قال معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي في كلمة أمام منتدى أوبك الدولي أمس الخميس في فيينا: للأسف هناك من يشكك في قدراتنا التقنية والبشرية والمالية في الحفاظ على زيادة الطاقة الإنتاجية فوق 1.5 مليون برميل يومياً، أؤكد أن شركة أرامكو السعودية التي تمتلكها الدولة بالكامل بعد شراء حصة الشريك الأجنبي قبل 25 عاماً استطاعت أن تضيف حقول نفطية جديدة في كل من الشيبة والقطيف وحرض وأبو سعفة لإنتاج 1.5 مليون برميل يومياً باستثمارات 7 مليارات دولار.
وأكد أن أرامكو السعودية استطاعت إضافة 54 تريليون قدم مكعب إلى احتياطيها من الغاز ليصل الاحتياط 235 تريليون قدم مكعب، كما استطاعت أن تضاعف طاقتها الإنتاجية من 3.5 إلى 7.5 بليون قدم مكعب يومياً.
وأشار معالي وزير البترول والثروة المعدنية إلى انخفاض نسبة مساهمة قطاع البترول السعودي في الناتج المحلي من 60 إلى 35% بعد التحسن الملموس الذي شهده الاقتصاد السعودي في القطاعات الأخرى.
وتوقع النعيمي أن يزيد استهلاك الغاز في القطاع الصناعي بنسبة 3.7% حتى عام 2025، وقد ارتفعت الاستثمارات في قطاع الغاز من 500 مليون دولار إلى 20 مليار ريال.
فيما قدر معاليه إجمالي إنتاج شركات البترول المملوكة لحكومات في العالم العام الماضي بنحو 37 مليون برميل من الزيت تمثل 47% من الإنتاج العالمي و55 مليون قدم مكعبة من الغاز تمثل 22% من الإجمالي العالمي.وأوضح أن عدد هذه الشركات يقدر بنحو 100 شركة تستحوذ على 72 من إجمالي احتياطات الزيت و55% من احتياطات الغاز.
وأوضح النعيمي أن وضع السياسات والتنظيم النفطي من اختصاص وزارة البترول والثروة المعدنية، فيما يترك تنفيذ الأعمال لأرامكو السعودية، ويقوم المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، إلى جانب كونه الجمعية العمومية لشركة البترول الوطنية، بوضع الأهداف الإستراتيجية لقطاع البترول. وقد تم تحديد هذه الأدوار بشكل واضح في المراسيم الملكية الصادرة بشأن الأهداف والمسؤوليات المناطة بالمجلس وأرامكو السعودية.
وهذه المهنية العالية لأرامكو السعودية إنما تعود في جزء كبير منها إلى البصيرة النافذة لحامل أسهمها ممثلاً في الدولة التي رأت، بعد شراء حصة الشريك الأجنبي قبل نحو 25 سنة، أن الإبقاء على أسس عمل الشركة التي أرستها الشركات الأربع التي كانت تملك أرامكو على مر السنين هو أمر ضروري لبناء صناعة بترول وطنية تتسم بالكفاءة.
وأقنع نجاح الشركة في تنفيذ التزاماتها الدولة بأن تعهد إليها بمهمة تطوير موارد الغاز الطبيعي في المملكة والذي بدأ في أواخر السبعينيات بإنشاء وتشغيل شبكة الغاز الرئيسية وتوسيعها فيما بعد.
وحول بناء شركة بترول وطنية متكاملة وفعالة، ذكر النعيمي أن الدولة أعادت هيكلة صناعة البترول فيها عن طريق تحويل أصول التكرير والتوزيع العائدة لها ممثلة في بترومين إلى أرامكو السعودية في مطلع التسعينيات، كما قامت بتوسيع نطاق أعمال الشركة خارج المملكة من خلال مشاريع مشتركة مختلفة في مجال التكرير والتسويق في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأقصى وكان هذا النهج المتدرج في بناء الصناعة مصدر قوة لأرامكو السعودية مكنها من تنفيذ المهمة الموكلة إليها في مختلف المراحل.
وأشار إلى أن عملية بناء صناعة البترول الوطنية السعودية استثمرت علاقات العمل مع شركات البترول العالمية في التوسع، فبدلاً من أن تنظر الدولة إلى شراء حصة الشركات على أنه نهاية عهد وعلاقة، تعاملت معه كفرصة للدخول في أنواع جديدة من الشراكات.
وتعد المشاريع المشتركة مع هذه الشركات في مصافٍ داخل المملكة وفي أماكن أخرى والشراكات الجديدة في أعمال الغاز في المملكة أمثلة على هذا التوجه.
وتمتلك أرامكو السعودية اليوم مشاريع مشتركة مع عشر شركات بترولية عالمية في مجال التكرير والتسويق وأعمال الغاز. وقال النعيمي: لقد قامت أرامكو السعودية بالبناء على هيكل الأعمال الكفء الذي ورثته عن سابقتها شركة أرامكو فوجهت جهودها نحو تحسين الكفاءة في مجال التدريب والتوظيف والمشتريات وأعمال الحقول والمعامل وغيرها. وقد ظهرت كفاءة استغلال الموارد من خلال تنفيذ مشاريع رأسمالية كبرى في السنوات الأخيرة مثل تطوير حقل الشيبة بطاقة 500 ألف برميل يومياً في منطقة الربع الخالي عام 1998م، أو إنشاء مرافق معالجة الغاز في كل من الحوية عام 2001م وحرض عام 2003م لإنتاج 3.2 بليون قدم مكعبة من الغاز في اليوم، ويضاف إلى ذلك توسعة الطاقات الإنتاجية لحقلي القطيف وأبو سعفة بحوالي 800 ألف برميل يومياً.
وقد تم إنجاز هذه المشاريع جميعها قبل أشهر من موعدها المقرر وبأقل من ميزانيتها المحددة.
وحول التطلع للمستقبل قال النعيمي: نجد احتمالات وتحديات تنتظر شركات البترول الوطنية في بيئة عمل تتسم بالتغير من جانب وعلاقات عالمية متغيرة في مجال الاقتصاد والطاقة من جانب آخر.
فلقد كانت السنوات الخمس الماضية بكل الحسابات سنوات استثنائية بالنسبة لصناعة البترول وسوقه، حيث اكتسحت أمواج الاندماج والتملك صناعة البترول وغيرت هياكلها العامة.
واندمجت الشركات العالمية العشرون الأكبر منذ عام 1997م لتصبح سبع شركات في عام 2003، ولتصبح بعض شركات البترول العالمية أكبر حجماً من بعض الشركات الوطنية.
كما تصاعدت وتيرة التحرير لأسواق الطاقة في كل من الدول المستهلكة والمنتجة على السواء وصاحب ذلك كله تقدم تقني هائل ومؤثر في جميع المناطق والصناعات.
وذكر أن شركات البترول الوطنية تعمل اليوم في مناخ عالمي وصناعي يختلف عما كان عليه حينما أخذت هذه الشركات زمام صناعة البترول في بلدانها قبل أكثر من ثلاثة عقود.. كما تعمل في ظل علاقات سياسية واقتصادية مختلفة حيث الاقتصادات أكبر حجماً وأكثر تنوعاً وتحرراً عما كانت عليه حينما تولت عملها.
وزادت ظاهرة العولمة من حدة المنافسة سواء فيما يتعلق بالأسواق أو برأس المال أو التقنية، كما أدت إعادة هيكلة الصناعات المختلفة في العالم، بما فيها صناعة البترول، إلى تغير أدوار الشركات وأسواق الطاقة.
مشيراً إلى أن جميع هذه التغيرات وضعت شركات البترول الوطنية تحت الأضواء وطنياً ودولياً فخضعت أدوارها وأداؤها للمساءلة، وأصبح على جميع شركات البترول الوطنية وحاملي أسهمها أن يعوا هذه التغيرات التي تشهدها الصناعة والبلدان والعالم أجمع واستخلاص الدروس من الخبرات المتراكمة لشركات البترول الأخرى وأن تقوم بتعديل إستراتيجياتها وعلاقاتها تبعاً لذلك. وتواجه كل شركة بترول وطنية تحديات مختلفة اعتماداً على المناخ السياسي وتطور صناعة البترول في البلد الذي تنتمي إليه، وهنا بوسعي أن أتطرق فقط إلى التغيرات والفرص المتاحة لشركة البترول الوطنية في المملكة العربية السعودية. وقال النعيمي: للأسف هناك من يشكك في قدرتنا التقنية والبشرية والمالية في الحفاظ على زيادة الطاقة الإنتاجية فوق مستوى 10.5 مليون برميل يومياً في الوقت الحاضر، وإلى هؤلاء المشككين في قدراتنا أحيلهم إلى سجل الشركة في بناء الطاقة الإنتاجية إلى مستواها الحالي والمحافظة عليه طوال العشر السنوات الماضية، حيث استطاعت الشركة من خلال قدراتها التقنية ومصادرها المالية الذاتية المحافظة على تلك الطاقة من خلال إضافات عدة من حقول الشيبة والقطيف وحرض وأبو سعفة، حيث بلغ إجماليها 1.5 مليون برميل يومياً باستثمارات تجاوزت 7 بلايين دولار. وقد نفذت تلك الاستثمارات من قبل الشركة الوطنية بالاستعانة، كما هو الحال في شركات البترول العالمية الأخرى، إلى خدمات شركات محلية وعالمية.
