يوم تم وقف المعارك في النجف ذكرت في هذه الزاوية أن معارك النجف هي البداية، وان مناطق ومدنا عراقية ستشهد مواجهات دامية يراد لها أن تكون حاسمة، فالادارة الأمريكية التي تحاصرها الانتخابات الرئاسية القادمة تسعى بالضغط على الحكومة العراقية التي تواجه هي الأخرى اختباراً صعباً لاثبات قدرتها في تنفيذ (الأجندة) الموضوعة لها، ولا يمكن لهذه الحكومة أن تنفذ ما هو مطلوب منها ما لم يستتب الأمن في جميع أرجاء العراق.
وكون الرغبة والظروف والمصالح التي تجمع الأمريكيين والحكومة العراقية في فرض الأمن فقد عزمت القيادتان على حسم الوضع أمنياً قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية وقبل الانتخابات العراقية القادمة وبما أن موعد الانتخابات لا يفصل بينهما سوى شهر واحد -فالأمريكية ستتم في تشرين الثاني (نوفمبر) والعراقية في كانون الثاني (يناير)- ولذلك فإن الفترة التي اندلعت بها معارك النجف وحتى الشهر الذي سيسبق الانتخابات الأمريكية ستكون دامية وحافلة بالمعارك على أرض العراق لتصفية (جزر الانفلات الأمني).
البداية كانت في النجف، والتي -الى حد ما- عاد الهدوء إليها وأصبح للسلطة وجود.. أما باقي الجزر فهي التي تغيب السلطة العراقية عنها والتي يسيطر عليها (المعارضون) الذين يشكلون خليطاً غير متجانس، يمكن تصنيفه حسب المواقع الجغرافية، والنفوذ المذهبي والاثيني.
في البداية أين هي مواقع المقاومين أو المعارضين أو المتمردين؟.
للاجابة على هذا السؤال يجب الاشارة بأن المقاومة أو التمرد لم يتوقف أصلا كي ينفجر ثانية، فالمقاومة السنية والشيعية استغلت العواطف المناوئة للولايات المتحدة الأمريكية والغضب من الحكومة العراقية المؤقتة لكسب مؤيدين وأنصار جدد وتفجير القلاقل التي تجد استجابة عفوية في ظل البطالة وتفشي الفقر وعجز الحكومة عن تحقيق المطالب البسيطة للسكان، وهدف المقاومة ومعارضي الحكومة اظهار حكومة علاوي بأنها عاجزة عن تحقيق الأمن، ولذلك فإن رقعة المواجهة لم تظل في المواقع التقليدية السابقة كالنجف التي أمكن معالجتها مؤقتا، بل امتدت الى خارج مدينة الصدر بالنسبة للشيعة لتصبح الناصرية والعمارة والكوت والبصرة مرشحة في أي وقت للتفجير.
وبالنسبة للسنة فالأمر لم يبق محصوراً في الفلوجة والرمادي، بل امتد الى تل عفر في محافظة نينوى قرب الموصل التي تذكر التقارير ان المدينة بأكملها يسيطر عليها مقاتلون يشكلون خليطاً من (المجاهدين) العرب وغير العرب وعراقيين من أنصار النظام السابق، وبعض أبناء العشائر الناقمين على الحكومة المؤقتة.
بالاضافة الى تل عفر ظهرت مدينة جديدة على خارطة المقاومة اسمها اللطيفية، وهذه المدينة التي جميع سكانها من السنة تقع في محيط شيعي وأهميتها تكمن بأنها تقع على الطريق بين بغداد ومدن النجف وكربلاء والكوفة، ولهذا فقد استعملها المقاومون السنة لاقامة كمائن لخطف وقتل معارضيهم من السياسيين الشيعة المتعاونين مع الاحتلال كما حصل مع أحمد الجلبي. وهكذا ظهرت أسماء جديدة على خارطة المقاومة العراقية، فبالاضافة الى تل عفر واللطيفية هناك الخالدية لتشكل هذه المدن مواقع قادمة لمعارك دامية مثلها مثل الفلوجة والرمادي وسامراء وتكريت والعوجة وضواحي كركوك، مما يحول ما كان يسمى بالمثلث السني الى دائرة تتسع باتجاهي الغرب والشمال في العراق.
غداً العلاقة بين المقاومة السنية والشيعية
|