لا يبقي الزلزال على المنطقة التي يضربها إلاَّ على الأنقاض، بل إنه يتجاوز مجرَّد منطقته إلى أطرافها، ولا يكتفي بمجرد ذلك وإنما تكون له ما تُعرف بتوابع الزلزال، وهي أيضاً مدمِّرة. وهكذا الحال مع زلزال 11 سبتمبر؛ فقد كان للهجمات الإرهابية أثر ذو قوة تدميرية هائلة سَرَتْ فوراً في النفوس؛ لتنعكس على أنحاء أخرى خارج الولايات المتحدة، إلى حيث اعتقد الأمريكيون أنه مركز الزلزال الذي جرى فيه تدبير المؤامرة. وهكذا كان التوجه العسكري الأمريكي بكل زخمه القتالي الهائل إلى أفغانستان، ومن ثَمَّ إلى العراق، ولا تزال المخططات حافلة بجولة تطول أنحاء العالم الإسلامي.
واتجهت الأنظار الأمريكية إلى كل المواقع التي ترتاب فيها، فيما أشارت أصابع الاتهام إلى العالم الإسلامي الواسع باعتباره منطلقاً لهذه الهجمات.
وهكذا فقد أصبحت الحواضر الإسلامية الكبرى من بين المتهمين، ولم تسلم المملكة من حملة جائرة غربية، على الرغم من المملكة ذاتها هي ضحية لهذا الإرهاب ومن نفس العناصر التي أعلنت مسؤوليتها عن أحداث 11 سبتمبر.
ولن نستغرق في جوانب وتفاصيل المسألة؛ إذ إن ما يهم هو كيفية حصار توابع هذا الزلزال التي لا تزال تترى حتى الآن، ومحاولة الوصول إلى عالم متصالح يتم فيه التضامن معاً من أجل ضمان ألاَّ يحدث ما سبق له الحدوث.
هذه هي رغبة الدول الإسلامية والعربية التي أذهلتها كارثة سبتمبر، والتي أدانتها فور وقوعها، لكنها مع رغبتها في تجاوز المعضلة ومع إقرارها بأن الذين تسببوا في هذا الزلزال هم من أبناء جلدتها، ذوي الرؤى المتطرفة التي لا تمثل الإسلام بأي حال من الأحوال، إلا أن مساعيها لتطويق ما حدث اصطدمت بما يشبه الزلزال المضاد من الجانب الآخر الغربي، وتحديداً الأمريكي؛ حيث راحت الأصوات الهادرة المفعمة بالرغبة الجارفة في الانتقام تتناول العالم الإسلامي ككل بأقذع الألفاظ والاتهامات، مع إظهارٍ فجٍّ للرغبة في استئصال كل ما هو عربي ومسلم.
في هذه الأجواء وجد الذين كانوا يعدون أصلا المخططات ضد العرب والمسلمين فرصتهم الثمينة لدفع الأمور باتجاه تنفيذ مخططاتهم وتصعيد الأمور إلى الدرجة القصوى، خصوصاً أن الناس في الغرب أصبحوا مهيئين لقبول كل الفظائع التي يمكن أن تُلصق بالمسلمين. ومن هنا تواترت موجات التصعيد بمختلف الوسائل من السياسية إلى العسكرية إلى الثقافية ضد الإسلام والمسلمين، انطلاقاً مما حدث في 11 سبمتبر، وتجسيداً لما يعتمل في صدور الآخر المعادي أصلاً للإسلام.
|