إن المشكلة لا تتمثل في قدرتنا على زيادة الطاقة الإنتاجية لأن هذا يقع ضمن إمكاناتنا التقنية والمالية والبشرية وضمن قاعدة الاحتياطي الضخمة في المملكة، ولكن المشكلة هي في توقيت وحجم الزيادة في الطاقة الإنتاجية, وهذا يعتمد على توقعات العرض والطلب للأجلين المتوسط والطويل ومدى دقتها. ففي خلال الأعوام القليلة الماضية جرى تعديل تلك التقديرات مراراً وبدأ الحديث عن سياسات في الدول المستهلكة للحد من نمو الطلب العالمي. إن حالات اللا يقين تلك هي التي تؤثر على قراراتنا الاستثمارية لزيادة الطاقة الإنتاجية وليس قدرات شركتنا الوطنية.
أما التحدي الثاني فيتعلق بالدور المستقبلي للشركة في الاقتصاد السعودي، فقد عهد إلى أرامكو السعودية من قبل الدولة بتطوير الموارد الهيدروكربونية للمملكة للإسهام في تحقيق أهداف التنمية المتمثلة في تنويع مصادر الدخل وتطوير الموارد البشرية. ولقد كانت أرامكو السعودية سباقة في هذا الجهد من خلال إنشاء شبكة الغاز الرئيسية وزيادة احتياطيات الغاز وطاقة إنتاجه ومعالجته. فمن خلال برامج مكثفة للتنقيب عن الغاز وتطويره، استطاعت أرامكو السعودية إضافة 54 تريليون قدم مكعبة إلى احتياطياتها من الغاز غير المرافق في العقد الماضي ليصل إجمالي احتياطياتها المؤكدة من الغاز إلى 235 تريليون قدم مكعبة يمثل الغاز غير المرافق نسبة 40% منها. كما استطاعت أن تضاعف طاقتها الإنتاجية من الغاز من 3.5 إلى 7.5 بليون قدم مكعبة في اليوم خلال السنوات الخمس الماضية.
ويتوقع أن يزيد استهلاك الغاز في المنافع والصناعة والتي بلغ معدلها السنوي 7.2% في العقدين الماضيين بنسبة 3.7% حتى عام 2025م. وقد استطاعت أرامكو السعودية تلبية الزيادة في الطلب على الغاز في الماضي بشكل كافٍ مسهمة بذلك في زيادة الاستثمارات السنوية في مجال البتروكيميائيات بدرجة كبيرة لترتفع هذه الاستثمارات من 500 مليون دولار في السبعينيات إلى أكثر من 20 بليون دولار في الوقت الراهن، وشكل ذلك دعماً لدور القطاع الخاص كما شجع على تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة.
وقال: إلى جانب التحديات التي تفرضها ظاهرة العولمة هناك أيضاً فرص متاحة لشركات البترول الوطنية.. فإعادة هيكلة الصناعة يوفر إمكانية إقامة تحالفات مع شركات البترول العالمية في مناطق ومجالات عمل مختلفة. فقد أظهر تصنيف عام 2003م لأكبر 50 شركة بترول في جميع أنحاء العالم أن شركات البترول العالمية تملك طاقة تكريرية تقدر بنحو 32 مليون برميل في اليوم وطاقة إنتاجية للزيت الخام تبلغ 22 مليون برميل في اليوم، فيما تبلغ الطاقة التكريرية لشركات البترول الوطنية 20 مليون برميل في اليوم، وتبلغ طاقتها الإنتاجية من الزيت الخام 37 مليون برميل في اليوم. ويمكن سد هذه الهوة الكبيرة بين الطاقة التكريرية والإنتاجية للزيت الخام من خلال إقامة تحالفات عمل بين المجموعتين في أشكال وأنماط مختلفة.
|