أعان الله أخي معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي، ذلك أنه مقبل على معركة من أجل الاصلاح في قضية العمالة والسعودة، أنا أدرك أنه رجل شجاع وعقلاني وذو رأي، ويدرك مقولة أبي الطيب:
|
الرأي قبل شجاعة الشجعان
هو أول، وهي المحل الثاني |
ذلك أن المصالح تدفع الى ركوب الصعب، وهي معركة، لأن الانسان كما يصوره الكتاب العزيز {خُلِقَ هَلُوعًا}، غير أن مصلحة الوطن والمواطن مقدمتان على المصالح الشخصية، عند الذين يعون، والذين يستجيبون الى نداء الحق، وهم في ظني قليل.!
* أدرك أن بعد نظر الدكتور غازي القصيبي سيجعله يتحرك بحكمة ورأي، وسيخطو بأناة أحياناً، وبقرارات صارمة أحيانا أخرى، وأرجو أن يدعم، وأن يعان من الدولة التي يهمها مصلحة الوطن والمواطن، أن تعين على وضع حد لشره وأطماع ذوي المصالح الخاصة، ولا يهمهم ما سواها، والنفس البشرية لا تشبع، لكن الحق فوق القوة والرغبات الانسانية، والنظام حد لمنع التجاوز والاستمرار في استغلال مالا يجوز لأن المصالح كثيرة وليس لها حد تنتهي اليه وتقف عنده!.
* ولست أدري، إلى أي حد تمتد صلاحيات وزير العمل في قضايا العمالة، هل هي ستتوقف عند القطاع الخاص ومتاجرته في العمالة واستقدام بالهبل كما كانت حالنا الى الأمس واليوم، أم أن لوزارة العمل عبر مراحل صلاحيات ستمتد الى ما وراء القطاع الخاص، لتكون العدالة شاملة عامة، لأنا في كيان متكامل، وينبغي أن يكون مترابطاً تسري عليه الأنظمة العامة حتى لا يقول القطاع الخاص: ولماذا لم تسر السعودة على مؤسسة كذا وكذا، ما دام في البلد كفاءات، يمكن أن تحل محل الأجنبي؟ تساؤل، لست انتظر أن يكون جوابه اليوم، ولكن في الغد غير البعيد بمشيئة الله، وقالوا قديما من سار على الدرب وصل، وأعيد القول في الاستشهاد بقول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: (لا قول إلا بعمل)!.
* قبل نحو أربعة أشهر ظهر اعلان عبر (الانترنت) عن وظيفة مهندس شاغرة في هيئة -الجبيل وينبع- كل المواصفات يوجد سعوديون من تتوفر فيهم من شهادات وخبرات طويلة.. غير أن عقدة النجار كما يقال فيها استحالة أن ينال هذه الوظيفة سعودي، فالاعلان يقول بصيغة مهذبة: (يفضل في المتقدم لهذه الوظيفة أن يحمل الجنسية الأمريكية).! هكذا بكل صراحة، إن المواطن بشهاداته وكفاءاته وخبراته وفي بلده لا يحق له ولا يتاح أن يشغل وظيفة، لاستحالة توفر شرط لا يملكه المواطن الذي يقضي نظام بلاده بعدم ازدواجية الجنسية.!
* وأرامكو الأمس، وأرامكو اليوم، تعلن عن وظائف شاغرة، ويتقدم مواطنون سعوديون تتوفر فيهم جميع شروط طلب التوظيف، ويتقدم غير السعودي، فيقال للأجنبي نعطيك ستة عشر ألف ريال، ويقال للسعودي نعطيك ثمانية آلاف ريال، وحين يحتج السعودي الكفء على ذلك التمييز يقال له: أنت ابن البلد! كأن المواطن ليس له حق بكفاءته المماثلة لمن يتقدم معه، أن ينال الحق نفسه.!
* وفي الأرامكو كذلك، يتقدم المواطن الى وظيفة شاغرة، وعنده خبرة أكثر من عشرين سنة، ويحمل شهادات الدراسة الجامعية وشهادات الخبرة، ويبعث بأوراقه الى الأرامكو السعودية - قسم التوظيف -، ويدعى للمقابلة واحضار أصول الشهادات وما يثبت هويته، ويقابل في قسم التوظيف انسانا جاهلا، فيترك كل ما قدم المواطن جانباً، ويقول له: نريد درجات نجاحك في الجامعة، وإلا فلا مجال لتوظيفك.
* إذاً: فإن أرامكو الأمس، التي لا تعبأ بالمواطن وتوظيفه إلا النادر هي أرامكو اليوم، ورأينا أيام زمان آلاف العاملين يسكنون في صنادق حقيرة، والذين يديرون الشركة من الأجانب، فيسكنون فيما يشبه الهوتيلات ذات خمس أو عشر نجوم، هذا كلام مر عليه عقود، لكن الحال باقية، وهي محزنة وضارة، تدعو الى ما يشبه اليأس من المطالبة بالحق ونيله، والممارسة في الأرامكو، لا أحد يسألها، ولا يحاسبها، فهي كيان مستقل بذاته، كأنه بعيد عن التهم والتساؤل، لأنه ربما فوق ذلك.!
* والسؤال: ولست على عجل، هل سلطات وزارة العمل تطال هيئة الجبيل وينبع، وأرامكو السعودية، أم أنهما وأمثالهما أبعد من ذلك، وفوق ذلك؟؟ وأعان الله معالي وزير العمل وشد من أزره.!
| 
"منوعـات"