بلد النخيل.. يشح على أبنائه بالتمر ويجود عليهم بالألغام!!

* بغداد - د. حميد عبدالله:
ظل اسم العراق لقرون طويلة مقترناً بشيئين هما النخيل والنهران، حتى إن بعض المؤرخين ذهبوا إلى أن العراق قد اشتق اسمه من عروق النخيل المتشابكة مع بعضها، فالعراق من العروق، والعروق هي شرايين النخلة التي تغذيها بالنسغ النازل والنسغ الصاعد!!
لكن بلد النهرين والنخيل اصبح على حين بلا نهرين ولا نخيل، فالنهران أصابهما الجفاف بعد أن كان جموحهما لا تصده إلا الجيوش الجرارة أما النخيل فإنه ذوي وأصبح مجرد (أعجاز نخل خاوية)!
ومن المفارقات المضحكة المبكية أن يصبح التمر أغلى الفواكه في العراق بل حتى أغلى من الموز الذي يستورده العراقيون من الصومال، وآخر الإحصاءات تقول إن عدد النخيل في العراق انخفض إلى 10 ملايين نخلة بعد أن كان في عقد السبعينات 30 مليون نخلة، فمع كل حرب من الحروب التي خاضها العراق تموت بالجفاف أو المرض أو الاجتثاث بساتين شاسعة من النخيل وأبلغ مثال على ذلك ما فعله حسين كامل في بساتين كربلاء عام 1991م حيث نفذ حكم الإعدام بمئات الآلاف من النخيل الذي ينتج أجود وافضل أنواع التمور في العالم، ناهيك عن قيام السلطات العراقية بقلع الآلاف من فسائل النخيل من جنوب العراق ونقلها إلى المنطقة الغربية لتموت هناك بسبب عدم ملائمة التربة لنموها كالبرحي والخستاوي والخضراوي والكنطار!
وحتى عام 1975م كان العراق ينتج 700 ألف طن من التمور كما يؤكد خبراء النخيل العراقيون وبعد 20 عاماً وتحديداً في عام 1995م انخفض إنتاج التمر في أرض السواد إلى 445 ألف طن وكانت مدينة البصرة أكثر مدن العراق تضرراً من ظاهرة الموت الجماعي للنخيل إذ تراجعت (ثغر العراق) من حيث عدد النخيل لتحتل المرتبة الثانية بعد بابل لتأتي بعدها كربلاء ثم ديالي وبغداد والقادسية والأنبار وذي قار والنجف وواسط وصلاح الدين والمثنى وميسان!
وما أصاب النخيل العراقي انعكس على عدد أنواع التمور الشائعة في العراق حيث انقرضت أصناف من النخيل ولم يعد بالإمكان تعويضها بسبب ضعف إمكانية جلب هذه الأنواع لتعوض ما انقرض منها وبدلاً من 600 صنف من التمر الذي كان يملأ الأسواق العراقية لم يبقَ سوى 380 صنفاً فقط.
المفجع أن عدد الألغام قد فاق عدد النخيل في العراق بمعدل الضعف فهناك 20 مليون لغم و10 ملايين نخلة في بلد النخيل والألغام والسيارات المفخخة!