قال معن بن أوس:
ورثنا المجد عن آباء صدق
أسأنا في جوارهم الصنيعا
إذا المجد الرفيع تعاورته
بناة السوء أوشك أن يضيعا |
يدور الزمن ويتشابه ويشكو العقلاء من أهل زمانهم، ويبعد العهد بهؤلاء وتتعاقب الأجيال حتى يكون زمان المشتكي خيرا من الذي بعده بفوارق كبيرة.. وهذا معن بن أوس يتبرم من عمل جيله ويرسل حكمة تبقى مدى الدهر.. وهي أن المجد الرفيع والأثر النبيل والمعنى العظيم إن تولاه، وتعاقب عليه من لا يقدره ولا يعرف قيمته أو ليس أهلا له، أوشك أن يضيع بسبب أهله أنفسهم، وهذا ينطبق علينا نحن الأمة الإسلامية، فقد ورثنا الإسلام عن سلف صالح وأجداد وآباء كرام، حملوه وعرفوه حق المعرفة وعملوا به كما أراد الله وكما أراد رسوله، فنصروا وعزوا حتى هابهم أعداؤهم وخافوهم وبينهم البحار والفيافي.. وحينما زهدوا بما عندهم وشغلوا عنه بقشور الدنيا تكالبت عليهم الأمم من كل جانب وطمع فيهم أقل الناس بأسا وأهونهم قدرا عند الله والناس.. ولن يستعيدوا مكانتهم حتى يرجعوا إلى ما خلفه لهم أجدادهم مما يثبت عن الله ورسوله.
وينطبق هذا على العرب، فبعد أن كان ذلك الجنس مضرب المثل في الصدق والوفاء والإخلاص للرسالة السماوية وحسن الجوار وحب العمل وقوة الشخصية، أضاعوا ذلك بأيديهم وفقدوا ما عندهم حتى ساد غيرهم فسبقهم الآخرون في الأمور العملية التي يستوي فيها كل واحد.. وليس لنا عذر فذلك عملنا بأنفسنا وتفريطنا، وتلك عاقبة التهاون والتكاسل.. وعلى رغم كل هذا فلنا أمل في الله عز وجل إذا نحن رجعنا إليه وعملنا ما يرضيه أن تعود لنا مكانتنا وهيبتنا.
|