!! وهل يمكن أن تتحول طلبات المعلمات إلى عذاب بهذه الصورة)؟! ليست أما واحدة، وليست اثنتين، بل مجتمعا من الأمهات يتألم ويبكي!! وأنت يا أم حنان المجتمع.. الأمة.. اطمئني - يا عزيزتي - فلن تبكي بعد اليوم، ولن تتغيب حنان عن المدرسة، إذ لن يكون هناك طلبات متكررة!! وسيكون التعليم متعة حتى ولو كان في المطبخ المكسو بالسيراميك، فالعلم نور في الأرض و{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وأنت يا أم حنان خليفة الله في الأرض.. ولن تُقهري.. بل ستُكرمي!!
- صورة مع التحية، لكل مدير تعليم، ولكل مسؤول في الوزارة.. أوقفوا هذا السيل الهادر من الطلبات، ليس بالتعاميم - كما اعتدنا - بل بالمتابعة الدقيقة.. تماما كما تتابعون الحضور والغياب والحسم من الراتب!!
- الأصل مع التحية إلى وزير التربية والتعليم.. هل تعيرنا طرفا من (شماغك) لنمسح به دمعة أم حنان؟؟!!

ص.ب: 260564- الرياض: 11342


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved