السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تابعت في الآونة الأخيرة الأصداء التي رافقت قرار وزارة التريبة والتعليم بعدم قبول خريجي دبلوم الانجليزية بتدريس اللغة الانجليزية وكذلك قبول ألفي معلم من مجموع خمسة آلاف خريج من خريجي كليات المعلمين للعمل في سلك التدريس، والذي كان آخرها ما كتبه الأخ عبدالعزيز الدريهم في العدد رقم 11664 بعنوان (افسحوا المجال أمام شبابنا) فبعد سنوات طوال أمضاها ابناؤنا في قاعات الدراسة وما يلاقونه من معاناة في تسيير أمور المعيشة وتوفير مستلزمات الدراسة ودفع الايجار وبعد المسافة بين مقر سكنهم وأسرهم وبين كليات المعلمين التي يدرسون فيها ليصطدموا بعدها بأنهم قد اصبحوا بلا عمل، إنها حقاً مفاجأة للجميع.. للطالب واسرته ومن هم في حكم إعالته لهم، فلماذا نستغرب كثيراً وجود البطالة وتكدس مخرجات التعليم ونحن من يتعمد اصلاً اختلاق هذه البطالة بقرارات غريبة؟
إن وزارة التربية والتعليم بلا شك تبحث بشتى السبل تجديد وتطوير العملية التعليمية برمتها، ولكن هذا لا يبرر أبداً ان نحرم ثلاثة آلاف خريج من خريجي كليات المعلمين والكليات الجامعية التربوية من التعيين في مدارسها تحت حجة انهم لم يجتازوا اختبارات الكفاية الأساسية، فيا سبحان الله أربع سنوات قضى فيها الطلاب ثمانية فصول دراسية وتتلمذوا خلالها على ايدي هيئة تدريس أكفاء تذهب هباء منثوراً، لماذا لا تسأل الوزارة نفسها حينما تبادر إلى هذا التصرف؟
هل هو اعتراف منها بعدم كفاءة اعضاء التدريس بتلك الكليات أم عدم صحة وسلامة المناهج التي يتعاطونها فيها أم عدم تفوق هؤلاء الخريجين في عملهم وبالتالي فإنها تعقد هذا الاختبار لتبين الصالح الطالح منهم ؟
لماذا لا تغلق هذه الكليات وترتاح من عناء المتابعة؟
كما ان هذا المسمى باختبارات الكفاية الأساسية ليست فيه أية مصداقية في نظري فالوزارة كيف تختبر طالبا مستجدا تخرج لتوه من الكلية او الجامعة ولم يمارس ابداً العمل في الميدان التعليمي حتى يمكنها خلال ساعة اختبار الحكم عليه؟
يبدو انها قد دخلت أيضاً نفس طريق الشركات الوطنية التي تطلب الخبرة قبل المؤهل، والتي كان عليها إذا ارادت أن تحكم على فشله من عدم ان تجعل العام الأول للمعلم الجديد بمثابة سنة (تجربة) حيث انه خلال هذا العام سيندمج في الميدان مع معلمين سبقوه في هذا المجال فيستفيد من خبراتهم وسيعمل تحت إدارة مدير متمرس وسيزوره خلال العام المشرف التربوي أكثر من مرة فيوجهه للأساليب الحديثة والجديدة في سلك التدريس عندها يفترض ان يكون التقييم النهائي للمعلم الجديد في نهاية هذا العام عندئذ سيكون أكثر جدية ومصداقية ويكون قد اعطى الفرصة الكبيرة قبل ان يحرم من مشاركة زملائه العمل التعليمي، الشيء الآخر الذي أحب أن أتطرق إليه هو: لماذا ترفض وزارة التربية والتعليم قبول مئات الشباب من خريجي دبلوم اللغة الإنجليزية بحجة أنها تبحث عن حملة البكالوريوس ثم تذهب لتتعاقد مع معلمين من الخارج لهذا الغرض وتحرم ابناء البلد من فرصة خدمة وطنهم؟
يا سبحان الله.. هل اصبح تدريس (لغة) صعبا إلى هذا الحد شأنها شأن الكيمياء والفيزياء والأحياء؟ نحن نعرف ان الذين سيدرسهم طلاب بالصف السادس الابتدائي ولأنهم سيتعلمون لاول مرة الحروف الإنجليزية وبعض الكلمات وتكوين الجمل وسيتعمقون في تدريس هذه المادة مستقبلاً بالمرحلتين المتوسطة والثانوية، ولذا فهو امر بسيط جداً لا يحتاج إلى كل هذا التهويل، إننا وللأسف الشديد نختلق البطالة في كل مكان فالشركات والمؤسسات والإدارات الحكومية تضع الشروط التعجيزية أمام الشباب السعودي فيكون المجتمع في النهاية هو ضحية هذه التصرفات لأنه عندئذ ستنشأ البطالة التي تعني الفراغ والفراغ يعني الانحراف بشتى صوره من جريمة وإدمان مخدرات وسرقة واضطرابات نفسية ومشكلات لا تنتهي، فلماذا لا نبحث لها عن علاج حتى
لا تتأزم الحالة وتتحول إلى مرض خطير يصعب الشفاء منه.
محمد بن راكد العنزي
محرر جريدة الجزيرة بطريف
|