الكتاب:ZIDANE: le roi modeste
المؤلف: PHLIPPE JEAN :Par
الناشر: ARCHIPEL EDITION:
منذ زمن ميشيل بلاتيني لم تعرف فرنسا نجما كبيرا كما عرفته في نهاية الثمانينات. كان شابا صغيرا لم يتجاوز الثمانية عشر من العمر حين لعب مباراته الأولى حاملا رقم 18. دخل في الدقيقة الثامنة والعشرين من الشوط الثاني وسجل هدفين، مانحا لفرنسا فوزا مدهشا على بولندا التي كانت (أسد أوروبا) في تلك الفترة. بعد تلك المباراة كتبت الصحف الفرنسية قائلة: عثرنا على خليفة ميشيل بلاتيني. عثرنا على زين الدين زيدان!
ولد زين الدين زيدان في الجنوب الفرنسي، في مدينة مرسيليا من أبوين جزائريين. هو الابن الثالث في أسرة تتكون من سبعة أفراد. كان زين الدين زيدان مهووسا بالكرة، وعاشقا للكرة البرازيلية بالذات. اتهمته مدرّسته ذات يوم أنه يهمل دروسه بسبب (شيء تافه) كانت تعني: الكرة. ومع أنه كان يدرس جيدا، إلا أنه كان عندما يغادر المدرسة مساء، يركض إلى كرة يصنعها بالجلد ويربطها بأسلاك كثيفة، ويلعب بها لساعات وحده. مرة استدعت المدرّسة والده وقالت له: (زين الدين تلميذ خلوق ورائع ولكنه يجب أن تكلمه بأن يختار إما النجاح في دراسته وإما النجاح بلعب الكرة في الشارع)!.. حين عاد زين الدين إلى البيت وبّخه والده كثيرا. حذره إن هو أهمل مدرسته بسبب الكرة التي لن تصنع منه شيئا ولن تطعمه خبزا كما قال والده. لكنه ظل يمارس اللعب في السر. ظلت مدرّسته تعاتبه بين الحين والآخر. كان الشارع هو المكان الوحيد الذي يتسع لموهبة ذلك الطفل الهادئ والخجول. ربما لأنه الشارع نفسه الذي صنع موهبة (بيليه) قبل أربعين عاما. الشارع الذي صنع جيلا كرويا نضج على فنيات وموهبة امتزجت آليا بالظروف الخاصة لكل واحد. وزيدان كان واحدا منهم، فهو من منظور فرنسي ينتمي إلى (الجيل الثاني) وهي العبارة التي يطلقها الفرنسيون على الجزائريين الذين ولدوا في فرنسا).
زين الدين زيدان: البطل المتواضع هو الكتاب الذي صدر مؤخرا عن منشورات (أرشيبال) الفرنسية الذي حقق أكبر المبيعات عند صدوره قبل شهر. كتاب يصور الوجه الأسطوري لأفضل لاعب حمل الألوان الفرنسية في القرن العشرين، بل إن (ميشيل بلاتيني) يقف أمامه كلاعب فقط، بينما زيدان هو الذي صنع مباهج الكرة الفرنسية منذ التسعينات. يذكر الكتاب حادثة طريفة مفادها أن زين الدين زيدان ذهب إلى الجزائر في نهاية الثمانينات، ليطلب الانضمام إلى المنتخب الجزائري، لكن مدرب المنتخب الجزائري آنذاك رفض انضمامه، ليس لشيء سوى لأنه قال له: اسمع يا بني.. أنت لاعب ثقيل في تحركك بالكرة ونحتاج اليوم إلى لاعب خفيف. نتمنى لك التوفيق... !. ذكر زيدان تلك الحادثة لمجلة (باري ماتش) وهو يضحك.
قال إن مدير المنتخب الجزائري أعطاه دفعا كي يؤكد للجميع أنه لاعب جيد ومميز وتاريخي أيضا، وكان انضمامه رسميا بعدها إلى المنتخب الفرنسي ليصنع معه أجمل اللحظات التاريخية في كأس العالم عام 1998م، عندما فازت فرنسا بتلك الكأس للمرة الأولى، بعد أن سجل زيدان هدفين تاريخيين في مرمى البرازيل.
كان نجم زيدان كبيرا في فرنسا التي استغلته واستثمرت نجوميته في توزيع الملايين من الصور الجدارية الكبيرة التي تحمل صورته، وفي توزيع الملايين من القمصان الرياضية التي تحمل صورته أيضا. كانت سنة 98 من أجمل أعوامه على الإطلاق.
يقول الكتاب: يستعرض الكتاب أيضا بطولة أمم أوروبا الأخيرة التي فاز فيها منتخب فرنسا على الفريق البريطاني، بفضل هدفين سجلهما زين الدين زيدان في ظرف دقيقتين فقط.
قال الكتاب: إن الصحف البريطانية نشرت في اليوم التالي وعلى صدر صفحاتها الأولى كاريكاتير عليه صورة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وهو يصرخ: أكره جاك شيراك وأكره زين الدين زيدان!
بينما الصحف الفرنسية كتبت: ليس كل العالم عنده زين الدين زيدان، فهو الذي استطاع أن يهزم بريطانيا برجله!! الجانب الإنساني من زين الدين زيدان لا يختلف عنه جانبه الرياضي، فهو شخص هادئ لا ينفعل بسرعة. يحب الإصغاء إلى الآخرين ولا يتكلم كثيرا. يعيش حياة عادية مع زوجته الإسبانية وطفليه الصغيرين.
يقول عن نفسه: أحب حياة الأسرة، فأنا ترعرعت في أسرة تتكون من سبعة أفراد، أسرة جميلة ومتماسكة جعلتني أحلم بأن تكون لي أسرتي الخاصة التي أريد أن أربيها على حب الخير وحب الغير أيضا..
... قرار النجم الدولي زين الدين زيدان اعتزال الملاعب الدولية كان مفاجئا ومنتظرا، مفاجئا لأن اللاعب الذي لا يتجاوز عمر 31 سنة ما زال قادرا على العطاء، ومنتظرا لأن زيدان أبدى إحساسه بالتعب. قال إن الكرة سرقته من أسرته وأنه حان الوقت لأن يعطي نفسه ووقته لابنيه ولأسرة يريد ألا يحرمها من وجوده فيها.
كتبت جريدة اللوموند في صفحتها الأولى: زين الدين زيدان بطلنا إلى الأبد... وهي الجملة التي قالها جاك شيراك لزيدان بعد إعلان خبر اعتزاله الكرة دوليا، يقول الكتاب.
|