مشكلتنا كعرب.. أو كعالم ثالث.. أننا لم نشبع بعد من الشعارات، ولم نتأدب من الكوارث التي حلَّت بأمتنا من تحت هذه الشعارات التي تحمل أكثر من اسم وأكثر من لفظ، ولكنها في النهاية ألفاظ جوفاء.. قادت الأمة إلى كوارث مفجعة.
** هل نعي درس لبنان يوم تحوَّل البلد كله إلى ساحة حرب.. فدمرت البلاد، وهلك العباد وتشرَّد من تشرد.. وصار البلد أشبه بالغابة؟
** كم ذُبح في لبنان زمن الحرب؟
** كم دُمِّر وكم ضاع البلد؟
** وإلى اليوم.. ورغم كل شيء.. لا زال لبنان يعاني من آثار الحرب والدمار.
** وإذا التفتنا إلى الصومال مثلاً.. كبلد عربي، هو الآخر تجاذبته القوى والزعامات ومدعو الإصلاح.. ومدعو التَّقدم والتحضر والحرية، حتى صار الصومال غابة مخيفة.
** وكم هلك في الصومال؟ وكم ضاع؟ وكيف غابت معالم البلد؟ وأين الصوماليون.. وأين الدولة؟
** ولا زال الصومال حتى الآن يعيش حالة تخبط وفوضى.
** وإذا التفتنا إلى حالة الجزائر مثلاً وسألنا.. كم مات من الجزائريين في الصدامات المسلحة تحت أكثر من ذريعة؟
** وكيف تخلف البلد لسنوات؟ وكيف أصبح بلد احتراب لسنوات قبل أن يتعافى مؤخراً؟
** والسبب.. هو الشعارات والتجاذبات.. ومعلنو الإصلاح ومعلنو الحرية.. ومعلنو التقدم وزعماء الأحزاب وهكذا.
** وإذا التفتنا أيضاً إلى مثال قريب، وهو العراق.. وكيف تحوَّل إلى معركة واحدة يموت فيها يومياً عشرات الأشخاص، لوجدنا أن السبب هو الشعارات والعنتريات والبطولات الجوفاء.. واستعراض العضلات بشكل ضيَّع البلد.. ودمَّر العباد.
** لدينا عشرات الأمثلة.. وكيف تحوَّل أكثر من بلد إلى ساحة للحرب والدمار والفساد.. وكيف تقوَّضت حياة الأمن والسعادة والاستقرار إلى حالة فوضى وفساد ودمار وخراب، وكيف دخل البلد في دوامة عنف، وكيف صارت الحياة اليومية احتراباً.. ولم يعد يأمن أحد على نفسه، ولا على أهله، ولا على عرضه.. وغابت المظاهر الاعتيادية، ولم يعد أحد يصلِّي في المسجد، وغاب كل شيء إلا مشاهد الخراب والدمار والموت.
** إن حالات الدمار والفوضى التي قوَّضت ودمَّرت أكثر من بلد.. قادتها أقلام وأفكار كانت تتحدث عن الإصلاح والتَّقدم والتحضر والحرية.. وكانت تريد أن يسير المجتمع كل المجتمع وفق هواها، فضحكت على بعض الناس وساروا خلفها، فضاعوا وضاعت البلاد.. و(من مِسَكْ ذنب البقرة.. تْوَدِّيه للجفر) كما يقول المثل الشعبي.
** في بلدان نعرفها.. عربية وغير عربية، كانت تعيش في رغد العيش.. وكانت تعيش في استقرار وسعادة ورخاء.
** واليوم.. تحوَّلت أمورها إلى دمار وخراب وفساد وفوضى..
** لقد كنا في سنين خلت.. قبل حوالي مائة عام نعيش في حالة فقر وتخلف ومرض وجوع، وكنا نذهب أو نستورد من بلدان تعيش حياة رخاء ورغد عيش..
** واليوم.. تحوَّلت أمور تلك البلدان، فصارت في ضنك عيش، والسبب.. بعض أبنائها المندفعين.. أو المدفوعين، نتيجة غبائهم.
** بلدان كثيرة.. كانت تُسمَّى بلدان الخيرات واليوم تعيش على المساعدات.. وتنتظر هذه الإعانات والمساعدات.
** أين الزعماء.. الذين كانوا يطلقون عبارات عنترية.. وبأنهم سيحرقون إسرائيل وسيرمون الصهاينة في البحر وسيعملون ويعملون؟
** لم يقدموا سوى الخراب لديارهم.
** لقد عانت الشعوب العربية المسكينة من تصرفات وأفكار هؤلاء (المهابيل) وتبدَّلت أحوال بلدان كثيرة من رغد عيش.. إلى ضنك العيش.
** الدنيا كلها دروس وعبر، ومن لم يعتبر ويتعظ من الدروس قد يقع في نفس الفخ.
|