صدر - مؤخراً - الجزء الأول من كتاب (وثائق وادي الفرع) ضمن سلسلة (وثائق تاريخية من منطقة المدينة المنورة) التي دأب مؤلفها على اتحاف المكتبة المحلية بها بين الحين والآخر في سلسلته عن هذه المنطقة العزيزة علينا جميعاً (طيبة الطيبة) على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
والأستاذ الباحث فايز بن موسى البدراني الحربي مؤلف هذه السلسلة قد اعتنى عناية فائقة بالوثائق (الأهلية) حتى اقترن اسمه بها فلا يكاد ينفك عنها أو تنفك عنه فهو رائد هذا المجال وأبرز أعلامه المتبحرين فيه والسابرين أغواره.
والجزء الأول من هذا الكتاب قد احتوى على (668) وثيقة متنوعة في مواضيعها ومعلوماتها، وتبدأ من عام (1000) الهجري وحتى عام (1180هـ).
وبين دفتيه نحو من ألف صفحة، والكتاب بمجمله يدرس هذه الوثائق عبر نحو أربعة قرون ماضية.
وقد عرف (المؤلف) بالتحقيق وغاية التدقيق، والتعليق الموجز المفيد بالتعريف والتوضيح والتلميح والتصريح.
و(المؤلف) بهذا المنهج يسير على منهج قرآني وطريقة نبوية شريفة من خلال إيجاد البديل المناسب الجيد، فهو وإن عرف بمحاربته للروايات العامية (غير المحققة) كأن يكون الراوي غير معاصر لما يرويه ولم يروها عمن أدركها؛ فهي بجملتها منقطعة الإسناد، حتى ولو تعددت طرقها فقد يكون معتمدها على واهٍ أو وضاع أو نحو ذلك.
كما أنه يرى عدم الاعتماد على القصائد العامية في تدوين التاريخ ونتائجه ومجرياته أو الركون إليه في علم النسب كونه قد يكون مختلقاً أو محرفاً كما يظهر ذلك في روايات القصيدة المتعددة.
أقول: رغم أن المؤلف ينادي ومنذ زمنٍ بعدم الاعتماد والركون على ما ذكر فإن مؤلفاته المتعددة المصبوغة بصبغة الوثائق الأهلية تفتح الطريق لمن لا يرى أن هناك مجالاً آخر لكتابة التاريخ غير طريق الروايات والقصائد العامية ومن هنا يظهر البديل الجيد والمناسب الذي لا مجال فيه لعبث عابث أو كذب كاذب بل هي موثقة عبر أناسٍ عاصروا أحداثها وينقلها ثقات كتبوها وأرخوها.
وإنني بهذه المناسبة أدعو إخواني الباحثين المهتمين بالوثائق الأهلية باقتفاء طريقة المؤلف والسير على منوالها في نشر هذه الوثائق ودراستها.
وكم يغمرني السرور عندما أرى أكثر من مؤلف على طريقة الوثائق الأهلية لأكثر من منطقة من مناطق مملكتنا الغالية.
|