Tuesday 14th September,200411674العددالثلاثاء 29 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

متى نرى (هيئة عليا للسلامة المرورية) في بلادنا..؟ متى نرى (هيئة عليا للسلامة المرورية) في بلادنا..؟
المهندس: عبدالعزيز بن محمد السحيباني

بعد أيام ينعقد المؤتمر الوطني الثاني للسلامة المرورية، وبمناسبته يحلو الحديث عن المرور.. إن المتتبع لحركة المرور في بلادنا يلحظ ازديادا ملحوظا في هذه الحركة وخصوصا في المدن الكبرى مثل الرياض وهذه الزيادة تتبدل من كل شهر والذي يليه وذلك بسبب ازدياد النمو السكاني وازدياد معدل امتلاك السيارات الخاصة، بل نلحظ توقفا للحركة في ساعات الذروة لزمن طويل في بعض الشوارع الرئيسية وبالتالي فإنه لا بد من إيجاد حل جذري لهذه المشكلة وإذا ما سألنا: من المسؤول عن هذا؟ فإن البعض سيقول: هو المرور.والبعض سيقول: وزارة النقل، والبعض سيقول: وزارة البلديات.. وكل هؤلاء كلامهم صحيح نظرا لتداخل مسؤوليات الجهات المسؤولة عن المرور وتنظيمه في بلادنا.. وبالتالي فإنه لا بد من إيجاد رابط يجمع هذه الجهات المشتتة وتفعيل دورها بشكل جدي للتفكير بالحلول وتطبيقها..وعلى هذا فإنه لا بد من وجود جهة واحدة تنسق عمل هذه الجهات وتجمع جهودها وتؤازر بينها، فنحن أمام تحدٍّ كبير له صلة بالاقتصاد الوطني وله صلة بالبيئة والصحة والحركة الزراعية والتجارية.. فكلما زاد الاختناق المروري زاد هروب الاستثمارات الوطنية، فلا شك أن حركة البيع والشراء والتسوق تعتمد على السرعة في نقل البضائع وسهولتها وتوزيعها بشكل سريع وآمن.. وكذلك المتسوقون الذين يفضلون الطريق الحرة الحركة والسريعة الخالية من الازدحامات المرورية للوصول إلى منافذ الشراء والبيع.. ومن ناحية البيئة كلما تباطأت الحركة وازداد عدد السيارات زادت كمية الدخان المنفوث من عوادم السيارات وبالتالي زيادة تلوث الأجواء.. إن الجهة التي تربط هذه الجهات لا بد أن تكون على مستوى التحدي وبالتالي لا بد من أن تكون على مستوى القرار ومستوى المسؤولية وحجم الوطن.. وأرى أن يكون اسم هذه الهيئة (الهيئة الوطنية لتخطيط النقل وسلامة المرور) وتكون هذه الهيئة مكونة من مسؤولين على مستوى عالٍ جدا لسلامة اتخاذ القرار المناسب وعلى مستوى التحدي، ويمكن أن يكون هؤلاء:
1- وزير الشؤون البلدية والقروية.
2- وزير النقل.
3- وزير المالية والاقتصاد الوطني.
4- مدير عام المرور.
ويمكن أن تكون مهام هذه اللجنة كما يلي:
1- دراسة مشاكل الزحام المروري في المدن وتحديد الأسباب التي نتج عنها.. وهل يكمن السبب في عدم تخطيط الطرق بالشكل الجيد الذي يضمن استيعاب حركة المرور المتزايدة أم أن السبب ناتج عن سوء استخدام هذه الطرق.. وأرجح شخصيا أن السبب الأول هو الذي نتج عنه هذا الزحام المروري الهائل في المدينة إضافة إلى (تخطيط النقل) .. ويعنى به تحديد وسائل النقل ووضع خيارات متعددة أمام المنقول للاختيار بين السيارة الخاصة له أو بين خيارات ووسائل أخرى لم يتم وضعها أمام المواطن ومن هنا فإنه يجب:
أ- إجراء مسح شامل ووضع استبيان لتنتقي أماكن انطلاق ونهاية الرحلات (O- D) أي معرفة الاتجاه ومحطة البداية ومحطة النهاية لسالك كل طريق من الطرق وبعد مسح شبكات الطرق وأهداف الرحلات يمكن المقارنة بينها ومعرفة أهدافها، ويمكن وضع فقرة في هذا الاستبيان لمعرفة سبب استخدام السيارة الخاصة، وهل السبب اجتماعي، أم زمني، أم اقتصادي.. وبناء على هذا المسح الشامل يمكن معرفة البدائل والحلول الممكنة لحل مشاكل الزحام.. فإن كان السبب زمنيا يمكن دراسة إيجاد وسائل نقل سريعة (حافلات بدون توقف) أو قطارات سريعة من الشمال للغرب، ومن الشرق للجنوب داخل المدينة، وإذا كان السبب اقتصاديا.. يدرس إيجاد وسائل نقل قليلة التكلفة بحيث تكون تكلفتها أقل من تكلفة استهلاك الوقود (البنزين) ..
