Tuesday 14th September,200411674العددالثلاثاء 29 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "لقاءات"

الجزيرة تفتح ملف انعكاسات الأعمال الإرهابية على الوطن والمجالات المختلفة الجزيرة تفتح ملف انعكاسات الأعمال الإرهابية على الوطن والمجالات المختلفة
الإعلام الغربي استغل الأحداث ووصم الثقافة السعودية بالمتخلفة وضيقة الأفق

إعداد ومتابعة - مسلّم الشمري:
من الصعب على الإنسان السوي المسلم أن يقتل والده أو والدته، أو يهدم منزله ويدمر سيارته، أو يضر بمصالح أشقائه وجيرانه، فالخلايا الإرهابية وعناصرها المارقة، قتلت الطاعنين بالسن رجالاً ونساء وأطفالا وشباباً.. واستهدفوا ممتلكات الوطن ومقدراته وأضروا بمصالح الشعب واقتصاده، متجاهلين قول الله تعالى {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} فهذه الآية القرآنية الكريمة تؤكد ان هؤلاء المخربين المجرمين الإرهابيين شاذون وبعيدون كل البعد عن تعاليم الإسلام السمحة العادلة الوسطية، فهؤلاء المارقون استهدفوا النفس البريئة سواء كانت مواطنة أو مقيمة.. معاهدة أو آمنة وشوهوا الإسلام بأفعالهم القبيحة.
(الجزيرة) تفتح ملفاً موسعاً حول انعكاسات الأعمال الإرهابية في بلدنا الطاهر على جميع المجالات الإسلامية والثقافية والاقتصادية والسياحية عبر سلسلة حلقات نستضيف فيها المختصين والأكاديميين وصناع القرار.
في هذه الحلقة نستعرض معكم انعكاسات الأعمال الإرهابية على الحركة الثقافية والمواطن السعودي داخلياً وخارجياً حيث تقرأون في الأسطر التالية آراء وانطباعات عدد من المهتمين وذوي الشأن الثقافي.. وإلى التفاصيل:
*****
* في البداية تحدث لنا الدكتور إبراهيم بن عبدالله السماري الكاتب الصحفي قائلاً: إن المؤمن يعلم أن الأنفس الآمنة تغترف أمنها من نهر الإيمان وهو نهر لا ينضب معينه وان حاول الشائنون تغيير مجراه أو إفساد طهره؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الضامن لجريانه وطهره، كما أن أولئك لن يستطيعوا أن يشوهوا بإرهابهم وخططهم الشريرة وأفعالهم الكالحة مبادئ الإسلام الداعية إلى تحصيل خير الإنسانية وفلاحها بالدعوة الحكيمة.
وبرغم ذلك كله فإنه لا مناص من البحث في دفتر الأسباب والآثار والعلاج، فيقال: إنه لا بد من التركيز على آثار مثل هذه الأعمال في حق المسلمين عموماً، فالذي نراه ونلمسه ويراه ويلمسه كل عاقل ان هذه الأعمال السيئة ليس لها ثمرة بل لا ينتج عنها إلا أن يُضَيَّق على المسلم حيث قادته خطاه في هذا العالم الفسيح بسبب الصورة السيئة التي رسمها هؤلاء باسم الإسلام وهو منها بريء، ولذا فإن الواجب على كل مسلم أن يبرأ من هذه الأعمال الدنيئة وأن يفزع العلماء والباحثون إلى القيام بمسؤوليتهم نحو رسم الصورة النقية الصحيحة عن نظرة الإسلام إلى الإنسان والحياة والكون بمختلف عناصره، ولا بد أن يشاهد العالم كله هذه الصورة البهية عن الإسلام وعن أهله الملتزمين بمنهجه السديد عبر الوسائل المتاحة للبث والإعلام، ولا بد كذلك أن يسمع العالم كله صوت الحق بقوته التي تُزْهِق الباطل وإن انتفش زبده وكثر جَلَبُه.
يجب أن نوقظ في النفوس الوعي بخطر الجرم وبشناعته وبسوئه في الحاضر وفي المستقبل وتهديده لأمن الأفراد وطمأنينتهم التي لا يستقيم عيشهم ولا يهنأ بالهم في الحياة إلا بها، ثم هو تهديد لأمن الجماعات التي لا بد منها لتحقيق المنافع ودرء المضار بين الناس، وهو تهديد لأمن الدول التي لا يمكن سياسة اجتماع الناس إلا بها، ولا يمكن تحصيل مصالح ضعفائهم إلا بواسطتها، ولفت الأنظار إلى ما يحصل في بقاع الأرض مما هو حولنا لتأكيد هذه الحقيقة.
ولا بد من تضافر الجميع لبحث أسباب تفشي ظاهرة العنف والإرهاب وعوامل تغذيتها، ثم التعاون لبحث أنجح السبل وأنجح الأسباب لكيفية الوقاية منها وعلاجها ولا سيما ان التجارب والوقائع أظهرت ان هناك من يلجأ إلى الإرهاب لأنه غُرِّر به وشُحن ذهنه بأفكار خاطئة، ثم إن من الضرورة الغوص إلى جذور المشكلة وتعقب اتجاهات تلك الجذور ليكون العلاج مفيداً وقاطعاً لدابر الشر، وفي هذا السياق يطلب:
أولاً: أن تكون هناك رقابة من الآباء على فكر أبنائهم، ولا بد من تعقب ومراقبة اجتماعاتهم لمعرفة ما يصب في آذانهم من القول فيتقى فحشه، ويحمد جميله، ومعرفة من يجالسون فيقرب منهم الصالح، ويبعد عنهم الطالح لأن الأخلاق تعدي بسيئها وحسنها.
ثانياً: أن تستغل طاقات الشباب فيما يفيد من الأنشطة العلمية والفكرية، في المجالات المختلفة التي تناسب ميولهم وقدراتهم الجسمية والذهنية، وتلامس شغاف قلوبهم وتطلعاتهم، وفي كل الأوقات؛ لأن الطاقة إذا لم تستغل فيما يفيد تسربت إلى ما لا يفيد، أو أسرع إليها ما يضر، والشباب عماد الأمة، وهم مصدر الأمن لها أو الخطر عليها.
ثالثاً: دراسة المثيرات التي تغذي فكر الفئة المنحرفة، والبحث عن حلول جذرية لإطفائها ومنعها من التغلغل إلى الأفكار.
وحول آثار هذه الأحداث على الثقافة الوطنية في الداخل قال السماري: إن الثقافة نتاج الفكر، والمؤكد أن الفكر لا يتنفس الإبداع إلا في فضاءات الأمن والطمأنينة، ولذا فإن الأعمال الإرهابية الشنيعة ذات أثر سلبي على ثقافة الوطن وإن ترتب عليها أثر إيجابي لم تقصده ولا تريده وسأوضحه فيما بعد.
أما الآثار السلبية فكثيرة غير أن أخطر الآثار السلبية هو ما كان متعلقاً بالجانب الديني حيث يربط البعض بين هذه الأعمال وبين القائمين بها الذين يدعون أنهم يقومون بها بدافع ديني والدين منها براء، فيظن الجاهل ان الدين يدعو إلى مثل هذه الأعمال الشريرة البغيضة وهذا خطر عظيم سيحاسب عليه مثيرو الفتنة ومدبرو تلك الأعمال السيئة، وأيضاً فإن انشغال الناس بمتابعة هذه الأعمال الشريرة سيصرفهم بالتأكيد عن متابعة الإنتاج الثقافي وعن الفعاليات الثقافية المتعددة، يضاف إلى ذلك شعور البعض بعدم الأمن بسبب هذه الأعمال مما يعيقه عن المشاركة في تلك الفعاليات، وفي هذا المجال نجد أن السياحة فعل ثقافي بالتأكيد لذا فإنه من أهم القطاعات الثقافية التي تتأثر سلباً بهذه الأعمال الشريرة مما يشكل إعاقة للتنمية الاقتصادية الوطنية.
أعود للجانب الإيجابي الذي يترتب على هذه الأعمال الشريرة وهو أثر لم يقصده مثيرو الفتنة ولا يريدونه ألا وهو مبادرة العلماء وطلبة العلم والباحثين إلى بيان الحكم الشرعي الصحيح في مثل هذه الأعمال وانها ليست من الدين في شيء وبالتالي كثرة الإنتاج الثقافي في هذا المجال.
* وأشار الدكتور إبراهيم إلى أن الثقافة تتأثر كثيراً بالعامل الأمني في الداخل وفي الخارج، وفي الخارج يتضح هذا التأثير من خلال الصور التالية:
أولاً: التضييق على الثقافة الوطنية في الخارج بمختلف مجالاتها من كتب ووسائل إعلام ودعوة وغير ذلك ومنعها من الوصول إلى المستهدفين بها من قراء وغيرهم بحجة انها تحمل فكرا إرهابيا نتيجة وصول تأثير هذه الأعمال إلى الآخرين خارج الحدود ولا سيما في المجال الديني الذي يدعي الإرهابيون أنهم يمثلونه زوراً وبهتاناً.
ثانياً: تشويه صورة الإسلام في الإنتاج الثقافي في الخارج وتصويره داعياً للعنف والإرهاب وهذا واضح في الكتب التي تنشر في الغرب وفي أفلامهم ومسلسلاتهم.
ثالثاً: التضييق على المواطن السعودي بتصويره ناقلاً لثقافة الإرهاب والعنف.
وفي الجملة فإن الأعمال الإرهابية لم تأت بخير للمسلمين لا في الداخل ولا في الخارج ولا ينتظر منها أن تحقق نفعاً في الدنيا ولا في الآخرة.
* وفي هذا السياق يقول نائب مدير عام معهد الإدارة العامة الدكتور عبدالعزيز بن شافي العتيبي: إن هذه الآثار المترتبة على العمليات الإرهابية عديدة يأتي في مقدمتها الآثار الإنسانية والاجتماعية المتمثلة في قتل الأبرياء بدون حق، وإصابة وإعاقة الآخرين، وما يتبع ذلك من تيتم الأطفال وترمل النساء، وهذه إحدى مآسي موجة الإرهاب. إضافة إلى أن هذه العمليات الإرهابية من خلال تكرارها وتداولها في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمشاهدة تؤدي إلى انتشار ظاهرة العنف والخوف في المجتمع بينما كان مجتمعنا مضرباً للمثل في أمنه وسلامه وتسامحه.
وللعمليات الإرهابية آثارها الاقتصادية، فقد ترتب عليها الخسائر المادية في المنشآت والممتلكات الأخرى التي تعرضت للأذى والتدمير، كما ترتب عليها زيادة الإنفاق المباشر وغير المباشر على الأجهزة الأمنية لتمكينها من مضاعفة جهودها لتتبع العناصر الإرهابية وحفظ الأمن والاستقرار في أرجاء بلادنا الغالية.
والإرهاب يؤثر سلباً على الحياة الاقتصادية والنمو الاقتصادي، فمن المعلوم أن الموارد المالية إذا وجهت للإنفاق على الجوانب الأمنية فهي على حساب جوانب تنموية أخرى كالتعليم والصحة والخدمات التنموية الأخرى، بالإضافة إلى تأثيره السلبي على الاستثمار الأجنبي، فالمملكة كغيرها من الدول النامية تعمل على تشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية في العديد من المجالات لما لها من مزايا اقتصادية، مثل نقل التقنية المتقدمة وخلق فرص عمل للمواطنين، ولكن الاستثمارات الأجنبية تبحث دائما عن المناخ الآمن، ومن المقولات المعروفة في هذا الصدد أن (رأس المال جبان) فالأعمال الإرهابية تزعزع ثقة المستثمر في الاقتصاد المحلي سواء كان هذا المستثمر أجنبياً أو من أبناء الوطن.
وأضاف الدكتور العتيبي أن للعمليات الإرهابية آثارها السياسية والإعلامية وهي محاولة النيل من سمعة ومكانة المملكة العربية السعودية كقائد للعالم الإسلامي خصوصاً وأن الفئات الضالعة في هذه العمليات ترتدي عباءة الدين، كما ان فيها تشويها لصورة المملكة التي يضرب بها المثل في الأمن والاستقرار، وتشويها لصورة الإنسان السعودي في الخارج فبعد أن كان نموذجاً للإنسان المسالم الكريم أصبح مكان الشك والريبة حتى يثبت العكس مما أثر كثيراً على حركة المواطن السعودي في الخارج سواء كان داعية أو طالباً أو رجل أعمال أو مجرد سائح. ولكن عزاءنا في مواجهة هذه الكارثة انها زادت من وحدة وتلاحم الشعب مع قيادته وأدت إلى تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية مما انعكس إيجاباً على مزيد من استتباب الأمن في ربوع المملكة - حفظها الله - قيادة وشعباً من كل مكروه .
* وفي هذا السياق يقول الأمين العام لمجلس الشورى معالي الدكتور حمود البدر: الانعكاسات سلبية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لأنها لا تلصق فقط بفاعلها وإنما تلصق بالمجتمع الذي يعيش فيه الفاعل فإن كان المجتمع مسلماً فيقال إن جميع المسلمين يفعلون هكذا. وإن كان الذي فعلها سعودياً فيقال إن السعوديين كلهم يفعلون هكذا، فالتعميم في الشر دائماً وارد ولكن في الخير يكون في التخصيص وان كان أحياناً يعمم إذا رضي المتلقي، وبصفة عامة السلبية دائما تعمم والايجابيات تخصص، فانعكاسات الاعمال الارهابية التي شهدتها بلادنا سيئة جدا واكبر دليل على ذلك ما رأيناه في تصرفات امريكا تجاه كثير من الطلبة الذين كانوا هناك، وكذلك الصحافة الغربية بشكل عام التي تتصيد الأخطاء وتبحث عنها وقد تفتعلها ثم تؤججها ثم تحاول ان تلصق هذه الأعمال الإرهابية على المجتمع بأسره، فالتأثير واضح وكبير وليس من السهولة تناسيه، يبقى بالذاكرة وكلما حدث شيء سلبي يستعاد مرة أخرى، فانعكاسات هذه الأعمال الإجرامية على الثقافة العربية بشكل عام والثقافة السعودية بصفة خاصة ستوصم بأنها ثقافة متخلفة وأنها ضيقة الأفق.. والخ، في حين انه في كل مجتمع وفي كل ثقافة وفي كل دين يوجد متطرفون والشيطان أصلا لا ينام ولا يمرض ولا ينشغل دائما يبحث عن الوسائل التي يحاول فيها ان يؤجج الصراعات.
وأشار الدكتور البدر إلى ان الثقافة مستمرة حتى في الأزمات ولكن بدلا من ان تشتغل على بينة وعلى بصيرة تجدها في الأزمات تشتغل كردود فعل، وردود الفعل لا تكون لها الأصالة مثل الأعمال التي تأتي تلقائية أو تأتي بشكل مخطط ومنظور له أهداف محددة وبالتالي ان هذه الأحداث الإجرامية لا شك انها أثرت تأثيراً سلبياً كبير جدا على الإسلام بصفة خاصة، وتأثيرها على المواطن السعودي واضح للعيان الآن عندما يأتي المواطن السعودي إلى جمرك دولة ما ينظر إليه نظرة مختلفة تماما، ينظر إليه على أساس انه مجرم إلى ان يثبت العكس، ولكن قبل الأحداث المؤسفة ينظر إليه أنه دائما بريء إلى ان يأتي ما يثبت غير هذا، وأنا أذكر عندما كنا ندرس في الولايات المتحدة قبل ثلاثين سنة كنا نعطى تأشيرة دبلوماسية والتي تعطى الآن للسفراء، كنا نعطى إياها وكنا نكرَّم أينما وُجدنا لأن سمعتنا قائمة على الإيجابية وعلى البراءة من هذه الأشياء. وعندما أتى هؤلاء النفاقون هداهم الله أو أخذهم حدث ما حدث وأصبحنا مجرمين إلى أن يثبت العكس.
