إن أحد أهم سمات الحياة في المجتمعات، عملية التغير الاجتماعي. وهي في حقيقة الأمر سنة الحياة وضرورة لبقاء المجتمعات واستمرارها. فكل مجتمع يحتاج لأن يكيف نفسه مع مستجدات الحياة من خلال خلق نظم جديدة أو تجديد القديمة أو حتى تغييرها، كل هذا من أجل أن يحافظ المجتمع على توازنه واستقراره، فزيادة السكان مثلا لابد أن يواكبها زيادة في الإنتاج، وتوفير للوظائف، وتكثيف للرعاية.. وغيرها. وهنا تحمل دراسة مادة التغير الاجتماعي أهمية كبرى خصوصا في علم الاجتماع الذي يحاول تحليل ماهية التغير وأسبابه ونتائجه وطرق مواجهته والتخطيط المستقبلي للإفادة منه وتفادي سلبياته.ولما كان المجتمعات تمر بمراحل تطورها من البساطة إلى التعقيد ومن العمومية إلى الخصوصية ومن المحلية إلى العالمية، مما (لا مفر) من وجود أحداث وآثار وأوضاع جديدة تؤثر وبوضوح على البنية والأدوار والعلاقات الاجتماعية سواء على مستوى الأفراد، الأسر، الأنساق، أو المؤسسات. وعليه فقراءة هذه الأوضاع والآثار الجديدة وتأملها ووضع البرامج والمشروعات المناسبة لاستيعابها أمر تؤكده ضرورة الحياة الاجتماعية المتزنة. ويمكن القول بأن التغير قد يكون حينا سلبياً وحينا إيجابيا. والذي يتراءى لي بأن التغير السلبي يمكن حدوثه حينما لا تستنفر الجهود لفهم طبيعة التغير ودراسته - أين نقف وكيف نسير - ووضع الأطر والخطط المناسبة للإفادة منه، ومن ثم جعله أداة تقدم وازدهار، لا نكوص وانحدار.
ولما كان كثير من الناس يشكو من جفاف أو جفاء في العلاقات بين الأفراد والأسر في الأحياء والحارات، ومن كثرة الضغوط وقلة الوقت المتاح للترفيه والترويح، مما أفرز عددا من الظواهر السلبية، أحببت أن أضع هذه الفكرة بين يدي كل مسؤول يرى أن لديه ما يمكن تقديمه لتعميق أواصر المحبة والعطاء بين أفراد مجتمعه.
إذا الهدف من هذا المشروع هو محاولة لتعميق الروابط الاجتماعية بين سكان الأحياء، ومن ثم امتصاص كثير من الظواهر السلبية التي تظهر لدى الشباب خصوصا من حين لآخر، إضافة إلى شغل أوقات الفراغ لدى الناس بالترفيه المناسب الذي يبني ولا يهدم، وعليه فأساس هذا المشروع يصب في اهتمام الدولة في المحافظة على أبناء المجتمع وتعميق التكافل فيما بينهم، مما يمكن استشارف آثاره الإيجابية سواء على النواحي الاجتماعية أو الأمنية والأخلاقية، بل وحتى الاقتصادية على المجتمع.
مكان المركز الترفيهي للحي
الذي أحب أن أؤكده ابتداء، هو أن تراعي البلديات أولا وكل جهة يمكن أن يكون لها صلة بالموضوع مراعاة جانب الترفيه والترويح الاجتماعي في كل حي جديد. وليس المطلوب من خلال هذه الفكرة إنشاء حديقة مغلقة الأسوار، الممنوع فيها أكثر من المسموح كما هو موجود - عشوائيا - في بعض الأحياء، لكن القصد من هذا المشروع هو التخطيط لتجهيز مكان ترفيهي داخل الأحياء يحتوي على عدد من متطلبات العصر في الترفيه والترويح والإفادة. وعلى هذا فهذا المقترح يطالب بإيجاد أرض مخصصة لمثل هذا المراكز ويمكن - حينما يتعذر الحصول على الأرض - استغلال الآتي:
أولا: إعادة تأهيل وصياغة الحدائق الموجودة، حيث يمكن أن يكون للقطاع الخاص دور في تشغيل هذه الحدائق - والتي ستحول إلى مراكز ترفيه - من خلال عقد تأجير بينها وبين الجهة المسؤولة عن هذه الحدائق، وهنا يمكن أن تحقق هذه الفكرة عائدا استثماريا لكل من الدولة والقطاع الخاص.