ب- بعد المرحلة الأولى وهي المسح والاستقصاء ووضع البدائل الممكنة.. يتم وضع الخيار والبديل الأنسب موضع الحل الميداني.. وأعتقد أن السبب في عدم وضع الحلول المقترحة موضع التنفيذ هو الحاجة إلى اتخاذ القرار على مستوى أعلى أو بسبب عدم توفر التكاليف.. ولهذا فإنه يجب دراسة الهدر الاقتصادي الناجم والناتج على الناتج القومي الوطني بسبب حوادث المرور ومشاكل الزحام المروري.. فهناك آثار مباشرة وآثار غير مباشرة.. فمن ضمن الآثار المباشرة أن زيادة الزحام ستكون سببا في هروب رؤوس الأموال لعدم توفر البيئة المناسبة وهي سرعة حركة التسوق، ومن الجانب الآخر هروب المتسوق نفسه لعدم توفر عامل السرعة سواء في الوصول إلى منافذ البيع والتسويق.. أو في كلفة النقل للمواد والبضائع وغيرها.. ومن الآثار كذلك زيادة تلوث البيئة التي تسبب نفورا للسكان من المدينة وزيادة في تكاليف إزالة التلوث.. كذلك الحوادث المرورية التي تنشأ بسبب كثافة حركة المرور وما ينتج عنها من تلفيات.. ومنها أيضا زيادة أعداد أفراد ودوريات المرور واستنفارهم يوميا لتنظيم حركة السير.. وكذلك تكاليف زيادة وسائل السلامة المرورية.. إنه لو تم حساب هذه التكاليف وإضافتها للناتج القومي لكانت شيئا كبيرا ورقما ضخما يجب تداركه.
ج- قد يكون السبب الناتج عنه هذا المشكل المروري هو عدم توفر الرؤية الواضحة للسبب.. وعدم توفر التكاليف اللازمة لحل هذا المشكل.. وفي رأيي أن هذين السببين هما السبب الرئيسي في عدم الالتفات لحل هذه المشكلة.
أما في حالة وجود (هيئة وطنية) تأخذ على عاتقها البدء الفوري بالحل عن طريق:
1- محاولة إشراك القطاع الخاص والمستثمرين الوطنيين والأجانب (عن طريق الهيئة العليا للاستثمار) في إيجاد مشاريع نقل مريحة ويمكن بناء البنية الأساسية لها عن طريق الدولة (مثل إيجاد شبكة من خطوط قطارات المترو) .. أو القطارات المعلقة ووضع المستثمر في جو تنافس اقتصادي مريح بالنسبة له ويدعم من هذه الهيئة.
2- تعليق الجرس.. في الواقع الحالي هو الهروب من الواقع.. فالمرور يلقي باللائمة على البلديات والأمانات، والأمانات تلقي باللوم على المرور أو وزارة النقل، وهؤلاء جميعا يتذرعون بعدم توفر التكاليف المادية.. دون أن يقولوا ما هي الحلول وما هي تكاليفها.. وهذه الهيئة المقترحة ستجمع شتات هؤلاء وتستعين بالدراسات الموجودة من قبل الجامعات وغيرها مثل اللجنة الوطنية لسلامة المرور.. وتبدأ مشوار الألف خطوة بخطوة صحيحة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved