عضلة القلب بين عظمة الخالق وإهمال الإنسان

  *د.عبد الفتاح الأصفر(*):
يقول الله عز وجل {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (53) سورة فصلت. صدق الله العظيم.
تتجلى عظمة الله سبحانه وتعالى في إبداع هذا الكون فهو مبدع السماوات والأرض ومن فيهن.ومن أجل صور الإبداع لله عز وجل هو خلق الإنسان وما أنعم الله عليه من نعم شتى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى} (54) سورة طه صدق الله العظيم. ويعد القلب من أعظم هذه الآيات الدالة على قدرة الله عز وجل.
فهذه العضلة الصغيرة التي لا يتجاوز حجمها حجم قبضة اليد والتي تعمل ليل نهار لا تكل ولا تمل تمد الجسم كله بالدم المحمل بالغذاء والأوكسجين وباقي العناصر اللازمة للحياة , فالقلب ينبض حوالي سبعين نبضة في الدقيقة تزيد أو تقل قليلا. وهو ليس كالعضلات الهيكلية الإرادية التي حينما تتعب تجبر الإنسان على أن يستريح وتتوقف عن العمل.
فهو لا يتوقف مادامت الحياة باقية ولا يستريح مادام الإنسان يحيى , لا ينام حين ينام الإنسان فهو عضو لا يعرف النوم لان النوم بالنسبة له يعني الموت بالنسبة للإنسان أما النوم للإنسان فهو يعني الحياة فتخيل يا أخي لو توقف القلب فقط أربع دقائق ولم يتم إسعافه انتهت الحياة وتوقفت جميع خلايا الجسم عن العمل وصار الإنسان جثة هامدة.
من هذه المقدمة تأتي أهمية العناية بهذا العضو المهم بالجسم بل من رأيي أهم عضو بالجسم هو القلب. وأخطر ما يصيب القلب في عصرنا الحديث هو أمراض الشرايين التاجية التي تمد هذه العضلة بالغذاء والأوكسجين الذي يساعدها على الاستمرار طيلة حياة الإنسان في أداء وظيفتها.
وهذه الشرايين التاجية تحيط بالقلب كالتاج فعلا فهي بحق تاج على رؤوس الأصحاء , ألا يستحق منا أن نحافظ عليها ولا نضحي بها بهذه السهولة.
إذن كيف يتأتي ذلك :
1 - الإقلاع الفوري عن التدخين فهو فعلاً إلقاء بالنفس إلى التهلكة فلم يعد هناك شك في الأضرار الجثيمة التي يحدثها التدخين للشرايين التاجية.
2 - الإقلال من تناول الدهون الحيوانية والأكلات الدسمة التي تؤدي إلى ارتفاع نسبة الكولسترول بالدم ومن ثم ترسبه في جدران الشرايين التاجية مما يؤدي إلى ضيقه وحدوث القصور.
3- مقاومة السمنة المفرطة التي تفشت في مجتمعاتنا العربية بصورة مخيفة وذلك بالحمية الغذائية وممارسة الرياضة بصورة منتظمة وتربية الأبناء على حب الرياضة ومقاومة السمنة والبعد عن العادات الغذائية السيئة بالأكل بين الوجبات والبعد عن تناول كميات كبيرة من الحلويات والمسليات وغيرها من العادات الغذائية السيئة.
4- العلاج الدقيق والمتابعة الجيدة لمرضى ارتفاع ضغط الدم ومرضى السكري لما لهم من دور في حدوث قصور الشرايين التاجية , فارتفاع ضغط الدم هو القاتل الصامت , لذا يجب قياس الدم بصورة دورية وخصوصا بعد سن الثلاثين وعلاج ارتفاع الضغط بصورة دقيقة , وكذلك أنصح مرضى ضغط الدم بعدم الإكثار من ملح الطعام وعدم أكل الحوادق والمخللات وكذا ممارسة الرياضة بصورة منتظمة وإنقاص الوزن والبعد عن التوترات العصبية.
أما مرض السكري فهو بلا شك من الأمراض التي تؤدي إلى حدوث قصور بالشرايين التاجية وكثيرا ما يؤدي إلى ما يسمى بالذبحة الصامتة حيث يعاني مريض السكر من قصور شديد بالشرايين التاجية برغم عدم حدوث آلام بالصدر لأن التهاب الأعصاب الناتج عن مرض السكري يؤدي إلى إخفاء آلام الذبحة الصدرية , لذا وحيث الرعاية الدقيقة لمرضى السكري, وذلك بعلاج ارتفاع نسبة السكر بالدم وأيضا بأخذ بعض الأدوية التي ثبتت حمايتها للشرايين التاجية عند مرضى السكر بالأسبرين ومضادات الإيس ACE-inhibitors وعقارات الستاتين Statins وأخيرا أنصح الجميع بالاعتدال في كل شيء فلا إفراط ولا تفريط , وملخص النصائح هي الإقلاع عن التدخين وممارسة الرياضة والإكثار من تناول الفواكه والخضراوات والوجبات النباتية والإقلال من الدهون والدسم والوجبات التي تحتوي على لحوم عالية الكوليسترول. وقانا الله وإياكم من الأمراض جميعا ً.