* من جهته يقول عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور إبراهيم بن حمد القعيد: طبعاً لا شك أن الأعمال التي حصلت في المملكة لها تأثير سيىء على الاقتصاد والثقافة وعلاقات المجتمع السعودي بالدول الأخرى وهذه العلاقات تترجم أحياناً إلى مشكلات، فمثلاً قضايا الاستثمار قد تتأثر وغيرها وللأسف الشديد ان هذه الأعمال لها تأثيرات سلبية كثيرة أقل هذه التأثيرات انها تضع المواطن السعودي في موطن الشبهة إذا ذهب إلى الخارج لأن كثيرا من الناس بسبب وسائل الإعلام وبسبب ما يرونه وما يسمعونه في هذه الوسائل الإعلامية قد ينظرون إلى السعودي على اعتبار انه شخص إرهابي وهذا يحصل لكثير من السياح وبعض الطلاب الذين يدرسون في الخارج لأن وسائل الإعلام تسهم في مثل هذه الصورة السلبية، وأيضاً يسبب عدم الراحة للسائح السعودي في الخارج لأنه قد يعامل معاملة غير جيدة أو يتعرض لبعض المضايقات أو شيء من هذا القبيل. وأشار الدكتور القعيد إلى أنه لا يمكن أن نرى نتائج الإرهاب مباشرة على الثقافة، النتائج هذه تأخذ وقتا طويلا جدا حتى تتبلور، لا شك ان الارهاب وعدم الاستقرار إذا صار في منطقة معينة من العالم يؤثر على ثقافة الناس وعلى الطريقة التي يفكرون فيها والطريقة التي يعيشون فيها، فلا شك ان ثقافة الوطن تتأثر بشكل أو بآخر لعدة أسباب والسبب الأول ان هذا الوطن بسبب هذه الظروف التي تحصل الآن يفرز الكثير من الشعر والمقطوعات الأدبية والكتابات التي تشجب الإرهاب وتبرئ هذا المجتمع المبارك منه، وأيضاً تنتقد الفكر الذي ينتمي إليه هؤلاء الذين يقومون بهذه الأعمال الإرهابية في هذا البلد وكذلك الشعر يتحرك الشعراء ويقدمون شعرا بهذه المناسبة، لكن لا شك ان الارهاب له تأثيرات سلبية في المجتمعات الإنسانية، والمجتمع الذي يتمتع بصحة جيدة سيجد من الأساليب والوسائل لمواجهة هذا الإرهاب الشيء الكثير إما تعبيراً عن طريقة الشعر والأدب والفن أو كما نرى فبلادنا وحكومتنا مهتمة اهتماما كبيرا جدا لاجتثاث هذا الإرهاب من البلاد.
وأضاف الدكتور القعيد أننا في أمس الحاجة لبيئة ثقافية يسود فيها الحوار والنقاش والحديث ومقارعة الحجة بالحجة وتنوير أبنائنا والحديث معهم بحيث لا يقبع الإرهاب في عقول الناشئة ويتحيزون لأفكار معينة، ثم بعد ذلك تخرج هذه الأفكار على شكل إرهاب وعنف، وكما ذكرت ان الإرهاب له نتائج سلبية على المجتمع والإرهاب إذا ساد في بلد معين يثير كثيرا من القضايا وأيضاً يجعل هناك نوعاً من السؤال والأسئلة الذاتية لماذا هذا الإرهاب ينتشر في هذا البلد؟ هل هناك أسباب فكرية له؟ هل هناك أسباب اجتماعية؟ هل هناك أسباب سياسية؟ هل هناك ثقافة حوار في الأصل في بلادنا أو لم تكن هذه الثقافة موجودة؟. ومن ثم افرزت مثل هذه الأشياء التي نراها وانني أؤكد أن مكافحة الإرهاب ليست فقط بالحلول الأمنية، الحلول الأمنية هي جزء من مكافحة الإرهاب ومكافحة الإرهاب أيضاً عن طريق دراسة هذه الظاهرة دراسة مستفيضة دراسة جيدة وإتاحة جو من الحوار والتفاعل أو دعنا نسميها التثاقف الفكري بحيث يستطيع الجميع ان يتحدث ويناقش ويحاور ويعبر عن آرائه وأفكاره بالطريقة السلمية وأيضاً يجد لهذه الأفكار والآراء نوعا من الترشيد في المجتمع.
* من جهته يقول عضو مجلس الشورى الأستاذ حمدي بن حمزة أبو زيد: يتساءل الكثير من الناس عن ما هية الإرهاب، ومضمونه وتعريفه.. ويتساءلون عن مدى انعكاسات وتأثيرات الإرهاب على شتى مناحي الحياة الدينية، والعلمية، والثقافية، الاقتصادية، الاجتماعية، العسكرية والسياسية، والعلاقات الدولية، ويتساءل الناس أيضاً عن الفرق بين الإرهاب والترهيب، كما يتساءلون عما إذا كان تأثير الإرهاب على الشؤون الحياتية الموضحة هو على نفس القدر والمستوى، أم أنه يكون متفاوتاً ومختلفاً من شأن إلى آخر.
