ليس ثمة ما يفيد بتحرك جاد للتسوية في فلسطين، وحتى المشروع المعلق للتسوية تحت مسمى خريطة الطريق تجري محاولات لتطويعه مع ما هو جارٍ من مشروعات إسرائيلية، على الرغم من أن إسرائيل ذاتها لم توافق على الخريطة، ومع ذلك يجري ولو بطريقة قسرية النظر إلى وعود شارون بالانسحاب من قطاع غزة على أنها يمكن أن تشكل جزءاً من خريطة الطريق.
والمشكلة أن القائمين على هذه الخريطة هم أنفسهم لا يأبهون للحفاظ عليها أو دفعها إلى الأمام من خلال تكريسها كخطة نافذة وتزويدها بالآليات اللازمة التي من شأنها إكسابها الصفة العملية.
فالخطة هي إنتاج مشترك للولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.. فهي إذن تحظى بتغطية مقدرة من جهات دولية مرموقة، غير أن المشكلة دائماً في الطرف الإسرائيلي الذي يبدو غير معني بأي محاولة للتسوية لا تتفق مع المعايير الإسرائيلية الظالمة للتسوية.
والأهم في هذه الخطة هو تصورها لقيام دولة فلسطينية العام المقبل 2005م، إلا أن إسرائيل مع مواجهتها بهذه الحقيقة التي تعتبرها مرة، تحاول الالتفاف على الخطة، بل وإجهاضها من خلال جملة من الوقائع، لعل أبرزها أنها لم تترك مساحة لكي تقام عليها الدولة الفلسطينية وذلك من خلال إقامة الجدار العنصري الذي إقامته في الضفة الغربية، الذي يشكل الجزء الأهم من جهة المساحة للدولة الفلسطينية، وأيضاً من خلال إعلانها أنها ستحتفظ بالكيانات الاستيطانية الكبيرة في الضفة ما يعني التهام المزيد من الأراضي الفلسطينية.
وفي مقابل ذلك يقدم شارون خطته للانسحاب من غزة مع إيحاءات قوية إلى اعتبارها جزءاً من خريطة الطريق ومع تأييد أمريكي لهذا الطرح.
وفي كل الأحوال فإن التأييد الأمريكي لإسرائيل حتى فيما يتناقض مع الخطط الأمريكية ليس من شأنه سوى تأجيل التسوية، إذ كلّما استجابت واشنطن لمرئيات إسرائيل أضافت بذلك المزيد من العراقيل أمام التسوية.
وسبق لواشنطن تأييد عمليات توسيع مستوطنات الضفة من خلال التأمين على الفرية الإسرائيلية القائلة: إن التوسع الذي يجري يأتي في إطار النمو الطبيعي للمستوطنات.
وهناك دائماً مبرر أمريكي لكل فعل عدواني إسرائيلي، وحتى عندما تقتل إسرائيل الأطفال والنساء في الضفة وغزة فإن المبرر التقليدي هو أن لإسرائيل الحق في اتخاذ ما تراه مناسباً للدفاع عن نفسها.
|