من أفغانستان إلى العراق تفشت ممارسات ارتبطت بالاحتلال الجديد تمثلت بصفة خاصة في جيوش من المرتزقة الذين يعملون لحساب شركات وبعضهم لحسابه الخاص، حيث كشفت المحاكمة التي جرت مؤخراً في كابول عن أمريكيين يتعاطون مع الشأن الأمني على أساس تجاري ولهم سجنهم الخاص ويقومون بتسليم عناصر طالبان إلى الولايات المتحدة مقابل مكافآت ولهذا فقد عرفوا بصائدي المكافآت..
الحملات العسكرية على أفغانستان والعراق أتاحت لبعض الأمريكيين اكتساب الأموال بهذه الطريقة الفجة ذات اللمحة الاستعمارية المكروهة، حيث تخضع الشعوب إلى جانب سلطات الجهات الغازية والتي تتخذ مختلف المسميات إلى أهواء المرتزقة أيضا والذين يعملون لحسابهم وحسب مرئياتهم وربما أمزجتهم، فقد ثبت، فيما يتصل بالجانب الأفغاني من المسألة، ممارسة التعذيب في ذلك السجن الخاص.
إن استباحة البلاد الإسلامية بهذا الشكل المزري يشكل سوابق خطيرة وينذر بما هو أخطر، ومع انتشار مثل هذه الجماعات من المرتزقة، وهم جنود نظاميون سابقون، فإن ذلك يعني تعقيد المسائل الامنية في كل من العراق وأفغانستان، وهما يعانيان أصلا من اضطرابات وعدم استقرار.
وقد يفسر وجود هؤلاء الغموض المرتبط بعدة أحداث لا تجد تفسيراً معيناً في الساحة العراقية، على وجه الخصوص، فالمرتزق يكون دائماً على استعداد لتقديم خدماته لمن يدفع، وهؤلاء الجنود الذين امتهنوا الحروب بما في ذلك الحروب القذرة لا يترددون في إشعال الفتن، دون الاهتمام بعواقب ما يفعلون فهم عسكريون محترفون لكنهم ينفذون جرائم بدلاً من الحروب التي قد تكون شرعية.
الأخطر في وضع هؤلاء كشفت عنه محاكمة مجموعة أفغانستان التي تمتلك سجنها الخاص حيث قالوا إنهم يتعاونون مع وزارة الدفاع الأمريكية، غير أن الوزارة نفت ذلك. . ومع ذلك فإن وجود مجموعة بهذه الصفة منذ ثلاث سنوات، دون أن تتعرض للحظر يجعل قدراً من الغموض يحيط بارتباطاتها ومعاملاتها..
وقد أقرت القوات الأمريكية في أفغانستان بأنها تسلمت مطلوباً واحداً على الأقل من هذه الجماعة.
وفي كل الأحوال تبرز الحاجة الشديدة إلى الاستقرار في العراق وأفغانستان من خلال أيلولة الأوضاع إلى الحكم الوطني الكامل بما يعني عدم الحاجة لكل هذه الجيوش الجرارة التي تفرز الكثير من السلبيات وتحتفظ دائما بأجندة لا تتطابق مع التطلعات والطموحات الوطنية.
|