إن الإجابة على هذه التساؤلات هي على قدر كبير من الأهمية والضرورة في الوصول إلى التعريف الصحيح للإرهاب والعنف وكيفية الوقاية من وقوعه وتفاقمه وعلاج ما قد يترتب على نتائجه في حالة حدوثه.
وعندما طلبت مني جريدتنا العزيزة جريدة (الجزيرة) المساهمة في الكتابة عن تأثير الأعمال الإرهابية في المملكة العربية على سمعة الدين والوطن والمواطن والثقافة والسياحة والاقتصاد، وبصفة خاصة عن تأثير هذه الأعمال على الثقافة السعودية، لم أجد مفراً من التنويه عن المقدمة المسطرة أعلاه، وفيما يلي سأحاول باختصار الإجابة على هذه التساؤلات: فمن حيث التعريف، فإن هذا الأمر كان ولا يزال محل خلاف شديد بين القوى المختلفة في العالم، ولكل قوى مرجعياتها ومصالحها، ولكنني أعتقد بأن الإرهاب هو أعلى مراحل ومستويات الاعتداء الذي لا يستند إلى الحق والمشروعية، والذي يؤدي إلى إزهاق الأرواح والأنفس المعصومة ويلحق الأذى والدمار بالأموال والحقوق ويصيب النفوس بالخوف والهلع، كما أن مثل هذا الاعتداء هو عمل لا يحبه الله وذلك كما جاء في قوله تعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ} الآية، وهذا النوع من الاعتداء يختلف تماماً عن مفهوم الترهيب الذي جاء ذكره في القرآن الكريم في سياق الآية القرآنية الكريمة التي قال الله فيها {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ} الآية.
فالترهيب هنا لا يعني الاعتداء وظلم الآخرين، بل يعني بناء جميع القوى المشروعة التي تجعل الآخرين بمن فيهم الأعداء يعملون ألف حساب وحساب قبل أن يفكروا في الإقدام على الاعتداء على الدين والوطن والأنفس، وهذه القوى متعددة وليست حكراً على قوة السلاح وأدوات الحرب كما قد يتصور البعض، فالعلم قوة، والأخلاق قوة، والمال قوة، والادخار قوة، وحسن الإدارة قوة، والتسامح قوة.. وهكذا.. لذا فإن من أراد أن يقي الدين والوطن والناس من اعتداءات المعتدين فإنه عليه المساهمة في بناء هذه القوى وتنميتها وتطويرها.. كلٌّ في حدود اختصاصاته ومسؤولياته.
بناءً على هذا الطرح المختصر فإنني اعتقد بأن ما وقع من أعمال عنف وإرهاب في بلادنا الطيبة لم يكن يصب في خانة بناء هذه القوى، وإنما أدى إلى إحداث شرخ في نسيج المجتمع، ويخشى أن يؤدي إلى إعطاء مبررات لقوى خارجية للتدخل في شؤون بلادنا.
أما تأثير تلك الاعتداءات على الثقافة السعودية، فإنني أعتقد بأنه كان تأثيراً سلبياً وضاراً إلى حد بعيد، فالثقافة بطبيعتها حساسة وتذبل في غياب السلام والأمن الاجتماعيين وهما نعمتان تتزعزعان في ظروف الإرهاب والحرب والقلاقل، وربما تتعرض هذه القيمة الاجتماعية الهامة للانكماش والنكوص لأنها تتنحى في حالات الأزمات والقلاقل، ويحل محلها متطلبات معيشية أخرى أكثر ضرورة وأكثر حاجة، حيث يصبح الهم الأول لكل الناس في المجتمع مركزاً على تحقيق الأمن والسلام وطلب الرزق.. وتصبح الثقافة والأعمال الفكرية والتراثية عندئذ نوعاً من الترف والبضاعة الكاسدة.. فالثقافة بصفة عامة تنمو وتنتعش في ظل السلام والأمن، وتضعف وتجنح وتنحدر في ظل الإرهاب والعنف.. والخاسر الأكبر في مثل هذه الحالات هو الدين والوطن والمواطنين.. والله الهادي إلى سواء السبيل.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved