لما هو آت
خلف الأبواب !!
خيرية إبراهيم السَّقاف

المؤشر ينبض بأنَّ دقائق ويكون على السادسة صباحاً حين رنَّ هاتفي ، ولم أعتد أن يفعل في هكذا وقت إلاَّ في ضرورة ...
سيدة لا أعرفها قدَّمت نفسها على استحياء ، قالت : ابنتي - سيدتي - تدرس في الجامعة ، لديها هاتفك أعتذر لاقتحامه صباحاً ... ، لا تثريب عليكِ سيدتي قلت لها ، لم أجعله متاحاً كي أرفض من يأتيني عنه.
وقالت .. وقالت ... كلُّ ما قالته أسئلة ، يمكنها عندما تذهب للمؤسسة التعليمية التي تقصدها أن تجد الإجابات عند المداخل ، أو لدى السكرتارية ... ، لكنَّها مضطربة ، قلقة ، ليس ثمَّة من منحها أذناً أو فتح لها باباً...
هذه السيدة كيف تتلعثم في الحديث خجلاً ، هي وهما وهنَّ وكيف تتعثَّر أقدامهن ، ويشاهدنَّ في الممرات يحملن فوق وجوهن علامات الاستفهام وحيرة الفشل ...؟؟
إنَّ كلَّ أمٍّ ترغب في انخراط ابنتها في الدراسة.
صديقة بذلت من الأيام أكثر من شهر كي تحصل على إجابة عن مصير معاملة لابنتها ، تشتَّتت خطاها بين المكاتب ، وبدّدت وقتها خلف الهاتف ،
أحد المعارف يحمل لي كلَّ يوم عشرات الأسئلة ، ولا تزال الحناجر تصدر آهات الحيرة ، والتعب ، وأحياناً الغضب ، وآلية التعامل في المؤسسات التعليمية في أوقات (الذُّروة) لا تختلف عنها في الطرقات في أوَّل يوم للدراسة أو عند هطول الأمطار بشدة ، وكما تحتاج إلى رجال مرور ينظمون السير ويتمُّ ذلك بتعطيل الآلة نظراً لفوضى الناس ، وكما تحتاج الطرق إلى سحب المياه يدوياً كما تحتاج مراجعات الأفراد إلى شفعاء ، كي تتمَّ في وقت أقلّ وبحفظ لماء الوجه أحياناً ...
وأتذكر أنَّ القوم سيجتمعون في مجلس الشورى لمناقشة (الوساطة والمحسوبية) وأضع يدي على سنة قلمي ، وأضغط قليلاً خطاً أحمر تحت سؤال: ما الفرق بين الشفاعة السالبة والموجبة؟
وكيف يتمُّ التآخي ، والمؤازرة ، والتكافل وخدمة الآخر وهي جميعها من الصفات التي يتحلى بها المسلم فلا يكون سوى العضو الذي يتداعى للآخر في جسد تنهكه المراجعات ، وتتعبه الاتصالات ، ولا يخرج في كثير بنتيجة إلاَّ عن شخص إمَّا معرفة ذا قدرة ، وإمَّا متطوعا لخدمة الآخر ، فإن توفَّر له الأوَّل قد لا يكون الثاني إلاَّ في النادر من المواقف ...
ولا تزال حتى اللَّحظة السيدة التي هاتفتني صباحاً تقف خلف الأبواب تنتظر الجواب ...!!