بالأمس القريب نستمع بكل ألمٍ وحسرة إلى خبر تساقط عدد من القتلى والجرحى في اليوم الأول من افتتاح أحد المعارض التجارية في مدينة جدة وذلك بسبب التزاحم الشديد للفوز بكوبونات الدخول الأولى التي رصد لها جوائز مالية مغرية، وقد قدر عدد الزائرين للمعرض في اليوم الأول بـ 34ألفاً! ثم بعده بأيام قلائل تطالعنا إحدى الصحف المحلية بخبر مفاده أن نساء المنطقة الشرقية ينفقن مبلغ 40 مليون ريال على فساتين السهرة والحفلات ومناسبات الزواج خلال فترة الإجازة الصيفية فقط مع تقدير سعر المتر الواحد مع التفصيل بمبلغ 4000ريال! إنهما خبران متناقضان تماماً، فالخبر الأول يدل على أن في مجتمعنا فقراء ومحتاجين كُثر وإلا لماذا يتزاحم هذا العدد الكبير من الناس من أجل حفنة من الريالات قد يصرفها في بضع دقائق! نعم وقد ينفقها داخل المعرض في شراء بعض الأشياء! وإن قال لي قائل: أنت مبالغ وليس هذا الكلام صحيحاً بل إن أكثرهم جاء للتسوق فقط! وأنا أقول له: عفواً يا أخا العرب صحيح أن الكثيرين جاءوا للشراء والتسوق حتى ان إحدى المعلمات استأذنت من مديرتها لحضور الافتتاح! ولكنّ الكثيرين أيضاً جاءوا من أجل الحصول على الجوائز والدليل أن هذا المعرض لو لم يعلن عن جوائز لما حضر هذا العدد الغفير من الناس الذين تزاحموا على صعيدٍ واحد وكأنهم يؤدون نسكاً تعبدياً! ثم ماهو سر أن بعض الزوار باتوا في مواقف السيارات حتى الصباح أهم متسوقون جاءوا للشراء فقط أم ماذا؟! وهذا الحدث يجعلنا نتأكد تماماً أن نسبة الفقر في مجتمعنا السعودي مرتفعة ثم نتساءل أين دور صندوق مساعدة الفقراء وأين الميسورون من أصحاب الأموال عن إخوانهم الفقراء والمعوزين؟! وهذا يحتاج إلى دراسة من أهل الاختصاص ووضع الحلول المناسبة للقضاء على الفقر في بلادنا! وأما الخبر الآخر فيدل على أن مجتمعنا يعاني من طفرة مالية كبيرة وأن جميع طبقات المجتمع لايعرفون الفاقة والفقر، والدليل أن ملايين الريالات تنفق على ملابس السهرات والحفلات والمناسبات التي تستغرق بعض الساعات ثم لا يكرر لبس هذه اللباس في المناسبات التالية! وهذا لا يعني أن الإنسان يجحد نعم الله فلا يرى لها أثر عليه! لا ليس هذا بصحيح! ولكن ليس بذلك البذخ والسرف والتباهي والتفاخر بالمسكن والملبس والمأكل والمركب ومجاوزة الحد لأن هذه النعم ربما انقلبت شراً ووبالاً على صاحبها إذا سخّرها في مساخط الله لأنه بذلك يكون قد وقع في كفرها فخسر الآخرة وإن تنعّم بالدنيا وقضى منها وطره! ناهيك أن هذا السرف والبذخ يؤثر في نفوس الفقراء ألماً وحسرة وهم يرون إخوانهم يبخلون عليهم بمد يد العون والمساعدة ولو بالشيء القليل! وفي الختام أيها الأحبة القراء إنني ما اخترت هاتين القصتين اللتين حدثتا قبل أيام قلائل إلا لنعتبر بما نراه من أحوالنا ونصحح ما نقع فيه من أخطاء ونحقق مبدأ التكافل الاجتماعي والديني بيننا فيساعد الميسورون من الأغنياء المحتاجين من فائض أموالهم فيكون المجتمع كالبنيان المرصوص ولا نغتر بهذه الدنيا فكم من أناسٍ حسبوا أنهم ملكوها وفجأة ماتوا وتركوها فأصبحوا نسياً منسياً إلا ما قدموه من صالح أعمالهم،، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى من القول والفعل والعمل.
مساعد بن لافي الجهني- خيبر |