على أنني أحب التأكيد على أنه ليس كل حديقة مناسبة لتحويلها إلى مركز ترفيهي حيث سوف تخدم الفكرة تلك الحدائق التي تقع داخل الأحياء فقط.
ثانياً: قد يتعذر أحيانا وجود أرض مناسبة داخل الحي أو حتى حديقة، وبالتالي يمكن التفكير في استغلال منشأتين:
أ- المدرسة:
وليس المطلوب هنا استغلال المبنى المدرسي، ولكن يوجد في بعض المدارس ساحات فضاء كبيرة، فينظر في امكانية استقطاع جزء منه ليخدم بعض مكونات المركز الترفيهي لمكان الجلوس مثلا وصالة الألعاب إضافة إلى أنه يمكن استغلال فضاء الملعب الرياضي لنفس الهدف.
ب- المساجد:
إذا تعذر وجود أرض مناسبة أو حديقة، أو مدرسة، يمكن التفكير في استغلال ساحة المسجد إذا كانت كبيرة. وما من شك في أننا لن نوفر جميع مكونات المركز من أرض المسجد لكن يمكن استغلال ما تسمح الظروف به، وأهمها مجلس الحي العائلي أو الأسري وأحيانا صالة لبعض الألعاب الترفيهية المناسبة.
وكم أتمنى أن يصبح المسجد يوما (ما) مكان عبادة وترفيه، حيث يبنى ليكون مركزا للحي يعتبر المسجد أحد أهم مكوناته لكنه يحوي إضافة إلى ذلك صالة ترفيهية وصالة جلسات الحي العائلية وكل ما يمكن أن يخدم مصلحة أبناء الحي - حتى العيادة الصحية التطوعية.
ثالثاً: أرض مركز الحي الترفيهي:
وهنا أنادي بأن تخصص للأحياء لمراكز الترفيه- الترويح الاجتماعي، ومن المعلوم أنه جرى العرف على تحديد منتزهات أو حدائق في الأحياء - خصوصا الجديدة - وهذا بلا شك مطلب حضاري، لكن الذي يتضح من خلال تأمل الوضع القائم أن ستغلال هذه الحدائق واستثمارها اجتماعيا واقتصاديا يقترب من الصفر. وعلى هذا نحتاج إلى إعادة النظر في مثل هذه القضية. فإما أن تكون مراكز الترفيه جزءا من الحدائق والمنتزهات التي في الأحياء، أو أن تكون منفصلة عنها، حيث يؤدي كل دوره. وكم آمل أن تكون المنتزهات مسطحات خضراء بلا أسوار خصوصا في الأحياء - إلا في حالات الاضطرار حيث يتحقق من خلال انفتاحها كل من البعد الاجتماعي باستغلالها كمجالس مفتوحة و(مضمار تمشي واسترخاء) والبعد الأمني في سهولة المراقبة والمتابعة.
مكونات المركز الترفيهي
لعلني هنا أقترح ما أظن أهمية وجوده في مراكز الترفيه، وأعلم أن عددا منها قد يناسب مكانا دون آخر ومدينة أخرى وحيا دون آخر، وهنا الباب ليس مغلقا بل مفتوح لكل زيادة أو نقصان. أما من حيث شكل المركز وطريقة توزيعه، ومساحته، فأظن أن متخصصي الهندسة وفن العمارة أولى بها، لكنني سوف أعرض إلى بعض المكونات ومنها:
1- مجلس الكبار، ويعني مكان جلوس الآباء وأبناء الحي البالغين، ويوضع على شكل مجلس عربي مناسب. ومن الجميل أن يوضع هذا المجلس في وضع يمكن من خلاله رؤية محتويات المركز الأخرى، وهذا مهم لعدم الشعور بالعزلة أولا، ولمراقبة ما يجري داخل ملاعب الصغار ثانيا.
2- مجلس مناسب للأطفال: وهذا المجلس يمكن أن تقام فيه مسابقات لهم، أو أنشطة ثقافية أو علمية مناسبة أو حتى مراجعة واجباتهم المدرسية.
3- ملعب مناسب للشباب:
يكون هذا الملعب بحجم يتناسب ومساحة المركز وإذا أمكن وضع:أ- ملعب قدم. - ب- طائرة. - ج- تنس أرضي فهذا أكمل.
4- نادي الألعاب الترفيهية صالة:
ويحوي صالة تجهز بعدد من الألعاب المعروفة مثل البلياردو، وتنس الطاولة، والفريرا، والألعاب الإلكترونية المناسبة.. إلخ.
5- مسبح الحي:
كان الحي الذي عشت فيه في أمريكا يتوسطه تقريبا موقع لمسبح يجتمع فيه كثير من ساكني الحي وبمبلغ رمزي جدا أو بطاقة اشتراك يمكن أن تمارس السباحة وأولادك فجزء مخصص للكبار والآخر للصغار. ومن الجميل - في ظني - أن يحتوي المركز الترفيهي على مسبح لشريحتين: الأول للكبار والثاني للصغار.
6- صالة للوجبات الخفيفة:
يوفر مكان متوسط للأكلات الخفيفة.
7- تموينات الحي:
يمكن أن يحوي المركز في الحقيقة على سوق مصغر يبيع ما تبيعه الأسواق المركزية، ويمكن الجمع بينه وبين صالة الوجبات الخفيفة، كما يمكن أن يكون هذا السوق مساهمة من ساكني الحي يقيمون هذا المحل كشركة منهم، وبالتالي يستثمرون جزءا من مالهم فيه. ومن المعلوم أن مثل هذه المشاركة تشعر أبناء الحي بالانتماء حتى لسوقهم التجاري. وهذا بالطبع على افتراض أن أبناء الحي وساكنيه هم الذين سوف يقومون بتشغيل هذا المركز أو جزء منه. وإلا فقد يقوم القطاع الخاص بالاستثمار بمثل هذه المشاريع.
8- ملاعب الأطفال الترفيهية:
من المهم أن يحتوي المركز على مكان مناسب يوضع فيه عدد من ألعاب الأطفال الترويحية المعروفة.
9- صالة ورش العمل:
يمكن أن يحتوي المركز على مكان لصقل المواهب والأفكار، حيث تخصص صالة يستضاف فيها أحيانا دورة في الاسعافات الأولية، ودورة في النجارة، في الكهرباء، في السباكة، في الكمبيوتر، أو في أي أمر يمكن أن يستفيد منه أبناء الحي مما يعود عليهم بالنفع (على سبيل المثال دروس التقوية، وحل الواجبات المدرسية).
10- مضمار للمشاة وتخفيف الوزن:
يمكن أن يحوي مخطط المركز على مضمار يلف المكان يتمشى فيه من يرغب.
11- غرفة الحراسة:
نظرا لما قد يحويه المركز من ممتلكات ثمينة فإن الواجب أن تكون هناك غرفة لحراسة هذا المركز.
12- مكتبة الحي: لرفع المستوى الثقافي في الحي وطرح المسابقات.
الهيئة الإشرافية على المركز
من الطبيعي أن لا يخلو حي من الأحياء من المسؤولين كالأساتذة والموظفين، وإمام المسجد وغيرهم، وعلى هذا يمكن أن ينتخب الحي لجنة تشرف على المركز الترفيهي وتجدول أعماله بما يخدم مصلحة الحي ويحقق الهدف من إنشاء المركز كتعميق الصلة فيما بينهم واستغلال أوقات فراغهم بما يعود على المجتمع بأسره بالنفع العام.
