Wednesday 15th September,200411675العددالاربعاء 1 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

تمديد بعض الخدمات تعطيل للكفاءات تمديد بعض الخدمات تعطيل للكفاءات
محمد بن ناصر الأسمري

منذ زمن طويل وأوضاع الادارة في ضعف، على عكس ما كان من المفترض من اتساع مساحة الثقافة والتعليم والانفتاح الحضاري، وتنوع وتداخل التخصصات وتراكم الخبرات وسعة المدارات، وتنوع أوعية المعلومات، والسبب في نظري لمثل هذا هو المديرون الذين استماتوا في الحفظ والاحتفاظ بمراكزهم الوظيفية والذين يخشون تولي أجيال جديدة لمناصب القيادة والتطوير.
وهذا الأمر له حالان الأول هو الاحتفاظ بموظفين وقيادات قد تجاوزها الزمن بحكم التقاعد النظامي بقوة وسند النظام علاوة على سند وحجية ومنطقية عدم القدرة على الاستمرار.
والثاني هو رغبة متوجسة من كشف العجز والأخطاء باستبقاء هذه النوعية من العاملين لكي يداروا معضلة التقادم المعرفي لعلوم ومستجدات الإدارة ونظم المعلومات.
وهذا عجز فكري يسنده عجز في تصريف أمور الاجهزة بل هو عجز ممتد إلى الوعي والعلم بأصول ونظريات علوم وتخصصات متداخلة للادارة المالية والإدارية والصناعية ونظم المعلومات الادارية، والجغرافية والتخطيط الحضري والإداري الشمولي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذا التخصصات الطبية وغيرها من العلوم.
ولعل السبب الأعظم بعد ازدواجية التعليم الذي كان نهجه ودرسه، سيد البيد في وجود مخرجات ومتخرجين مزدوجي الفكر الإداري والنمطي، فأصبحت لغة الإدارة غير متجانسة رغم التنوع الثقافي للمنابت والأصول لمجتمعنا.
إن احترام ما قدم الأجداد والآباء من جهد مضنٍ واجب تفرضه خصوصية السبب لا منطق النص فلكل زمان دولة ورجال ونساء أيضا؟ لكن فقه واقع الحال والضرورة لم يعد فيه متسع للاجتهاد الظني في نظرية (دلوما دلوطين) فقد تبدل الحال المعيش إلى نظرية (الجود من الموجود) كثير ولله الحمد لكنه وجود مصاب بفيروس في مرجعية التطبيق المستمد من الذهنية الفكرية الجامدة التي لم تعد لغتها مقبولة في مجتمعات اليوم التي تعلم لغة ومفاهيم وتطبيقات علمية جادة وعصرية يفرضها واقع ومتطلبات العصر.
لقد برزت في العقدين الماضيين من مشوار حالة تمديد الخدمة لموظفين محالين على التقاعد بقوة النظام لبلوغ السن القانوني 60 عاما، ومدة الخدمة وفي هذا مخالفة للنظام بل ولنواميس طبيعة الحياة للكائن الحي ولمراحل الحياة 40 عاما، التي يمر بها الإنسان بقدر الله عز وجل. فالفكر والعقل سيضمران كما الأعضاء؛ ضمور بركة وحركة.
هذا الحال: تطويل للخدمة وتعطيل لكفاءات اكثر وعياً وفهماً وعلماً وتخصصاً معرفياً ومهنياً، وإدراكاً ودراية وتدريبا لأداء الدور الوطني في الخدمة العامة، وتطوير سبل الأداء والممارسة بفكر متخصص وذهنية منفتحة واعية بمتطلبات الواقع المعيش ولغة العصر والمصر إن سلوك التمديد والتمطيط نابع من أسلوب المغالطة، ترى أين الخلل النظامي فيما تطالب القيادة به من خلال التعاميم السنوية بمنع التمديد، بل الرفع بطلبه من قبل الوزراء؟ وما يمارسه بعض المسؤولين في تكريس شغل المناصب ومنع وصول كفاءات وقيادات وطنية اكثر وعيا وعلما وقدرة إلى مناصب الإدارة؟ أن ما يعانيه الناس في إدارات الخدمات هو نوع من إنتاج إدارة مصابة بداء الهرم الفكري.
بل ربما تجاوز هذا إلى حرمان أبناء لموظفين قياديين من العمل بدلا من الآباء.
من يصدق أن هنالك موظفين قد جدد لهم اكثر من سبع مرات، ومن كان ذكياً منهم، قبل التعاقد معه براتب مقطوع قد لا يصل إلى نصف راتب المرتبة، إضافة إلى راتب التقاعد، وهنا فهؤلاء قد عطلوا وظائف قيادية خالية وشاغرة كان يمكن إشغالها بكفاءات اكثر قدرة على العمل والإنتاج.
وقد يكون هؤلاء الشاغلون المشغلون قد كرموا في حفل التقاعد السنوي.
ولا نعلم ما هو دور مجلس الخدمة المدنية، وربما وزارة الخدمة المدنية وديوان المراقبة العامة من هذه الأعمال التي لا تخلو من مخالفة نظامية لتعاميم مجلس الوزراء وتوجيهات القيادة أيدها الله.
إن تقاعد موظف في مرتبة من مراتب الوظائف العليا التي تخضع للترقية والتعيين لوزارة الخدمة المدنية والجهة التابعة لها الوظيفة - بخلاف وظائف المرتبتين 14؛ 15 الخاضعة لقرارات من مجلس الوزراء، هذه الترقية سوف تحدث ترقيات لما تنازل من مراتب حتى الأولى في سلم الوظائف المدنية، ولو افترض انه يتقاعد من الحكومة كل رجب 500 موظف في وظائف عليا فان من سيرقون من الأولى حتى المرتبة الثالثة عشرة، سيكون 500 في كل مرتبة من هذه المراتب، أي أن تحريكا لركود الوظائف والتوظيف سيوجد أجيالا تخدم الوطن، وتطور الخدمات بنفسيات عالية وطموحات أعلى ونفسيات أحلى، وأجلى.
أما البقاء على الوضع الحالي فهو تمطيط وتمغيط، لا ينفع ولا يفيد.
أنا اعلم يقينا أن في كمّ واعداد المتقاعدين عن العمل بقوة النظام شخصيات لها بصمات جلية في دفع عجلة الإدارة المحلية والتخصصية، ولا أرى ما يمنع من توظيفهم بعقود منفصلة عن وظائف المناصب المرصودة في الميزانية، للإفادة منهم مستشارين يشيرون بالخبرة سواء أكان المجال مدنيا أو عسكريا وبالذات في مجالات التقنية والتعامل مع وضع المواصفات التي تتعطل موافقة اعتمادها أو إجازة الصرف عليها بسبب عدم الفقه في شأن التوصيف لمعدات أو أنظمة حاسوبية تتقادم فيها المعرفة بتقادم الأيام ومستجدات العلم والتعولم.
أنا لا أجد حرجاً في التعاقد مع طيار حربي لتحليل العطاءات الفنية لما يخص القوات الجوية، أو مع تقني في مجالات التحقيقات الجنائية أو مهندس في أصول السلامة في الدفاع المدني أو المرور أو النقل أو البلديات، ومثل هؤلاء الكثير من القيادات العليا التي يجب ان تستمر في مواقعها لإكساب العمل والوظيفة الخبرات الطويلة التي يتميز بها هؤلاء، ولكن يجب ان يقتصر ذلك على هؤلاء وأمثالهم وليس كما هو مشاهد الآن.

باحث ومستشار إعلامي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved