Sunday 12th September,200411672العددالأحد 27 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

أضواء أضواء
خريف العراق الدامي (2)
جاسر عبدالعزيز الجاسر

ما هو الموقف في العراق؟ هل ما يجري يعتبر مقاومةً أم تدهوراً أمنياً أم تمرداً أم اضطراباً؟!
الإجابة الدقيقة والصادقة تفرض على الإنسان أن يقرّ بأن كلّ هذه الحالات موجودة في العراق؛ نعم توجد مقاومة وطنية.. ومقاومة إسلامية أيضاً، ويوجد تدهور أمني استغلته عناصر وجهات بعضها ذات توجّهات سياسية وفكرية وجدت فرصتها لتصفية حساباتها مع أمريكا على الساحة العراقية، والبعض الآخر جماعات إجرامية استغلت الفراغ الأمني؛ لتمارس استرزاقاً من خلال عمليات الخطف والسرقة التي تركز معظمها ضدّ العراقيين أنفسهم, وبالذات عمليات الخطف التي لم تحظَ بالاهتمام الذي يصاحب عمليات خطف الأجانب؛ فقد تم خطف العديد من العراقيين ورجال الأعمال الكويتيين وبعض السعوديين والأردنيين، وتم الإفراج عنهم بعد دفع (الفدية) التي تراوحت بين عشرة آلاف دولار ونصف مليون.
ولكن، وحتى يكون الإنسان منصفاً وصادقاً، وأقرب ما يكون لحقيقة ما يجري في العراق، فإنه إلى جانب هذه الفئات توجد هناك عناصر تقود مقاومة موجهة للاحتلال الأمريكي، وترفع السلاح ضدّ المتعاونين من العراقيين الذين قدموا للعراق مع قوات الغزو.
هذه العناصر التي تخوض معارك ضدّ القوات الأمريكية والحكومة العراقية تصنف (مقاومة)، سواء اتفقنا معها أو اختلفنا، وهذه المقاومة وجدت دعماً ونمواً وتعاطفاً من فئات واسعة من الشعب العراقي، خاصة في ظلّ محاولات تهميش طائفة كبيرة، وإهمال محافظات كبيرة؛ ممّا جعل القادة الدينيين والسياسيين في هذه المحافظات يميلون إلى اتخاذ مواقف ضد الاحتلال والحكومة العراقية معاً؛ ولهذا فليس غريباً أن تتنامى المقاومة في محافظات الأنبار والرمادي والفلوجة ومحافظة الموصل وتكريت وبعقوبة وسامراء وجميعها مدن ومحافظات سنية.
ويرى العديد من متابعي الشأن العراقي أنه إذا لم يجد رئيس الحكومة العراقية وقوات الاحتلال الأمريكي طريقة لإعادة الاعتبار والتوازن إلى هذه المحافظات، والعرب السنة الذين يشعرون بأنهم مبعدون ومهمّشون، فإن الوضع سيكون محزناً ومصدراً لا ينضب لمدّ المقاومة بالرجال؛ مما يؤدي إلى امتداد الرقعة الجغرافية التي امتدت فعلاً حتى وصلت إلى تل عفر.
وقد أشار بحث لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية؛ استناداً إلى رؤية خبراء في مؤسسة بروكنغز، إلى أن المقاومين العراقيين قد زادوا خلال الفترة الماضية من خمسة آلاف إلى نحو 20 ألفاً، وأن العديد من العراقيين الذين كانوا يقفون على الحياد انضموا أخيراً إلى القتال، وهؤلاء يتشكلون من شبان عاطلين عن العمل، وجلهم من المحافظات المهمشة التي أخذ أهلها يشعرون بأنهم لا مكان لهم في العراق الجديد، كما أنهم ملوا أوضاعهم الراهنة؛ ممّا ضاعف وأضاف الكثير من السلبية والتشاؤم والشك في الشارع العراقي، وغذى المقاومة بأعداد جديدة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved