بعد الإجازة شبه الطويلة والصاخبة، ومناسباتها المتكلفة حيناً والواقعية حيناً آخر عدنا للمتاهة المعاندة من جديد.. تلك التي نُعرِّفها دائما ببداية الموسم في وقت يصبح هذا الموسم متلاحقاً لا يعد لنا بعد حصاده إلا بمزيد من العناء والمكابدة. فحينما نعود إلى بيوتنا ندخل العلاقات المعتادة، فنصلح الجسور الصدئة بينا وبين الصراف الآلي الذي لم نهجره بل تعرفنا على مواقع جديدة فقط، ثم نمر بالمغسلة ونلقي عليه جديدنا وأسمالنا ولا تتوانى (أم العيال) أن ترسل السجاد الذي سنهديه قريباً لأننا سنسرمك بيتنا الصغير المستأجر وعلى حسابنا الخاص، وسنفتح حسابنا الجديد مع المخبز والبقالة وسيبتسم لنا (ابن النيل) احتفاء بطلباتنا التي لا تكل ولا تمل. سنمر على المكتبات التي نعرفها بهذا الاسم وهي أبعد ما تكون إلى أن جاء من يقول انها (قرطاسية) ولا علاقة لها بالمكتبة بمفهومها المعرفي الحقيقي وسنريه بطاقة الصراف خضراء وصفراء وزرقاء وسيبتسم لنا أيضاً لانه ينتظر هذه المناسبة على جمر ثلاثة أشهر من التوقف والغياب في لاهب القيظ الحارق. وسنكمل المشوار نحو حتف مصروفنا لنملأ البيت بما نريد وما لا نريد من طلبات لا تنتهي وسنؤدي وصلة مهمة للأثاث والمنظفات، وسنمر على سوق (أبو ريالين) واخوانه لنتزود لنوائب الزمان وغدره، لنقتني كل ما أنتجته آلة الاستهلاك باسم الحاجة وشبه الحاجة ويمكن يصلح وقد نحتاجه لنصل الاجازة بما سواها من أوقات في دوامة تأمين متطلبات يومنا الذي اصبح عن عشرة أيام لفرط شقائه.
|