ولما كان هذا الموضوع مهماً وشيقاً الحديث فيه، وتحتاج إليه غالبية الأسر وخاصة الشباب والشابّات، الذين هم في مقتبل العمر، وعلى أبواب الحياة الأسرية، فقد يكون من المناسب أن نسير مع الجميع شباباً وكهولة وشيخوخة، ورجالاً ونساء في هذا الدّرب، الذي نرجو الله، أن تكون أبحاث هذا الدليل، معينة لهم في تخطي العقبات، وفاتحة أمامهم آمالاً عريضة في حياة مستقرة، وعشرة سعيدة، حتى يكون من وراء ذلك ثمرة صالحة يجنيها الوطن، بعد سعادة الوالدين، كما يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
نعم الإله على العباد كثيرة
وأجلّهن نجابة الأولاد |
إذ الجريمة، كما يقول المختصون، لا تنشأ وتتأصل عروقها، إلا في بيت مفكك العرى، تكتنفه مشكلات اسرية يتأثر بها الأولاد، فتنبت في أعماقهم جذور الشرّ، وحبّ الانتقام بأي أسلوب، لأن من شذ يحاول أن يثبت وجوده بأي طريق، مما يجعله فريسة للأيدي الآثمة، التي تتخطفه، وتشعل جذوة الشرّ في أعماقه، فيكون وبالاً على أسرته، وعنصر شر وجريمة في مجتمعه.
وهذا السفر الذي نوهنا عنه في الحلقة السابقة، قد أختير له اسم (دليل الإرشاد الأسريّ..الإرشاد بالهاتف)، فقد أعدّ مادته 17 مختصاً ومختصة، وراجعه دكتوران: محمد بن مسفر القرني رئيس قسم الخدمة الاجتماعية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة وصالح بن محمد الصغير، رئيس قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود بالرياض والمستشار بوحدة الإرشاد الاجتماعي، وأشرف على الاعداد والتحرير الدكتور عبدالله بن ناصر السدحان المستشار الاجتماعي في مشروع ابن باز الخيريّ لمساعدة الشباب على الزواج.
فقد جاء في البدء كلمة، وعلى الطريق الطويل خطوة تتضمن أولاً:
تغيير النمط المعتاد باسم المقدمة أو التمهيد إلى كلمة (البدء) والتي بان منها، أن هذا الدليل خير مثال في تعاضد الجهود، وتكامل الخبرات، لتقدم ما ينفع المجتمع، ويسد خلة فيه، ففيه قرابة عشرين فكراً وقلماً ورأياً ووجهة نظر، كلها تصبّ في كيفية تقديم خدمة الهاتف الاستشاري في موضوع
العلاقات الزوجية والأسرية ثم بيّن المشرف العام ومذّيل هذا البدء أن الدافع وراء اخراج هذا بإفادته أنّ ما لمسه وهو يقوم بتقديم الدورات التدريبية عن الإرشاد الأسريّ عبر الهاتف في عدد من مشروعات مساعدة الشباب على الزواج، في بعض مناطق المملكة، وجود حاجة ملحة، في إيجاد مادة علمية مكتوبة يتمكن المرشد من تصفحها وقراءتها للاستفادة منها، بعد انتهاء الدورة التدريبية.
ثم استمر البدء في عرض مجريات العمل، وما رسم له، مع التفاؤل بتحقيق المؤمل منه، خاصة وأن الاخوة والأخوات، المساهمين بآرائهم وتجاربهم العلمية والعملية المطروحة في هذا الدليل، قد أبدوا حماسة في الاستجابة، وتبسيطاً في العرض، لغة وتوضيحاً ونماذج حتى تعين المرشد في تحقيق الإيجابيات مع المسترشدين وتلافى السلبيات حيث يبدأ العمل بإصلاح ذات البين وفضله، مع الاهتمام بحديثي الزواج، حيث كثر طلب الاسترشاد من هذه الفئة، ولم ينس التنويه عن خطوات تتلوا هذا العمل، بدورات تدريبية تصبّ في تنشيط العمل الاجتماعي والأسريّ، في المجتمع السعودي، وسوف يستسهلون الصعب إن شاء الله في هذا السبيل.
وهذا الدليل يسير في خمسة أبواب، تحت كل باب عدة عناوين فالباب الأول: موقف الشريعة في الإرشاد الأسري، تحته ثلاثة عناوين هي: فضل إصلاح ذات البين، ثم الضوابط الشرعية والاجتماعية للإرشاد الأسري الهاتفي، ثم الضوابط الشرعية والاجتماعية للإرشاد الأسري، وكل عنوان كتب فيه احد المشايخ (11-58).
- والباب الثاني: الأسس والمبادئ، وتحته ثلاثة عناوين أيضا هي: مبادئ توجيهية عامة في الإرشاد الأسري الهاتفي ثم: مبادئ وأسس الإرشاد الأسري الهاتفي، ثم أسس نجاح الإرشاد الأسري الهاتفيّ، وكل عنوان كتب فيه أحد الدكاترة (59-101).
- والباب الثالث: مهارات الإرشاد الأسريّ والهاتفي، وتحته ستة عناوين وهي: المهارات المهنية المطلوبة لمن يعمل في الإرشاد الأسري الهاتفي، ثم مهارات المقابلة الهاتفية في الإرشاد الأسريّ الهاتفي، ثم مهارات المقابلة الهاتفية في الإرشاد الهاتفي الأسريّ، ثم مهارات الاستماع والإنصات للمرشد، وآلية طرح الأسئلة، ثم فنيات المكالمة الهاتفية في الإرشاد الأسريّ، وأخيراً مهارات التسجيل الكتابي في الإرشاد الأسري الهاتفي، وكل عنوان كتب فيه من يحمل الدكتوراه رجالاًَ ونساء (ص 103-174).
- والباب الرابع: الخصائص النفسية والاجتماعية للمسترشدين وتحت هذا العنوان كتب في موضوعاته 3 دكاترة من الرجال، و3 من النساء يحملن الدكتوراة، وعناوين كتاباتهم: الخصائص النفسية والاجتماعية، للمسترشد، والثاني بنفس العنوان، أما الثالث فهو: الخصائص النفسية والاجتماعية للمتزوجين حديثاً، وبنفس العنوان الموضوع الرابع، أما الخامس فهو: أسس فهم العلاقات الاجتماعية لكل من الزوجين تجاه اسرة الآخر، والسادس: دراسة ميدانية بعنوان (الخصائص الاجتماعية للمسترشدين) (ص 175-226).
- ثم يأتي الباب الخامس بعنوان (الخطوات الإجرائية في الإرشاد الاسري الهاتفيّ) وفيه سبعة موضوعات هي:
العلاقة المهنية الهاتفية بين المرشد والمسترشد.. حدودها وكيفية تحقيقها، والثاني: قواعد عامة في كيفية التدخل في الأزمات الأسرية الطارئة، والثالث: الخطوات العملية التي تساعد المرشد على فهم المشكلة الأسرية، والرابع: الخطوات العملية التي يحتاجها المرشد لتقديم إرشاد أسري هاتفي ناجح، اما الثلاثة الأخيرة: الخامس والسادس والسابع فعنوانها واحد مع اختلاف الكاتبين، والعنوان هو: كيف يتعامل المرشد مع الضغوط النفسية والاجتماعية (ص 267-352).
ورغم أن العناوين متشابهة، إلا أن الآراء المطروحة في كتابة كل مشارك مختلفة، وما فيها من وجهات نظر وأمثلة مستشهد بها، متباينة مع آراء الآخرين، ولعل ما دفع بالكاتبين والكاتبات إلى التزام عناوين متفقة أو متماثلة تماماً للآخرين، هو الالتزام بما حدد لكل منهم بالكاتبة في الباب الذي حمل الاسم هذا، فتقيدوا جميعاً بذلك، ولم يدر بخلد واحد أنه سيتقيد بعنوان مشترك ولا نقول: إن ذلك من باب توارد الخواطر، وإنما هو من التزام ما لا يلزم، وليس المهم العنوان وإنما المهم، ما تحته من معلومات، وما يرجى من نتائج
المرأة والرجل
ذكر الشيخ حمد الحقيل في كتابه (صيد القلم) أن الرجل يتخذ المرأة زوجة له، بل رفيقة في الحياة تساعده في السّراء والضّراء، فيصون بها دينه، ودنياه، ويحصن بها فرجه، ويحفظ ماله، ويبقى له من نسله منها ذكر خالد واسم باق، فهي أليفته وصديقته، المشاركة له في أفراح الحياة وأحزانها، وكذلك تتخذ المرأة الرجل زوجاً لها يحميها من طوارئ الحدثان، ومصائب الأيام، ويكون اذ ذاك لديها في مقام أبويها، متكفلاً براحتها وهنائها، فتضع ثقتها فيه، وتجعل نفسها وقفا عليه، ومتى سارا على النهج القويم، واخلصا لبعضهما في الحب، وتبادلاه فيما بينهما، وقام كل منهما بواجباته، نحو قرينه بصفاء نية، وحسن طوية، وسلك مسلك الأمانة فيما بينهما، عاشا في سعادة لا يشوبها كدر، وسرور لا يمازجه عناء، ولا يخفى على كل عاقل وعاقلة، أن الأمانة هي سر الزواج المقدس، والحصن الحصين الذي يقيهما غوائل الشقاء والجفاء، والواجب على الرجل والمرأة، أن يعملا يداً واحدة، كل فيما يخصه في سبيل السعادة، فيتشاوران فيما بينهما فيما يجب أن يفعلاه، ويكون الاتفاق رائدهما، والإخلاص غايتهما، ولا تقاوم الزوجة زوجها إذا صمم على امر، ولا تحاجه فيه، بل ترضخ لأوامره، وتنصاع لرأيه احتراماً لحقوقه، وحسماًَ للنزاع.
وإن أحكام الدين الإسلامي الواردة بتستر المرأة، جالبة لمنافع عديدة، ومانعة لمفاسد متنوعة، حتى إن كثيرين من حكماء الاوروبيين، يقدرون هذا التستر حق قدره، وقد اتفقت آراء عظماء المسلمين، بل ورجال الشرق بأجمعه بوجوب ستر المرأة، بالحجاب الذي يحجبها عن الناس، بحيث لا تقع أعينهم عليه، لزعمهم أن النفوس تطمح في كل شيء حسن، وتتعشق كل طلعة جميلة والرجال جميعاً يميلون إلى مغازلة النساء، ويهيمون بالمرأة الرائعة الجمال، وهي مستورة بحجاب فما بالك إذا مرت أمامهم بقامتها الهيفاء، حاسرة الرأس، مكشوفة الوجه، إنها ولا شك تسبى عقولهم، ووجد رجال الشرق في الحجاب فائدة عظيمة هي صيانة الأعراض ولهذا حافظ الشرقيون على الحجاب، وحذروا الناس من تركه، وهذا هو السر في اهتمام الإسلام بحجاب المرأة المسلمة (79-82).
|