الجهة الحكومية المخولة بالإشراف العام على مراكز الأحياء الترفيهية
يبدو لي بأن مثل هذا المشروع يمكن أن يشرف عليه أحد جهتين إما وزارة المعارف، حيث يمكن أن تضع أحد المعلمين كمسؤول مباشر عن مركز حيه الترفيهي، أو أن تناط عملية الإشراف إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لأن مثل هذا المشروع يخدم الجانب الإجتماعي في المجتمع. وعلى العموم يمكن أن تشكل لجنة عامة أو حتى إدارة أو هيئة إشرافية يكون مقرها في إحدى الوزارتين. ويمكن إذا دعت الحاجة مشاركة بعض الجهات الحكومية كالشؤون البلدية والقروية، والأمن العام في تشكل الهيئة الإشرافية العليا على مراكز الأحياء بما يخدم المصلحة العامة.والذي أراه أن تناط الإدارة المباشرة لمراكز الأحياء الترفيهية إلى إدارات التعليم في المناطق والمحافظات، لسببين، الأول لأنهما تملك المواهب والقدرة البشرية من أعداد المعلمين الكثيرة، والثاني لأن هؤلاء المعلمين من الطبيعي أنهم يسكنون في أحياء متفرقة، وبالتالي تسهل عملية تكليفهم بالإشراف المباشر على المراكز الترفيهية.
أوقات العمل في مراكز الأحياء الترفيهية:
بلا شك بأن أوقات العمل مناطة ابتداء بالإدارة المباشرة للمركز لكن الذي أحب أن أشير إليه هو كون الأوقات وطبيعة العمل داخل المراكز ينبغي أن تخدم تطلعات واحتياجات أبناء الحي. وأوقات العمل في المراكز تختلف من أيام الدوام الدراسي وأيام الإجازات الأسبوعية أو السنوية.
ومن المقترح أن تبدأ أعمال المركز الترفيهي في أيام الدوام الدراسية من بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء أو بعده بما يناسب وظروف كل حي ومدينة، أو محافظة.
ويتبادر للذهن هنا سؤالان:
الأول: هل تعطل هذه المراكز في الفترة الصباحية أيام الدراسة؟
والثاني: ماذا عن النساء، هل يمكن أن يكون لهن حظ من وقت هذا المراكز؟
وسوف أجيب عن هذين التساؤلين إجابة مقترح، فقد يناسب هذا الاقتراح بعض الأحياء ولا يناسب الأخرى، وقد يناسب بعض المدن أو المحافظات ولا يناسب الأخرى، وعموما فالحكم في هذه التفريعات يعود إلى الإدارة المباشرة لمركز الحي الترفيهي، أو الجهة العليا من حيث وضع الضوابط في من يؤم المركز وكيفية استغلاله.
- أما من حيث التساؤل الأول، فيمكن - إذا ناسب - أن يستغل المبنى على شكل روضة لأطفال الحي الذين لم يبلغوا سن المدرسة بعد. أو مكانا لتدريس محو الأمية أو إقامة بعض الدورات أو الورش العملية المفيدة للنساء ربات البيوت فيما يعود عليهن بالنفع.
- أما التساؤل الآخر، فنحن بين خيارات أربعة:
الأول: إما أن يعطى للنساء الحق في استغلال هذا المركز يومين أو ثلاثة من كل أسبوع. وهنا يحق الدخول فقط للنساء وصغار السن من الأولاد.
الثاني: أن يقال بأن فترة العصر أو المغرب مثلا من كل أيام أو من كل يومين أو ثلاثة مجددة للنساء وصغار الأولاد. بحيث ينتهي دوام النساء مثلا بعد أذان المغرب مباشرة. وبالتالي المغرب وشيئا من العشاء للرجال.
الثالث: أن يحدد يوم الجمعة فقط للنساء وصغار الأولاد، أو أيام الأعياد.
الرابع: ألا يحق للنساء المجيء إلى مراكز الترفيه.وعلى العموم فهذه مقترحات، قد يناسب أحدها لأحد دون آخر، وقد يوجد أفضل منها.
النتائج المرجوة من قيام
مراكز الأحياء الترفيهية:
ما من شك بأن عددا من الآباء يشكو ابتعاد أبنائه عنه وصعوبة متابعتهم والسيطرة عليهم، لا يدري مع من يذهبون ولا أين يجلسون - والكل يتحدث، لكن نريد عملا - ونحن هنا لا نتحدث عن الأسباب والمسببات، بقدر ما نحاول أن نستوعب ونعالج متغيرات تحتاج إلى روافد تعيد الاتزان إلى الجو الأسري من جهة وإلى مجتمع الحي من جهة أخرى، ومن ثم المجتمع بعمومه، حيث كما أشرنا في المقدمة أن من أهداف هذا المشروع تعميق العلاقات الاجتماعية بين الناس في أحيائهم على وجه الخصوص ومحاولة معالجة حالة الغربة (الاجتماعية) التي يعيشها البعض، ولا يخفى بأن مظاهر التفكك سواء على المستوى الأسري أو المجتمعي لا حد لمشكلاته وآثاره، وهنا سأعرض إلى ما يمكن أن نجنيه من فوائد من خلال إقامة هذا المشروع.
أولا: تعميق العلاقات الاجتماعية بين أبناء الحي الواحد.
ثانيا: الحيلولة دون ذهاب الأبناء - خصوصا دون 15 - بعيدا عن أحيائهم وبالتالي امكانية متابعة أسرهم لهم.
ثالثا: المركز يعتبر مركزا لتدارس أوضاع الحي، ومتابعة الظواهر التي تنشئ داخله.
رابعا: يشكل المركز رافدا أمنيا مهما لحفظ الأبناء أولا، ومتابعة المخلين بالأمن ثانيا، وبالتالي فلا مجال للمفحطين ولا للعابثين.
خامسا: يمكن من خلال إدارة المراكز معرفة المحتاجين من أبناء الحي وبالتالي رعايتهم من قبل الموسرين من الحي.
سادسا: استغلال أوقات فراغ الآباء والأبناء بالتسلبية والترويح والفائدة، مما لا يخفى أثره ونفعه.
سابعا: إيجاد أماكن بديلة وقريبة ومناسبة للترفيه - خصوصا لفئة الشباب المراهق ما دون الخامسة عشرة - وأيضا قرب مكان وجود أولياء الأمور من منازلهم لما قد يحصل من الطوارئ أو الاحتياجات الأسرية.
ثامنا: بدائل عن الاستراحات التي قد يحصل فيها ما يخل بالأمن والأخلاق.
تاسعا: امكانية الإشراف والتوجيه الحكومي أو التطوعي على هذه المراكز، وهذه ميزة يصعب تطبيقها على الاستراحات.
عاشرا: الاستثمار الاقتصادي لأبناء الحي حيث يمكن افتتاح سوق مركزي يتناسب وحجم المركز عن طريق مساهمة سكان الحي - إذا أمكن - وهنا يتحقق الآتي:
1- استثمار جزء من المال في الاستثمار.
2- التوصيل السريع للطبات ساكني الحي.
3- الشعور بالانتماء للحي من خلال هذا المشروع المشترك.
الحادي عشر: يمكن أن يكون المركز مكانا لمراجعة الدروس وحل الواجبات، وإقامة دروس التقوية إلى غير ذلك من البرامج التي تعود على الأولاد بالمنفعة.
الثاني عشر: يتطلع بعض سكان الأحياء إلى مقابلة بعضهم بعضا، لكن إشكالية المكان تقف عائقا أمام هذه التطلعات، وبالتالي وجود مثل هذه المراكز تبعد الكلفة وتوفر الجهد والوقت من خلال توفير المكان الأمثل للقاءات.
الثالث عشر: يمكن استغلال هذا المركز لمناسبات الحي ويمكن تأجيره على من يريد خصوصا بعد العشاء لمناسبة خاصة. لكن هذا الإجراء يخضع لرغبة سكان الحي أنفسهم. من هنا يتبين بأننا يمكن أن نجني فوائد كثيرة من خلال هذا المشروع سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو الأمني والتربوي، وقد يكون لدى القارئ من الفوائد والأهمية ما لم يدر بخلد الكاتب.
