Tuesday 14th September,200411674العددالثلاثاء 29 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

بمقدور أي شخص أن يؤلف مشهداً من خيال بمقدور أي شخص أن يؤلف مشهداً من خيال
ترويج القتل على الإنترنت يخلق معضلة لأجهزة الإعلام

* دبي - رويترز:
رجل مذعور يتحرك للخلف والأمام ويداه مقيدتان وراء ظهره يناشد الولايات المتحدة مغادرة العراق وإنقاذ حياته، ثم تظهر يد تحمل سكيناً لقطع رأسه.
وقال الرجل الذي أوضح أن اسمه بنيامين فاندرفورد (22 عاماً): (إذا لم نغادر (العراق) فإن كل شخص سيقتل بهذه الطريقة.. ثمة عرض لمبادلتي مع معتقلين هنا في العراق).
وسرعان ما أخذت وسائل الإعلام تبث القصة حتى اكتشفت في نهاية الأمر أنها ليست أكثر من خدعة.
يكشف ذلك كيف أنه بمقدور أي أحد في الأغلب أن يستخدم الإنترنت للتلاعب وإثارة فزع الناس وأن يضيف إلى زيادة حالة التشوش بشأن مصداقية مواقع الإنترنت أو استخدامها بواسطة الجماعات المتشددة كمنبر للإرهاب.
واستخدم في شريط الفيديو المفتعل هذا فيما يبدو لقطات سبق ظهورها في شرائط سابقة لذبح بعض الضحايا كانت منظمات على صلة بالقاعدة قد أطلقتها من قبل.
وقال فاندرفورد وهو أمريكي من سان فرانسيسكو إنه افتعل عملية الذبح باستخدام دماء مزيفة وبدأ في توزيع شريط الفيديو على مواقع الإنترنت قبل عدة أشهر.
وتابع (كان الأمر جزءًا من حيلة لكن لم يلحظ أحد ما جرى حتى الآن).
ويستخدم المتشددون مواقع الإنترنت التي تبث بانتظام فيما يبدو شرائط فيديو لرهائن أجانب وخاطفين يصوبون أسلحتهم إلى رءوسهم.
وزادت كثيراً البيانات التي تصدرها جماعات غامضة تزعم فيها مسؤوليتها عن عمليات.
ويتفاوت شكل وأسلوب شرائط الفيديو هذه من موقع لآخر وتواجه وسائل الإعلام صعوبة في تقدير مدى صحة بعض الشرائط.
والأكثر تعقيداً فيما يخص تقييم مدى صحة الشرائط يكون عندما يتعلق الأمر بعمليات الذبح المروعة كتلك التي راح ضحيتها 12 نيبالياً في الشهر الماضي.
وبث الجناة بفخر على موقع على الإنترنت شريط فيديو مع صور للضحايا التقت من جميع الزوايا فيما تناثرت بقع الدماء مع جروح في الرأس والظهر، ورفع مسلح رأس أحد الرهائن مقطوعاً لأعلى.
ويتهم بعض المراقبين وسائل الإعلام بتأجيج نار هذه الحمى من الإرهاب الوحشي بالتغطية المكثفة لما يقترف من أعمال مروعة.
وقال فارس بن حازم خبير الإنترنت في المملكة (لا أحد يحتاج إلى مشاهدة هذا، إنه غير إنساني. ببث مشاهد الذبح فإن وسائل الإعلام تعطي الخاطفين فرصة لنشر أفلامهم المروعة. لكن إذا ما قوطعت مثل هذه المشاهد فإنها ستحرمهم من تلك الفرصة).
ويقول بعض المحللين: إن مواقع الإنترنت والقنوات الفضائية بل وحتى وكالات الأنباء أصبحت أدوات في أيدي المتشددين بالسماح لهم ببث الخوف ووضع أجندة أخبار مع تهديداتهم والمواعيد النهائية التي يضعونها من أجل تنفيذ مطالبهم.
وقال ريتشارد ايزندورف رئيس المركز الاستشاري لوسائل الإعلام الدولية والتنمية ولبناء الثقة في واشنطن: (وسائل الإعلام في شتى أنحاء العالم تنقل عن الخاطفين كل كلمة وتضخم رسائلهم وتمنحهم انتصاراً أكبر من الأثر المباشر لممارساتهم الوحشية).
وتابع في مقال نشره بصحيفة ديلي ستار اللبنانية (يشعر الإرهابيون بأنهم أحرزوا نصراً. ومن ثم فإن التغطية تعزز الاستخدام المتواصل لأساليب الاغتيال).
ويرى البعض أن وسائل الإعلام بحاجة إلى وضع قانون أخلاقيات جديد لمواجهة أهداف الجماعات المتشددة وحرمانها من الدعاية فيما يتعلق بالتهديدات وأعمال القتل.
وقال ايزندورف: (بث مشاهد قتل وحشية لإنسان هو أمر خارج نطاق المسؤولية. ويحرض القتلة. إنها تؤدي إلى مزيد من الخطف وأعمال القتل الوحشية).
وقال حازم: (لو أن وسائل الإعلام توقفت منذ بدء موجة أعمال الخطف في العراق عن بث أي شرائط فيديو للخاطفين والبيانات التي يدلون بها لتخلوا عن الأمر. لكن مع هذا الاهتمام من جانب وسائل الإعلام فإنهم يرون ردود الفعل القوية ويعتقدون أنهم ينجحون).
وقال صحفي فرنسي اختطف كرهينة في أوائل هذا العام بالعراق: إن خاطفيه ارتبكوا عندما فشلوا في الحصول على تغطية إعلامية مكثفة للعملية.
وتابع (ظلوا يسألونني لماذا لم أظهر على التلفزيون). وفيما تعتمد وسائل الإعلام على روايات شهود أو صحفيين في أرض الحدث أو على مصادرها الخاصة للأنباء يقول محللون إن الإنترنت الذي هو بلا وسيلة لتمحيص الأنباء يمثل تحديات كبيرة لوسائل الإعلام فيما يتعلق بتقديرها للأمور حسبما ترى.
وقال الخبير الإعلامي وليام دوتون مدير معهد أكسفورد للإنترنت: (فتح الإنترنت وسائل الإعلام على مصادر جديدة من الأنباء بما في ذلك الإرهابيين. إنها أنباء طيبة وأخبار سيئة. لا أرى طريقة عملية للحد من التغطية).
ويقول بعض الخبراء: إن الرقابة من شأنها أن تنتهك القيم الديمقراطية للصحافة وإن مشكلات الصور والقصص المروعة عن وحشية الحرب قديمة العهد.
وقال دوتون: (المتشددون يعرفون أن وسائل الإعلام الغربية لا تستطيع فرض رقابة على الأنباء ومن ثمّ فإنهم يستخدمون قيم الصحافة هذه ضدنا. إنهم يستخدمون بذكاء وسائل الإعلام بطرق لم نتحسب لها أبداً وهي تخدم مصالحهم).
ومثل كثيرين يعتقد دوتون أن مثل هذه الحملات الدعائية الوحشية ستؤدي إلى عكس النتائج المرجوة منها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved