يوم بدأت التفكير في الكتابة عن الخريف العراقي الذي سيشهده العراق في الأيام القادمة وكنت قد وقَّت لبدء الكتابة مع دخول الخريف وبالتحديد (طلوع سهيل) وطلوع سهيل - للإخوة من خارج السعودية والخليج- هو ظهور نجم لامع في الجنوب يبشر ظهوره بانحسار موجة الحر وبدء نسمات البرودة وتلطيف الأجواء وخاصة في السماء وهطول الأمطار في بعض المناطق، ولذلك فإن العرب قديماً كانوا يقولون (إن طلع سهيل لا تأمن السيل).. ويظهر ان العراقيين عليهم أن يغيروا هذه المقولة (إن طلع سهيل لا تأمن القتل).
وفعلا وما إن هلَّ سهيل حتى غرق العراق في بحور من الدماء، ولكن هذه المرة تركزت المعارك في المناطق السنية وبالذات في المدن التي كانت شبه مغلقة في وجه القوات الأمريكية، وهكذا فقد شهدت الفلوجة والرمادي وتل عفر معارك دامية، إلا أن هذه المعارك رغم عنفها إلا أنها مجرد بداية إذ ستمتد الى اللطيفية والمحمودية وسامراء وبعقوبة، مع انتهاج سياسة ردع وقمع دموية بدأت القوات الأمريكية بانتهاجها لمواجهة أي مقاومة بقوة وعنف ولعل ما حصل في شارع حيفا وسط بغداد يظهر الاستراتيجية الجديدة للقوات الأمريكية، فبعد تفجير دبابة أمريكية في الشارع رد الأمريكيون بعنف طال المدنيين وحتى من كان يشاهد الدبابة المحترقة بدافع الفضول أو التغطية الصحفية كمراسل محطة الاخبارية التلفزيونية الشهيد مازن الطميزي الذي استشهد مع مجموعة من العراقيين المدنيين الذين كانوا يشاهدون الدبابة المحترقة، التي يزعم الأمريكيون أنهم استهدفوها بعد إصابتها من قبل المقاومين، لتدميرها حتى لا تقع قطع غيارها وبالذات مدافعها الرشاشة بيد المقاومة..!! هذه الاستراتيجية الأمريكية برزت ملامحها في المؤتمرات الأخيرة لوزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد والجنرال ريتشارد مايرز رئيس الأركان المشتركة اللذين أكدا على أهمية استعادة المعاقل التي تخضع لسيطرة المتمردين، وبرأي المسؤولين الأمريكيين فإنه وحتى تصبح القوات العراقية جاهزة، فسوف تتكفل القوات الأمريكية بالأمر على أن تكون القوات العراقية في المقدمة وتشارك بفعالية، وهذا ما لوحظ في المعارك الأخيرة التي جرت في تل عفر والفلوجة والرمادي، إلا ان الوضع أكثر صعوبة في مدن الوسط والجنوب حيث يلاحظ ان المعارك تجري في مدينة الصدر وشارع حيفا في بغداد وكذلك في البصرة، وقريباً في اللطيفية والمحمودية.
| 
"دوليات"