لن يحقق أي وطن لنفسه مكانة مرموقة ما لم يأخذ بخياره الوحيد وهو تقديم تعليم عالي الجودة لأبنائه. نعم، لا توجد اليوم أمة لا يغدو أبناؤها كل صباح الى مدارسهم ولكن القليل من هذه الأمم يقدم اليوم تعليما حقيقيا يستثمر الامكانات العقلية الهائلة التي تختزنها أدمغة أبنائها. فشل الأمة الحقيقي يتجلى عندما تعجز عن استخراج واستثمار الكنز المكنون في عقول أبنائها، كم هو محزن أن ترى عقول جيوش الشباب العربي مهدرة ومعطلة، إنها عقول لم تجد نفسها يوما في مواجهة مباشرة مع مهام أو معضلات تعليمية تتطلب منهم ممارسة مستوى متقدم من التفكير. بأقل التحديات يواجهون المواقف التعليمية وبلا جهد يذكر يحققون أفضل الدرجات وبأقصر الطرق يصلون الى أعلى الشهادات، وبطرق مماثلة يتسللون الى مواقع صناعة القرار ليعيدوا انتاج التخلف. وهنا تكمن علتنا الحقيقية.
شفرة التعليم الأمل الذي سينجح في بناء العقول المفكرة والمبدعة لم تعد سراً يستعصى على تربويينا فك طلاسمه. ورغم معرفتنا بسر (الطبخة التعليمية) إلا اننا لم نصل بعد الى التعليم النوعي الذي نريد. لقد يممنا شرقا وغربا فتوفرت لدينا أحدث المعلومات والخبرات والبحوث عن تخطيط المناهج وعن النظم المالية والادارية وتقنية المعلومات والمعرفة العلمية والنظرية التربوية، وإذا ما توفرت لنا فوق كل ذلك الامكانات المادية فلا نملك عندئذ سوى التوجه الى قياداتنا التعليمية. يا قياداتنا التعليمية: الحل الآن بأيديكم وبالارادة السياسية من خلفكم, وستجدون الحل بإذن الله.
* كلية المعلمين بالرياض |