يتزايد يوماً بعد يوم ذلك الزخم الهائل من الطرح في الآراء من قِبل شريحة واسعة من المجتمع تُمثِّل اتجاهات مختلفة ودرجة علمية متفاوتة، وهذا يدل على ارتفاع النسب الثقافية الواعية التي وجدت حيزاً واسعاً في إبداء الرأي عبر هذه الجريدة التي آثرت أن تخاطب عقل المواطن وليس جيبه كما هو الحال في بعض الصحف التي تحوَّلت إلى صحف تجارية فانفردت هذه الجريدة بتخصيص صفحتين للرأي إضافة إلى عزيزتي الجزيرة وكذلك صوت المواطن، وأرجو أن يدوم هذا الاتجاه من قِبل القائمين على التحرير.
ومع هذا الكم من الآراء والأطروحات التي تشمل النقد والشكوى والتوصيات يُضاف إليها المشاعر الوطنية والوجدانيات تبرز هناك ملاحظات على بعض منها فيما يتعلق بالشكاوى ضد توفر الخدمات أو نقصها في أنها أحياناً تبالغ في العرض بشكل غير دقيق معتمدة فقط على وجهة نظر قائمة على النقل أو الاستماع دون الاطلاع على الطبيعة أو المقابلة المباشرة فلا يكون هناك إلمام حقيقي وواضح بحقيقة المشكلة أو الأمر.. إضافة إلى هذا تقييم واقع المشكلة بشكل صحيح فهل هي تُمثِّل خطأ إجرائياً أم سوء تصرف أم نقصاً في الموارد المالية؟ نحن نتفق جميعاً في أن هناك أخطاء وتجاوزات تحتاج إلى إصلاح فكان الطريق الذي اتبع هو مخاطبة المسؤول عبر هذه القناة المفتوحة لأسباب عدة قد يكون منها بُعد المكان أوعدم القدرة على مواجهة المسؤول أو لكثرة المشاغل والأعمال فيحصل هناك أحياناً تجاوب من قِبل المسؤول وإدارته حيال الشكوى وهذا كله يعتمد على مدى الاهتمام والوعي الذي يتمتع به ذلك المسؤول ومن هم تحت إدارته مع الأخذ بعين الاعتبار أن المشكلة قد تنضوي كما ذكرنا سابقاً في ناحية إجرائية أو سوء تصرف أو نقص في الموارد المالية، وهذا هو الغالب فيجب عدم المبالغة في المشكلة والإفراط في الحلول الكاملة والتعامل مع المشكلة وفق الإمكانيات المتاحة.
هذا فيما يتعلق بالشكاوى.. أما الآراء والتي تأخذ حيزاً واسعاً في النشر والتي تنهال بشكل شبه يومي علينا وتُعبِّر عن فئات عدة من مثقفين ومعلمين وأطباء وعسكريين ورجال أعمال وغيرهم فإنها أحياناً تغرق بعمق في الوصول إلى المثالية معتمدة على صياغة العبارات الجميلة، ولا أدري ما إذا كنا نسارع إلى هذا الطرح في النقد وإبداء الرأي ومحيطنا وواقع أعمالنا يشهد لنا بأننا على درجة كبيرة من القيام به على الوجه الأكمل أم أننا عكس ذلك.. فقط تجسد أن الأمر لا يعدو كونه تسابقاً إلى البروز والظهور على حساب الآخرين غير مدركين أن المصداقية في الطرح تأتي ممن هم ناجحون ومنتجون في أعمالهم والذين تهدف آراؤهم إلى إيجاد مجتمع براجماتي (نفعي) على حساب واقع غارق في صراع فكر عطَّل إيجاد جسد منتج.
|