* الرياض - الجزيرة:
تعهد معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن أحمد الرشيد أمس السبت بأن (المدرسة) العربية السعودية المسلمة لن تهزم- إن شاء الله- أمام الفتنة والضلال والانحراف الذي يهدد أمن المجتمع واستقراره.
وقال معاليه في كلمته بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد 1425 - 1426هـ : إننا سنكون واعين ويقظين لأي انحراف مهما كان صغيراً، لأن الصغير يكبر، ومعظم النار من مستصغر الشرر وإهمال الانحراف خطأ كإهمال المرض، كلاهما يجب معالجته والقضاء عليه قبل ظهوره، وكما أن التسامح في محله ليس ضعفا، فكذلك الحزم في محله ليس عنفا.
وطالب معاليه المعلمين والمعلمات أن يدركوا الفرق الكبير بين المعلم وبين المفتي، فيعلموا طلابهم بالشكل الأمثل ما ورد في المقررات من مادة علمية، دون أن يتصدروا للفتيا، ويشطوا عن المنهج، ويقحموا الطلاب في مسائل لا علاقة لهم بها، وعليهم في الوقت نفسه أن يكونوا متعاونين فيما بينهم من أجل المصلحة العامة، وألا ينقسموا بحسب مواقف فكرية أو انتماءات إقليمية، فالجامع الأكبر بينهم (هو أصول الدين الحنيف، ومصلحة الوطن العليا، والمهنية التربوية) أكبر من كل ما عداه.
ووجه معاليه حديثه الى الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات، والمشرفين التربويين والمشرفات، والمديرين والمديرات، والى الأبناء من الشباب والشابات، وإلى كل من له صلة بالتربية من قريب أو بعيد قائلا: إننا في هذه الظروف نحتاج إلى وقفات مع النفس، وتأملات ومصارحات، ومكاشفات، فالجريمة قبل أن تحدث في الواقع تكون فكرة في ذهن مرتكبها، والأعمال الشريرة هي نتيجة أفكار شريرة، فمن يزرع تلك البذور المشؤومة في الاذهان، ومن يتعهد تلك الشجرة الخبيثة حتى تعطي ثمارها المرة المدمرة،؟! وكيف السبيل إلى الحيلولة دون زراعتها؟ وماذا نفعل لاستئصالها إذا زرعت في غفلة عن أعين الحكمة والعقل؟ هذه الأسئلة لا تخص الإجابة عنها الراعي دون الرعية، وحارس الأمن دون المحروس، والكبير دون الصغير، والذكر دون الأنثى.
كل واحد منا مسؤول.. الآباء والأمهات، كم من الوقت يقضون مع أولادهم يعيشون عالمهم، ويُصغون لحديث آمالهم وأحلامهم ومخاوفهم، ويعلمونهم كيف يعيشون، وينصحونهم بلسان الحال قبل لسان المقال، فإذا رأوا بشائر تفوق رعوها، وإذا أحسوا ببوادر انحراف عالجوها قبل وقوعها.
والإخوة الكبار والأخوات هل يحسون بمسؤوليتهم أمام الله تجاه الصغار من إخوانهم، وكذلك الأعمام والعمات، والأخوال والخالات.
وقال معالي د. الرشيد موجها حديثه الى المعلمين والمعلمات هل كسبتم عقول الناشئين وقلوبهم بالثقة والاحترام والمحبة، هل علمتموهم الادب، والخلق الفاضل، والسلوك الحسن إلى جانب ما في الكتب من علم؟ هل أوقدتم فيهم جذوة الشوق الى العلم، وعلمتموهم كيف يتعلمون باستمرار في عصر فتحت فيه التقنية الحديثة ووسائل الاتصال أبواب المعرفة على مصاريعها؟ هل دربتموهم مهارات التفكير الصحيح، وأصول الحوار، ومبادئ الائتلاف، وآداب الاختلاف، وسعة الصدر، والتسامح وسماع الرأي الآخر وتفهمه، وعدم الشعور باحتكار الصواب؟ هل غرستم فيهم بذور الأمل والتفاؤل، وحصنتموهم ضد التخاذل والتشاؤم؟ هل دربتموهم على الاتقان في كل عمل يقومون به؟ وبعد هذا كله، وسواه هل كنتم لهم القدوة الحسنة فعلمتموهم بالمثال المحسوس لا بالكلام المجرد؟
وأضاف.. وأسأل أيضا الإخوة والأخوات من المشرفين والمشرفات والمديرين والمديرات وسائر المعنيين بالعملية التربوية التعليمية: هل أدوا واجبهم بالشكل الأمثل، تخطيطا، وتنفيذا، وإشرافا، وتقويما، ومراقبة وما إلى ذلك؟؟ في زمن صارت فيه (التربية) أهم وأعم من (التعليم)؟، وهل عملوا بروح الفريق: مشاورة، ومشاركة، وتآزراً؟
إن المدرسة أهم مصنع للإنسان، لا يسبقها في الأهمية إلا البيت، ولا تستطيع المدرسة أن تؤدي واجبها في بناء المجتمع ما لم يتعاون معلموها فيما بينهم، وما لم يكن هناك تآزر بينهم وبين الادارة، وما لم يكن هناك- زيادة على ذلك- تواصل حقيقي بين المدرسة والمجتمع عن طريق أولياء أمور الطلاب والطالبات.
واختتم معالي وزير التربية والتعليم كلمته موجها حديثه الى زملائه المعلمين والمعلمات الذين وصفهم بأنهم (أمناء) على أغلى ما نملك قائلا: أشيعوا روح التفاؤل بين طلابكم وطالباتكم، وعلموهم صناعة الحياة، والتفوق والنجاح، وأن يركزوا على جوانب الخير في الناس والحياة، ووجهوهم إلى الإسهام الجاد في بناء بلادهم، والله الله أن يؤتى الدين أو الوطن من قبل من ينتمي الى مهنتنا ويعمل في مدارسنا، تذكروا رسالتكم، ولا أقول: وظيفتكم، فإنها أمانة، يمكن أن تتحول الى خزي وندامة، إلا من اتقى الله فيها، نسأل الله العون والتأييد.
|