إن كل جيل يسير مع عصره، فالعصر هو الذي يطبعنا بطباعه، إن هذا العصر تميز بالمكتشفات المتعددة وبأدوات ومجالات الرفاهية الكثيرة، وهو مجتمع استهلاكي كلما قضيت حاجة جدت لك حاجات، لا فرق بين المواطن السعودي وغيره من المواطنين في الشرق والغرب، الكل يريد أن يصل بسرعة، الكل يريد اليوم أكثر من 24 ساعة، لقد لحقت الروح الاستهلاكية حتى الاطفال فلم يعد الطفل هادئاً ومطيعاً، إن له طلباته المتعددة وأيضاً أخطاءه وامراضه المتعددة، وهذه السرعة إما أن تسهم في المزيد من الطموح وإما أن تخلق المزيد منم الضحايا واللصوص الأفاقين ومحبي الراحة، إنه عصر الركض، المهم أن تركض وتركض، وكلما انتهيت من شوط دخلت في شوط جديد، وفي سبيل الوصول لا يوجد مانع من تحطيم كل من يقف أمامك وبجانبك وربما خلفك، المهم أن تصل، إن لكل جيل خصوصياته ومزاياه وأخطاءه أيضاً وأبرز أخطاء هذا الجيل ومزاياه السرعة الزائدة للوصول إلى الحد الأقصى: في المراكز، الشارع، المدرسة وهذه السرعة تحبط بعض الناس، لذلك من الطبيعي أن تجد المهزومين والكسلاء والاتكاليين، إنني أسمي الجيل السابق جيل الخيبات والنيات الطيبة، أما هذا الجيل فهو جيل السرعة الفائقة والاستهلاك والقلق والعدوانية وافتقاد الأمان والطمأنينة!
في هذا العالم لا بد أن يستفيد الجميع من الجميع، والا لماتوا جوعاً وعطشاً وكمداً، إن الحانوتي يفرح لموت الآخرين، وتاجر السلاح يفرح عندما تندلع الحروب، والمغنية والخياطة والكوافيرة يفرحون للأعراس والمناسبات السعيدة، ومقاولو الانقاض يفرحون للكوارث، الكل مربوط بالكل، ولا يمكن للحياة الإنسانية أن تستمر والجميع بصحة جيدة، فلا بد أن يموت بعض الناس ليأخذ بعض الناس مواقعهم، ولولا الحروب والعنف والقتل والأوبئة والأمراض لاشتكت الارض من سكانها ونضبت الآبار والحقول، إن كل هذه الكوارث تؤدي إلى شيء واحد: الموت!
ومع ذلك فالجهود لن تتوقف، لمنع الحروب والقتل والكوارث، مع أن هذه الأشياء وجدت منذ بدء الخليقة لتبقى، وسبحان من له العزة والدوام سبحان واهب كل شيء!!
كل إنسان يريد أن يصل للمستحيل، كل إنسان تأتيه لحظة يتصور فيها أنه فرعون زمانه، لكن لا أحد يصل إلى أكثر مما تؤهله له ظروفه وطموحاته وذكاؤه، إن النيات الطيبة تؤدي بالإنسان أحياناً إلى الخسارة وتؤدي به أحياناً إلى أن يخدع ويسرق، وهي تؤدي إلى أن يعيش هذا الإنسان آمناً مطمئناً راضياً بما يكسبه، راضياً بيومه وغده ومستقبله، انه إنسان ينظر للحياة بعين وردية، لكن هذا الإنسان على وجه العموم نادر، فالجميع يحبون المال والأبناء والنساء، وهم في سبيل ذلك يعانون ويعانون، فمن يحصل على الزوجة الصالحة يريدها جميلة وخدومة وغنية، ومن حصل على الأبناء يريدهم مطيعين وأذكياء وناجحين، ومن يحصل على الالف يريد المليون وهكذا... لن تجد أحداً راضياً أو بعيداً عن القلق والاكتئاب، فقد أصبح صديقاً لكل شخص!!
لعبة التطرف
بعض الدول تتغنى أجهزة إعلامها بمكافحة الجريمة والإرهاب، وإذا وقع فيها حادث، أيُّ حادث، اتجهت انظار ساستها ورجال إعلامها لاصطياد دولة أو جهة ترمي عليها تهمة مساندة ودعم الإرهاب، وهكذا انتهت من مهمتها، بإزاحة عبء التقصير وعدم المتابعة عن أجهزتها الداخلية.. وهذه الدول ليست من دول العالم الثالث فقط، لكنها تطال حتى الولايات المتحدة، فهي مثلما تدعي مكافحة الإرهاب، تساند -إذا اقتضت الحاجة والظروف السياسية- الأحزاب أو الأفراد المنشقين عن دولهم، وهي عامرة بمنشقين بالحق والباطل عن حكوماتهم، ومن هؤلاء: روس ومكسيكيون وكوبيون وكوريون وعرب وإيرانيون.. كل هؤلاء يحظون بالرعاية الفائقة لاستخدامهم في الوقت المناسب ضد دولهم، هؤلاء كيف تنظر إليهم الدولة المضيفة؟ أي نظرة إلا أنهم إرهابيون، والأمثلة على ذلك كثيرة!
وهناك رعت وقربت، فئات سياسية أو دينية، لتعطي بعض التوازن لسياستها أو لتضرب بهم طرفاً آخر، وحالما انتهت المهمة، يتحول أفراد هذه الفئة، إلى أسود جائعة، فقد انتهت مهمتهم، ولأن الجوع قاتل فليس أمامهم غير راعيهم وسيدهم سابقاً.. هذه الحالة موجودة في العديد من الدول، وهي ساهمت كثيراً في إفراز ما يعرف حالياً بالأفغان العرب، الذين أصبحوا مثل البدو الرحل، حالما ينتهون من مكان يتجهون إلى مكان آخر، وإذا عزت الأمكنة خلقوا المتاعب للدول التي انطلقوا منها.. والمؤسف أن دولة واحدة شرقية أو غربية لم تفكر في استيعاب هؤلاء الذين انشقوا على مجتمعهم، ليكونوا أعضاء فاعلين.
فاكس 014533173
|