وفي النهاية، كيف نبدأ:
بعد القناعة ابتداء من قبل المسؤولين بأهمية هذا المشروع يمكن أن نفعل الآتي:
أولا: إيجاد لجنة في كل منطقة ومحافظة - لمسح الأماكن المناسبة لإقامة مراكز الأحياء الترفيهية عليها. وهذه كما أشرنا يمكن أن يكون:
1- أراضي فضاء صالحة لإقامة المراكز عليها.
2- الحدائق أو المنتزهات الموجودة في الأحياء.
3- الأراضي غير المستغلة في المدارس أو حتى المساجد.
وهذه اللجنة يقترح أن تشكل من كل من وزارة الشؤون البلدية والقروية لأنها تعلم أين توجد الأراضي، وثانياً وزارة المعارف لمسؤوليتها الإشرافية، وثالثا وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لأن هذا العمل هو من صميم الرعاية الاجتماعية، ورابعا الأمن العام حيث لابد من تحقيق البعد الأمني من وجود ومكان هذه المراكز.
وبعد تحديد المواقع المناسبة لإقامة مراكز الأحياء الترفيهية من قبل هذه اللجنة/ اللجان: يمكن التنفيذ من خلال أحد المقترحات الآتية:
أولا: أن تقوم الدولة بإنشاء هذه المراكز من الميزانية العامة لها، حيث لا يخفى بأن فوائد هذه المراكز سوف تعود بتوفير بل وتنمية مال الدولة الحقيقي من خلال حفظ الأمن وحفظ الشباب وحفظ الأسر والأحياء وتعميق معنى الانتماء وتقوية العلاقات الاجتماعية فيما بينهم.
ثانياً: أن يطرح المشروع على أبناء الحي، فإن أرادوا هم إقامته وإدارته واستثماره فهم أولى من غيرهم بذلك، ومن الطبيعي أن يكون الإشراف العام من قبل الجهة المقترحة وهي إما وزارة المعارف أو العمل.
ثالثا: أن ينظر فيما إذا كان بعض رجال الخير يريدون بناء عدد من هذه المشاريع على نقتهم الخاصة، و من ثم تسند إدارة المشروع إلى أبناء الحي فهذا كذلك مناسب تحت إشراف الجهة الحكومية المقترحة. (ويمكن أن يبدأ بالمدن الأكثر احتياجا للمشروع).
رابعا: إذا لم يتحقق أحد الخيارات الثلاثة الأولى فيمكن أن يطرح المشروع على المؤسسات والشركات الخاصة، حيث تقوم بإنشاء المشروع ومن ثم تأجيره على الحي بعد أن تتأكد - من خلال التنسيق - بأن الحي لديه استعداد لاستئجار هذا المركز الترفيهي ويمكن أن يكون هناك صياغة واضحة لكي تتم عملية الاتفاق بين الأطراف الثلاثة الحكومية والمستثمر، وأبناء الحي.
وفي الأخير يمكن على سبيل التجربة أن تقيم هذه الفكرة من خلال تطبيقها على بعض المدن أو أحياء داخل المدن وبالتالي دراسة نتائجها والتوجيه بما تظهره النتائج الميدانية للدراسة.
وإذا كانت القناعة كبيرة بفائدة مثل هذه المراكز، فلم لا يبدأ بها حسب الامكانيات الموجودة، والفكرة الصغيرة مع الوقت والتغير والإبداع، لا تلبث أن تكون كبيرة، بل وضرورة ملحة.
هذا ما أحببت اقتراحه خدمة لهذا البلد المعطاء، وحفظا لأبنائه ومقدراته.
(*) علم الاجتماع جامعة القصيم
تنظيم، تغير، مشكلات، تنمية اجتماعية
عضو مجلس الرعاية الأسرية بجمعية البر ببريدة
ت: 0505139706 للتواصل
|