*د.أوس سليم:
مع تطور أساليب جراحة الجهاز الهضمي، حدثت طفرة هائلة في جراحات القولون، وطفا على السطح مصطلح ترميم القولون بديلاً عن الأسلوب القديم الذي كان يعتمد على الاستئصال الكامل لبعض أجزاء القولون دون النظر إلى ما يترتب على ذلك من مضاعفات تؤثر بالسلب في الوظيفة الهضمية للقولون وغيرها من الوظائف الحيوية الأخرى. لكن ماذا يعنى بترميم القولون، وما هي مميزات هذا الأسلوب الجراحي الجديد واحتمالات نجاحه ؟
د. أوس شاكر سليم استشاري جراحة الجهاز الهضمي بمستشفى الحمادي بالرياض الحاصل على الدكتوراه بالجراحة من بريطانيا, وزميل كلية الجراحين الملكية البريطانية أدنبرة وجلاسكو، وزميل كلية الجراحين الدولية (أمريكا)، وزميل كلية جراحة جهاز الهضم (سويسرا). يتحدث عن جراحات ترميم القولون فيقول:
****
حتى وقت قريب كان أسلوب استئصال الجزء الأيمن من القولون في حالة تمزقه هو الأسلوب المعتمد، بغض النظر عن خلفيات وطبيعة وأسباب هذا التمزق، وقد بُني هذا التوجٌّه على أساس عدة اعتبارات تتعلق بسريان الدم في هذا الجزء وسلامة الإيصال بعد الاستئصال، واعتبر الأمر منتهياً عند هذا الحد وصارت قاعدة استئصال الجزء الأيمن من القولون عند التمزق عرفاً سائداً عند غالبية الأطباء..
إلا أنه مع تنامي الخلفيات المتعلقة بنشوء عدد كبير من اضطرابات القولون، وتزايد الفهم حول دقائق وظائفه الجسدية، بات واضحاً أن نقطة اتصال الأمعاء الدقيقة بالقولون تشكِّل منظماً لتسرب المحتويات الهضمية إلى القولون، ومن ثم دقة وسلامة عمله، وزاد الأمر تعقيداً بعد التعرف على وظائف هضمية حساسة يقوم بها القولون لم تكن معروفة من قبل، ومن هنا كان لا بد من إعادة تقييم جدوى جراحات الاستئصال لصالح الترميم وبات الأسلوب الجديد وافداً جديداً لمعجم الجراحة، ولكنه حتماً أسيرا لقدرات جراحية متطورة على أساس من المهارة المتصلة بالفهم الدقيق لكل الخصوصيات والعوامل الفاعلة في حيز الجوف الهضمي عند إجراء الترميم.
ويضيف د. سليم: كما أنه من الضروري عند اتخاذ قرار بترميم أي جزء من القولون القدرة على استقراء مفرزات الأيام الأولى بعد إجراء الترميم على صعيد المتغيرات داخل الجوف الهضمي وعموم الجسد، ومن هنا فإن المهارة التقنية المطلوبة للقيام بترميم سليم يجب أن يصاحبها قدر كبير من الخبرة الجراحية، وفي حالة توافر هذه الخبرات يتم اعتماد الجراحة الترميمية للقولون بديلاً عن الاستئصال دون حدوث أية مضاعفات.
ويؤكد استشاري جراحة الجهاز الهضمي بمستشفى الحمادي بالرياض أن عمليات ترميم القولون التي تمت خلال السنتين الماضيتين حققت نتائج مبهرة لعدة حالات متفاوتة في العمر، ودرجة ونوعية التمزق، منها سيدة في العشرينيات من عمرها تعرضت إلى تمزقات كبيرة في ثلاثة مواقع من الجزء الصاعد من القولون الأيمن أثناء إجراء عملية إسعافية في الرحم، كذلك طفلة عمرها سنة واحدة كانت تعاني من انغلاق الأمعاء المركب، الذي أدى إلى تمزقات في الجزء الأخير من القولون المستعرض وأجزاء من القولون الأيسر.
كما حققت نتائج رائعة في حالة أخرى لرجل في السبعينيات من عمره كان يعاني من التهاب البريتون نتيجة لانفجار وتمزق انبعاجات في بداية القولون الأيمن، حيث أجريت لهذه الحالات جراحات للترميم دون استعمال أي أنواع من اللي أو الفتحات المعوية بجدار البطن مما مكَّن المرضى من مغادرة المستشفى بعد خمسة أيام فقط من الجراحة، والعودة إلى تناول طعامهم بشكل اعتيادي بذات الفترة.
ومن هنا تبرز الفوائد لجراحات الترميم بالمقارنة مع الجراحات الاستئصالية بسبب أنها تضمن استمرار مزاولة القولون لوظائفه، بالإضافة إلى سرعة الشفاء - بحول الله وقوته - والعودة إلى الحالة الطبيعية.
|