Sunday 12th September,200411672العددالأحد 27 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

ادهن السير.. يسير!!! ادهن السير.. يسير!!!
محمد أبو حمرا

كنت قبل مدة قد كتبت عن أسعار الأدوية الخيالية لدينا والتي ضحيتها المريض، فتجد الدواء الذي يباع في دولة مجاورة بمبلغ خمسة ريالات، سعره هنا 30 ريالاً فقط، ولعل السبب هو أن هناك (لوبي) يتحكم في أسعار الأدوية أو لنقل تسعيرها، بمعنى أنه يحسب ربحه مضاعفاً خمس مرات، لا واحدة أو اثنتين، بل خمس مرات على الأقل، وتساءلت عمن يعطيهم الضوء الأخضر أو الأصفر لتثبيت ذلك السعر الخيالي؟ وفعلاً أوجست خيفة في ذلك.
وفي خبر تناقلته وكالات الإعلام أن وزارة الصحة (مشكورة) قد أحبطت عملية رشوة بملايين الريالات لشركة أدوية لها فروع كثيرة منتشرة كالجدري في الوجه الجميل، وأن موظفاً سعى للقبض على الراشي في وقتها.
إلى هنا والأمر جيد ومبهج للوطن والمواطن أن تسعى وزارة مهمة مثل وزارة الصحة إلى قلب كثير من المعادلات التي يعرفها المواطن العادي ولا يستطيع أن يقولها صراحة، لأن هناك من سيقول له: أثبت ما تقول، والإثبات صعب وأسهل من الجحود، أما وقد تكشف وجه الحقيقة المرة والمميتة للفكر والطموح للرقي بشكل لا غبار عليه وبمؤشر خطير ومرض مستفحل، فكيف ستعمل كثير من المؤسسات الخدمية للقضاء على ظاهرة الرشوة التي بدأت بشكل أوضح وهي تكشر عن أنيابها بطرق ملتوية تجبر المراجع سواء أكان غنياً أو فقيراً على أن يرشي ولو بطريق كلمة جميلة في حق ذاك أو مدح له في مجلس عام حتى ينتقل الخبر له، أو عن طريق ما يسميه العامة (دهن السير)! والسير الذي يقصدون هو أن الفلاحين كانوا يسحبون الماء من الآبار بواسطة الجمال أو البقر أو الحمير، فينزل إلى قعر البئر دلو كبيرة تحمل عشرات الليترات من الماء فتسحبها الدابة بواسطة سير من الجلد يدور على محَّالة خشبية، فإذا تلكأ ذلك السير وضعوا عليه دهناً من شحم الحيوانات الذي يسمى الودك ليسهل سيره، فاستعملوا ذلك المثل (ادهن السير يسير).
والغريب أننا في زمن الفقر والكفاف لم نعرف ما يسمى بالرشوة، بل كان الموظف يعتبرها خيانة عظمى للدين والخلق والوطن، فما الذي تغيّر في الحياة والأحياء؟
هل الحاجة وقلة الراتب وكثرة الديون على الموظف العام تدفعه إلى ذلك؟
هذا وارد ولكنه غير مبرر لأن يخالف دينه وأمانته، وكما قيل: (الجوع كافر) أم لأن الناس توسعوا في المحذورات وأصبحت عندهم شبه عادية لأنهم يرون أن لا أحد يعيّرهم بأنهم مرتشون؟
أم أن الموظف يرى ما لا يراه غيره من المسؤول الذي يجيء فوقه وهو يلتحف السماء ويفترش الأرض ثم فجأة يصبح ذا سرّة ناتئة وشحوم ولحوم نتيجة الثراء السريع ويريد أن يقلده حذو القذّة بالقذّة؟
أم أن هناك من اندسوا في المجتمع من مجتمعات أخرى وزينوا لأبنائنا ذاك العمل السيء؟
أم أننا لا نعير اهتماماً لاختيار الموظف النزيه والأمين في المكان الحساس والذي هو ممر لأن تكون الرشوة مرتعاً فيه؟
الحق أبلج، والصبح واضح، والدين والخلق ينهى عن الرشوة، وهذا مرض مزمن لا يمكن الشفاء منه إلا بالبتر لتلك الأيدي الخائنة للدين ولولاة الأمر وللوطن والأمة والدنيا.....
* ما أبعد نظر الفتاة التي قالت لأبيها كما جاء في القرآن:
{يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (26) سورة القصص.

فاكس 2372911


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved