هذا عنوان كتاب صدر قبل عدة سنوات للشيخ العلامة أبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري العالم الموسوعي المعروف (إلا أن الشطر الثاني من عنوان المقال هنا من إضافتي لمقالي وليست جزءاً من عنوان كتاب ابن عقيل)، وقد تحدث الظاهري في هذا الكتاب القيم عن العشق من عدة جوانب شرعية ونفسية وتاريخية وما أُلف عن العشق في التراث وغير ذلك، وكان من بين الجوانب التي تطرق لها الشيخ الظاهري في كتابه أن وثَّق بعض القصص والروايات التي سجلت لنا فصولاً وأبواباً من العشق الشريف والعفيف، والذي قد لا ينتهي بالزواج لسبب أو لآخر من أسباب كثيرة متعددة قد لا تخفى على القارئ الكريم ومن أبرزها الأسباب الاقتصادية والاجتماعية.
المهم في الأمر كله أن الشيخ ابن عقيل ذكر العديد من القصص لأشخاص من منطقة وسط الجزيرة العربية (منطقة نجد)، ومن أشهر هذه القصص والحكايات قصة ابن عبد الرحيم العاشق الشهير في منطقة الوشم، والذي تعددت الروايات والأقاويل في وفاته.. وهل مات مقتولاً أم توفي وفاة طبيعية؟.
وقد أبانت هذه القصص عن حقيقة مهمة يبدو للوهلة الأولى أنها غائبة عن البعض وهي أن أهل الجزيرة العربية وبخاصة وسطها لا يعرفون العشق وأنهم أجلاف كذا يقال!! ومع الأسف أن بعض الرحلات الأجنبية إلى الجزيرة العربية قد تحدثت عن هذا الشيء بشيء من التأكيد، ودائماً ما تُروى قصص العشق العذري والعفيف عن أهل بلاد الرافدين، والشام أما نحن أبناء الجزيرة فإذا ذُكرنا فيُذكر مع ذلك قسوة في التعامل مع المرأة، وغياب كامل، بل انعدام للعشق.. كذا قيل عنا ولا شك أن بعض البيئات قد يكون فيها شيء من ذلك، لكن التعميم والنظرة السوداوية عن الجزيرة يجب أن يغيبا، ومن تأمَّل في كتب الشعر الشعبي وتواريخ الجزيرة العربية لوجد قصصاً ماتعة ومواقف رائعة عن رجال عشقوا ونساء عشقن، لكنهم كبتوا مشاعرهم إلا في طريقها السليم، وكأنهم قالوا: إما الزواج أو الافتراق ولم يجعلوا مجالاً لأي طريق غير ذلك.
على العموم كتاب الشيخ ابن عقيل الظاهري- وفقه الله- تحدث عن شيء من ذلك كما أن كتب الشعر والحكايات الشعبية تحدثت عن ذلك وأتذكَّر أن زميلنا الباحث الأستاذ سعود بن عبد الرحمن اليوسف تحدث عن قصة ابن عبد الرحيم بشيء من التفصيل الجميل في كتابيه أشيقر والشعر العامي، ثم كتابه شعراء من الوشم، وغيره من الباحثين تحدث عن قصص جرت في أماكن أخرى من الجزيرة العربية.
وعلى العموم الذي أستطيع أن أقوله إن أبناء هذه الجزيرة منذ القديم لا يختلفون عن أبناء العراق والشام وأرض الكنانة، فالعشق والتعلق بالمرأة موجودان لديهم مابقي الرجل، وما بقيت المرأة، وسيظل الشعر هو المفصح الأول والأهم في التعبير عن المشاعر، ولتذهب الرسائل سواء كانت ورقية أو عبر المحمول إلى غير رجعة، فالشعر هو أبرز موثقي هذا العشق وتلك المشاعر.
للتواصل
فاكس 2092858
|