* الرياض - فارس القحطاني:
بيّنت الدراسة العلمية التي نفذها مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة حول (الجلطات الدماغية والإعاقات المرتبطة بها مع عوامل الخطورة) وجود العديد من العوامل المرتبطة بارتفاع معدل حدوث وشدة الإعاقة.
واستمرت الدراسة التي قام بها الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن محمد يوسف الطحان وفريق من الباحثين لمدة عامين واشتملت على 95 مريضاً، ادخل منهم للمتابعة المنزلية والتحليل النهائي 75 مريضاً فقط، في حين تم إدخال 122 حالة ضابطة مماثلة للمرضى بالعمر والجنس لنفس المستشفيات التي أجريت بها الدراسة.
وتراوحت أعمار المرضى ما بين 16 إلى 95 سنة وكان عدد الذكور يمثل ما نسبته 66.2% في حين كان عدد الإناث يمثل 33.8% فقط.
وتمثلت عوامل الخطورة الرئيسية من خلال النتائج التي توصل لها الباحثون في ارتفاع الضغط الشرياني لدى (57)% من المرضى، حيث تسبب ذلك في ارتفاع خطورة الإصابة بالسكتة الدماغية إلى أربعة أضعاف، كما تسببت الإصابة بالداء السكري بمضاعفة نسبة الخطورة.
وأدى ارتفاع شحوم الدم إلى زيادة في نسبة التجلط بمعدل 21% في حين لم تكن للإصابة بأمراض القلب الوعائية وارتفاع الوزن والتدخين تأثير محسوس عكس ما كان متوقعاً.
وكان للعادات الغذائية أثر ملحوظ وخصوصاً معدل تناول الملح، حيث ارتفعت الخطورة لدرجة كبيرة عند استخدام الملح بشكل مفرط. وتبين أيضاً أن أكثر من 66% من المصابين كانوا يتناولون الشحوم بصورة مفرطة. وقد توصلت الدراسة إلى أن تناول السمك وكذلك التمرين العضلي المنتظم كان لهما تأثير إيجابي معتدل في تخفيض خطورة حدوث الجلطة الدماغية.
وعند تقييم المرضى في الشهر السادس بعد الإصابة بالسكتة الدماغية كان 60% منهم قد عاد إلى مرحلة الاستقلالية الكاملة، واستطاع (52%) العودة إلى ممارسة أعمالهم السابقة. أما البقية فكانوا يعانون من إعاقات مختلفة ومتفاوتة الشدة.
وكانت الإعاقة لدى 12% من المصابين شديدة وتتطلب عناية كبيرة، بينما تأثرت القدرات الادراكية بمعدلات متباينة لدى 27% منهم.
وأظهرت النتائج أيضاً أن 36% كانوا يعانون من صعوبة متفاوتة في النطق، و7% كانوا بحاجة للمساعدة أثناء الأكل و14% عند ارتداء الملابس و12% كانوا غير قادرين على المشي و14% بحاجة للمساعدة عند دخول الخلاء و12% كانوا يعانون من سلس بولي. وقد اشتكى 11% من الإحساس بالوحدة بينما أصيب أكثر من الثلث بالاكتئاب واشتكى 3.7% فقط عند حدوث تغير واضح في علاقاتهم العائلية. أما عند الشهر 12 فقد تمكن أكثر من 70% من المصابين من الاعتماد على أنفسهم بعد الله والاستقلالية.
وتوصلت الدراسة إلى العديد من النتائج كان من أهمها ما يلي:
1- مقارنة بالدراسات الغربية فإن الداء السكري يلعب دوراً أكثر أهمية في إحداث السكتة الدماغية في المجتمع السعودي وكذلك بالنسبة لارتفاع الضغط الشرياني الذي يعتبر من أهم عوامل الخطورة ويبدو أيضاً أن له تأثيراً أكبر في مجتمعنا يعود على الأرجح إلى المستوى المتدني نسبياً في معالجة وضبط ضغط الدم.
2 - هناك انخفاض ملحوظ في حدوث تضيق الشرايين السباتية لدى مرضى الدراسة، ولكون ذلك مرتبطاً إلى حد ما بالتدخين فإنه قد يشير للأثر الإيجابي لقلة نسبة التدخين بالمجتمع السعودي مقارنة بالمجتمع الغربي وخصوصاً لدى شريحة أعمار المرضى (معدل متوسط 58 سنة).
3 - يبدو أن معظم وفيات المرضى تحدث قبل مجيئهم إلى المستشفيات وبالتالي تعكس بطء إحالة المريض سواء من قبل العائلة أو المراكز الصحية الأولية، مما يعني عدم حصولهم على العناية المطلوبة في وقت مبكر.
كما تبين أن نسبة ضئيلة فقط من المرضى أعطي لهم الأسبرين في الأيام الأولى من السكتة مع الأخذ بالاعتبار أهمية استخدام الاسبرين في هذه المرحلة من الإصابة بالجلطة، مما يشير إلى أن هناك قصوراً مهماً في مجال التوعية الصحية سواء للكوادر الطبية أم لعامة الناس في مجال السكتة الدماغية والتطورات الحديثة في مجال علاجها.
4 - تبين أن المصابين خلال الأشهر الأولى بحاجة إلى عناية كبيرة ويتم معظمها في المنزل على الرغم من أن الرعاية الطبية المنزلية محدودة جدا مما يعني أن العبء الأكبر يقع على كاهل عائلة المريض دون توفر الإشراف والعناية الطبية المثلى.
وقد أظهرت الدراسة مدى حاجة ورغبة المرضى وعائلاتهم في وجود مثل هذه الرعاية التي تساعد ليس فقط على رفع مستوى العناية الطبية للمرضى وتخفيف معاناة عائلاتهم، بل أيضاً تخفيف العبء على مراكز الرعاية الطبية الأولية والمتخصصة والتأهيل.
وقد بينت الدراسة الفائدة الملحوظة للعلاج الطبيعي لهؤلاء المرضى الذي يتلقون معظمه خلال وجودهم في المستشفيات فقط.
5 - مع العلم بأن أكثر من 70% من المرضى أصبحوا مستقلين وظيفياً بعد سنة من الإصابة إلا أن نسبة 30% بقيت تعاني من إعاقات متباينة الشدة. ويشكل هؤلاء عبئاً كبيراً على المجتمع تتحمله العائلة أولاً إضافة للمؤسسات التأهيلية المتوفرة.
|