أكدت مصادر مطلعة في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي مؤخراً أن اللجنة الفنية للاتحاد النقدي الخليجي قد أبدت قناعتها بإنشاء البنك المركزي الخليجي منتصف عام 2006م بحيث يتولى إدارة السياسة النقدية الموحدة على أن يتم الإبقاء على البنوك المركزية الحالية؛ لتنفيذ سياسة البنك المركزي الخليجي.
ما من شك أن إنشاء هذا الاتحاد النقدي الموحّد بين دول المجلس إنما يعتبر مرحلة متقدمة من مراحل التكامل الاقتصادي الذي تسعى دول المنطقة لتحقيقه منذ إنشاء المجلس، ويعني إنشاء هذا الاتحاد أن يتم إعداد وتنفيذ ومراقبة السياسة النقدية من خلال مؤسسة نقدية مركزية (البنك المركزي الخليجي). الجدير بالذكر أن المرحلة الأصعب في سبيل إنشاء هذا الاتحاد إنما تتمثل في اتفاق دول المجلس على عملة نقدية موحدة تستخدم في التداول والتكامل الإقليمي والعالمي؛ لتحل محل الوحدات النقدية لدول المجلس؛ مما يعني أن كلّ دولة ستكون ملزمة بالتضحية بنظامها النقدي المتعلق بسياسة صرف عملتها، والإحلال بدلاً من ذلك بنظام وسياسة صرف مركزية تابعة للاتحاد النقدي الموحد بين دول المجلس.
هناك العديد من المكتسبات التي ستجنيها دول المجلس من جراء إنشاء الاتحاد النقدي الخليجي؛ ومن ثم التوصل لعملة خليجية موحدة، ومن تلك المكتسبات أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع حجم الناتج المحلي لدول المجلس، وكذلك ارتفاع حجم التجارة البينية، سواء فيما بين دول المجلس أو مع العالم الخارجي. كما سيؤدي ذلك لزيادة تدفق رؤوس الأموال بين دول المجلس؛ حيث سيتمكن المواطن الخليجي من الحصول على قروض من البنوك التجارية في أي دولة من دول المجلس الأخرى، إذا لم تتوافر السيولة في بلده الأصلي، كما سيؤدي ذلك لزيادة الاندماج بين بنوك دول المجلس.
السؤال الأهم هنا هو: هل كلّ دولة من دول المجلس لديها الاستعداد للتنازل عن جزء من سياستها الاقتصادية؟ حيث إن إنشاء هذا الاتحاد النقدي، والتوصل إلى عملة خليجية موحدة سيعنيان تخلي كل دولة عن سلطة رسم وتنفيذ السياسة النقدية الخاصة بها. وإذا كان قيام ذلك الاتحاد النقدي الموحد سيتطلب بعض التكلفة من كلّ دولة من دول المجلس في المراحل الأولى من إنشائه، فهل لدى دول المجلس الاستعداد لتحمّل تلك التكلفة، خاصة أن نجاحها يتطلب التقارب من خلال التنسيق في سياساتها النقدية والمالية والاقتصادية وإنشاء الكيانات النقدية اللازمة لتحقيق ذلك؟
|