أولاً: التوجيه الكريم:
حقائق وطنية
جاء التوجيه الكريم لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بتنفيذ مشاريع في برامج إضافية غير ما يخصص لها سنوياً في الميزانيات السنوية للدولة تنفذ على مدى خمس سنوات بدءاً من العام المالي القادم في مجالات تنموية تشمل المياه والصرف الصحي والطرق والرعاية الصحية وبناء المزيد من المدارس للتعليم العام ودعم التعليم الفني والتقني وصندوق التنمية العقاري وبنك التسليف السعودي ليؤكد العديد من الحقائق التي يأتي في مقدمتها:
1- حرص حكومة هذه البلاد على تحقيق رفاهية المواطن وتلمس احتياجاته الضرورية بما يكفل الارتقاء بمستوى رفاهيته وتحسين مستوى ظروفه المعيشية.
2- قوة ومتانة الاقتصاد السعودي رغم التقلبات الاقتصادية التي تعرضت لها المنطقة كنتيجة لارتباطها بالعديد من المتغيرات الاقتصادية الإقليمية والعالمية.
3- استمرار حالة الثقة في الاقتصاد السعودي رغم ما تتعرض له المنطقة من أحداثٍ إرهابية حاولت التأثير على حركة عنصر العمل وعنصر رأس المال من وإلى المملكة العربية السعودية ورغم ما يحاك ضد الاقتصاد السعودي من تشويه في دهاليز الإمبراطوريات الإعلامية الصهيونية.
4- النظرة الشمولية لمتطلبات الرفاهية المتكاملة من خلال تنوع البرامج التنموية في مجالات ذات صلة مباشرة برفاهية المواطن ومن خلال مراعاة مصالح الأجيال القادمة.
5- النظرة المتوازنة تجاه احتياجات مناطق المملكة المختلفة استناداً لمستوى التنمية في كل منطقة ومدى ضرورية المشاريع المقررة لرفاهية المواطن.
ثانياً: محاور التوجيه الكريم والرفاهية الاقتصادية:
من خلال النظر إلى مكونات التوجيه الكريم والبرامج المقترحة لتنفيذه على أرض الواقع نجد أن الهدف الرئيس يتمثل في الارتقاء بمستوى رفاهية المواطن وتحسين ظروف المعيشة في كافة مناطق المملكة العربية السعودية. ولقد تضمن توجيه سمو ولي العهد - حفظه الله- آلية متكاملة لتحقيق هذا الهدف من خلال استهدافه للاحتياجات الضرورية التي يكفل تحققها مجتمعة قفزة ملموسة في معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مناطق المملكة المختلفة مع التركيز على المناطق الأكثر احتياجاً للمشاريع والبرامج المقررة. ويمكن باختصار استعراض أهم محاور التوجيه الكريم على النحو التالي:
محور المياه والصرف الصحي:
ويكتسب هذا المحور أهميته الخاصة نتيجة للطبيعة الصحراوية للمملكة العربية السعودية وندرة المياه وارتفاع تكاليف مشاريع التحلية بالإضافة إلى صعوبة إيصالها إلى كافة المواطنين في كافة المناطق، وهذه الحقيقة تجعل من الاستثمار في مشاريع المياه استثماراً في مستقبل الحياة الإنسانية ليس فقط للأجيال الحاضرة ولكن أيضاً للأجيال القادمة الذي ينعكس إيجاباً على كثيرٍ من متغيرات الحياة الاقتصادية والاجتماعية ويزيد من جاذبية الاقتصاد السعودي للاستثمارات المحلية والأجنبية كما أن الاستثمار في مجال الصرف الصحي سيُسهم في تحسين مستوى البيئة والخدمات المقدمة للمواطن ويحد من التداعيات السلبية التي ترتبط بطرق المعالجة البدائية للنفايات السائلة والصلبة.
محور التعليم:
ركّز التوجيه الكريم على أهمية دعم العملية التعليمية سواء من خلال تحسين بيئة التعلم عن طريق استبدال المباني المستأجرة بأخرى تحتوي على كافة متطلبات العملية التعليمية والتربوية أو من خلال التركيز على دعم التعليم الفني والتقني الذي يهدف إلى تأهيل الأيدي العاملة السعودية بالمهارة والمعلومة المتخصصة التي تُسهم في زيادة كفاءتها الإنتاجية وتزيد من فرصة حصولها على فرص العمل المتاحة في سوق العمل السعودي الذي ظل يشتكي من ندرة مساهمة عنصر العمل السعودي ومن السيطرة شبه الكاملة للأيدي العاملة الأجنبية. وفي اعتقادي أن هذا التوجه سيؤدي بإذن الله تعالى إلى تحسين مستوى دخل الفرد وإلى مواجهة مشكلة البطالة التي ارتفعت معدلاتها في الآونة الأخيرة بين صفوف أبنائنا وبناتنا وسيحد بلا شك من الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي عادة ما ترتبط بمشكلة البطالة وانخفاض الدخل.
محور الإقراض الميسر:
تضمن التوجيه الكريم بنداً رئيساً
تمثل في زيادة الاعتمادات المخصصة لصندوق التنمية العقاري وبنك التسليف السعودي مما سيؤدي إلى العديد من الآثار الإيجابية على مستوى الفرد والاقتصاد السعودي. فعلى مستوى الفرد سيؤدي ذلك إلى تدنية تكلفة المباني السكنية وزيادة قدرة الشباب على امتلاك وحدات سكنية مناسبة وإلى التقليل من تكلفة الحياة المعيشية بشكلٍ عام، كما أن زيادة قدرة بنك التسليف على الإقراض ستؤدي إلى انخفاض تكلفة الاستثمار وزيادة فرص الربح التي بدورها ستؤدي إلى زيادة عدد المستثمرين خاصة فئة الشباب مما سيساعد على خلق فرص عمل جديدة ويحد من تنامي معدلات البطالة ويقلل من الإقبال على فرص العمل المتاحة في القطاع العام. وعلى مستوى الاقتصاد ككل من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى نهضة اقتصادية جديدة خاصة في قطاع العقار والخدمات العقارية ومستلزمات البناء نتيجة للزيادة المتوقعة في الطلب على الأراضي السكنية وفي قطاع المشاريع الصغيرة التي ستجد تمويلاً سخياً من بنك التسليف السعودي مما سيسهم في ارتفاع درجة التنوع المكاني والنوعي للنشاط الاقتصادي.
محور الرعاية الصحية:
قد لا يختلف اثنان على تدني
مستوى الخدمات الصحية المقدمة من قِبل بعض المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية الذي بدوره ساهم في زيادة الطلب على الخدمات الصحية المقدمة من قِبل مستشفيات ومراكز القطاع الخاص ذات التكلفة العالية التي أثقلت كاهل العديد من الأسر السعودية. وبالتالي فإن التوجيه الكريم قد أدرك خطورة هذا الوضع ليس فقط على ميزانية الأسرة السعودية ولكن أيضاً على صحة وسلامة ورفاهية المواطن السعودي حيث أكد سمو ولي العهد- حفظه الله- على أن قطاع الصحة والرعاية الصحية سيحظى بنصيب وافر من فائض الميزانية يخصص لدعم وتطوير الخدمات الصحية المقدمة للمواطن والذي سيقلل من تكلفة هذه الخدمة ويتيح الفرصة للمواطن السعودي للإنفاق على ضروريات الحياة الأخرى. وفي اعتقادي أن الدعم الجديد سيمكن وزارة الصحة من الوصول بخدماتها إلى القرى المتناثرة في المناطق الأقل تقدماً المحرومة في الأصل من الرعاية الصحية المقدمة من القطاعين الخاص والعام.
محور الأجيال القادمة:
لم يغفل المشروع التنموي احتياجات الأجيال القادمة عندما ركّز على استقطاع جزءٍ من الفائض لسداد بعضٍ من الدين العام حتى لا يثقل سداد الدين كاهل الجيل القادم مع تعاظم خدمة الدين العام التي تزداد سنوياً مع تراكم الديون مضافاً إليها خدمة الدين في الأعوام السابقة. وإذا أضفنا إلى ذلك أن معظم البرامج التنموية المستهدفة هي من النوع المستدام التي تطال بآثارها الأجيال المتعاقبة كالمراكز الصحية والطرق والمباني المدرسية وغيرها، فإن هذا يعني أن الجيل القادم قد حظي باهتمام بالغ وبنصيب وافر من المخطط التنموي الجديد.وبشكلٍ عام فإن التوجيه الكريم قد تضمن العديد من المؤشرات المهمة التي تؤكّد متانة وقوة الاقتصاد السعودي في ظل التوجه السياسي للدولة الذي يعطي للإنسان المرتبة الأولى في سلم الأولويات الوطنية. ومع ذلك فإنني أؤكد أن النتائج على أرض الواقع ستتوقف بلا شك على مدى قدرة الإدارة على التفاعل مع معطيات التوجيه الكريم بكفاءة عالية ومدى قدرة الإدارة على استغلال الإمكانات المتاحة الاستغلال الأمثل الذي يعظّم المردود الوطني ويقلل من المفقودات الجانبية. وهذا يعني أن المسئولية الشرعية والوطنية ستقع على عاتق الجهات ذات العلاقة لتحقيق التنفيذ الأمثل للتوجيه الكريم وفقاً لما تفرضه المصلحة الوطنية وفقاً لما تقرره الاعتبارات الشخصية.
|