كانت تتطلَّع في الفجر لشجرة السنديان..
ترقُب نموَّها...
حين تَساقط العنبُ من كرومها ثمارَها...
تلتقطها..
تهزُّ إليها أرجوحةً تتمدَّد فارهة في ممرِّ الياسمين...
وتبهج بثمار الحديقة...
كانت تحمل محراثها الصغير الذي صنعته من سكين المطبخ...
ولفَّت طرفه الذي حذو يدها بقطعة من الحرير خضراء...
كأنَّها كانت تسجِّل في كلِّ فجر، وقبل كلِّ غروب
عن حركته السريعة في يدها مواعيد الاخصاب للنَّخلة...
والجوَّافة، واللَّيمونة، والبرتقالة...
فيما أعدَّ لها كنتُ ثمار الورد...
قولوا لها: لاتزال محاريث الفلاحين تعمل، بعضها ملفوفٌ بالحرير، وبعضها مغموسٌ في الطَّين، وبعضها غسلتها مياهُ البئر، وبعضها صدْأتها قاصمة الجفاف، وبعضها هجرها فلاحٌ ارتقى فوق سلُّمة الثَّمرة، وبعضها واصلها فلاحٌ لم يستبدل الرَّمل حصى الناطحات...
قولوا لها: عصفورها لايزال يغرِّد، وحركة أرجوحتها لما تزل تستقبل انعتاق السنديانة من قيد التراب، وانطلاقة المحراث عن قبضة اليد كلَّما حلَّ الصباح، أو غادر النَّهار عند موعد المساء.
قولوا لها: ثمَّة ابتسامة مخبأة في الفجر الذي سيأتي.
|